في المستقبل القريب سوف يتم إنشاء دارين للأوبرا في المملكة، واحدة في جدة والثانية في الرياض، هذا بالإضافة إلى مسرح «الملك فهد الثقافي»، الذي تقام فيه عروض متعددة. إن إنشاء هاتين الدارين، سوف يسهم -دون شك- في إحداث نقلة نوعية في الحياة الثقافية، وإغناء محتوى ومضمون هذه الحياة في بلدنا الوثاب الذي يتطلع للرقي والتقدم والازدهار في ظل الإصلاحات التي يقودها ولي العهد. إن الفن الأوبرالي، يعتبر من أرقى أنواع الفنون الموسيقية، ولذلك سوف يجد محبو وهواة هذا النوع من الفنون فرصتهم للاستمتاع بالعروض التي سوف تقدمها دارا الأوبرا في الرياضوجدة. طبعاً مسرح «الملك فهد الثقافي» بفخامته كان يسد هذا النقص ويفسح المجال، شأنه شأن العديد من مسارح العالم التي تقدم العروض الأوبرالية بالإضافة للعروض المسرحية. ولكن إنشاء دار الأوبرا الملكية في مدينة الدرعية سوف يكون له شأن آخر، فهذه الدار يخطط لها أن تصبح بحلول عام 2028م مركزاً عالمياً للفنون المسرحية، وأن تكون من المعالم البارزة التي تدعم دور الدرعية في تشكيل مستقبل الفنون والثقافة في السعودية تماشياً مع أهداف رؤية 2030. وأنا أتذكر كيف أصابنا مس من الإعجاب ولا أريد أن أقول الجنون، عند مشاهدة العرض الأوبرالي «مجنون ليلى» في مسرح أكاديمية أذربيجان للأوبرا والباليه. فهيام قيس بليلى وعشقه لها حتى الجنون، كاد أن يصيبنا نحن المشاهدين. ولذلك أعتقد أن دار الأوبرا الملكية بالدرعية، يمكن أن تتعاون مع أرقى دور الأوبرا في العالم، وخصوصاً دور الأوبرا في البلدان التي تقدم عروضا مستمدة من تاريخنا وثقافتنا كمجنون ليلى وما شابهها. إذاً، فنحن أمام نقلة نوعية، سوف تؤدي إلى التوسع في تقديم هذا الفن الراقي في بلدنا، وهذا سوف يضع، بالتأكيد، أعباء جديدة على هيئة المسرح والفنون الأدائية، ولكن الرئيس التنفيذي لهذه الهيئة الأستاذ سلطان البازعي شخص متمرس، تمكن خلال فترة وجيزة من تحقيق العديد من الإنجازات التي حولت الفنون الأدائية إلى ركيزة أساسية في الثقافة الوطنية السعودية. وهذه الإنجازات سوف تتبلور أكثر بتأسيس أكاديمية سعودية لتخريج وتدريب العاملين في هذا الفن الراقي، ودخول المملكة إلى مجلس أمناء أعرق مسارح الأوبرا في العالم. وهذا التطور الثقافي سوف تكون له انعكاسات على السياحة من ناحيتين: الأولى أن العديد من محبي هذا الفن سوف يفضلون الاستمتاع بالعروض الأوبرالية التي سوف تقدم في الرياضوجدة بدلاً من السفر للخارج من أجل ذلك، خصوصاً إذا ما تم التوسع في تقديم عروض البالية كما ونوعاً. الثاني، أن عروض البالية في المملكة سوف تجذب لنفسها العديد هواة هذا الفن الجميل في العالم، وما أكثرهم، لزيارة المملكة والاستمتاع بالعروض التي سوف تقدم فيها.