منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- مقاليد الحكم انطلقت المملكة في مسار تحولي شامل، شمل تحديث مؤسسات الدولة وتعزيز كفاءة منظومتها الإدارية والسياسية، في إطار رؤية ترسخ قيم الحكم الرشيد والاستقرار الوطني. واستطاع سمو ولي العهد أن يرسم ملامح رؤية طموحة لدولة حديثة، تقوم على التحديث المتوازن والانفتاح المدروس، وترتكز على تعزيز الهوية الوطنية، وبناء اقتصاد قوي، وتوسيع الحضور الإقليمي والدولي للمملكة. شهدت المملكة العربية السعودية تحولات نوعية في بنية النظام السياسي، ارتكزت على بناء بيئة سياسية حديثة تتسم بالديناميكية والفاعلية، وتستجيب لطموحات الدولة والمجتمع معاً. لقد أدرك سموه أن تحقيق الاستقرار السياسي الحقيقي لا يكون فقط عبر الحفاظ على التقاليد السياسية المتوارثة، بل من خلال تطويرها لتنسجم مع متطلبات العصر وتحديات المستقبل. ومن هذا المنطلق، قاد سمو ولي العهد مشروعاً إصلاحياً شاملاً أعاد هيكلة أجهزة الدولة، وفعّل المؤسسات السياسية والرقابية لتكون أكثر شفافية ومساءلة، وأقل بيروقراطية. كما أطلق برامج نوعية عززت من مبدأ الكفاءة كمعيار للتعيينات القيادية، مع تقليص نفوذ الوجاهة التقليدية لصالح الكفاءات الوطنية المؤهلة. إعادة تشكيل الخطاب السياسي الرسمي وشملت هذه التحولات تعزيز استقلالية الأجهزة الرقابية، وتطوير منظومة الحوكمة، وتفعيل مبدأ الشفافية والمحاسبة كأساس للعمل العام. وفي ذات السياق، عمل سموه على إعادة تشكيل الخطاب السياسي الرسمي ليكون أكثر تواصلاً مع المواطن، وأكثر وضوحًا في تقديم رؤية الدولة المستقبلية، وهو ما ساهم في بناء جسور الثقة بين القيادة والشعب. كما تم تعزيز مشاركة الشباب في مراكز القرار، سواء من خلال التعيينات أو من خلال دمجهم في مجالس وهيئات استشارية، إيمانًا بدور الجيل الجديد في صياغة مستقبل المملكة، وإفساح المجال أمام طاقات وطنية شابة للمساهمة الفاعلة في صياغة السياسات العامة. ولم تقف جهود بناء البيئة السياسية المتجددة عند الداخل فقط، بل امتدت لتشمل توجهات الدولة الخارجية، التي أصبحت أكثر استباقية ومبادرة في طرح الرؤى السياسية الإقليمية والدولية. وقد أسهم ذلك في إعادة تموضع المملكة كدولة ذات ثقل استراتيجي ومرجعية سياسية في المنطقة والعالم، تلعب أدوارًا محورية في استقرار الساحة الدولية، وتعزز من حضورها في المنتديات السياسية والاقتصادية العالمية. إن هذه البيئة السياسية الجديدة التي أسس لها سمو ولي العهد تمثل نقلة حضارية تعكس توازنًا استثنائيًا بين المحافظة على القيم الأصيلة والانفتاح على أدوات التحديث، ما يؤكد أن المملكة باتت تمتلك نموذجاً سياسياً خاصاً بها، قادراً على مواكبة التحولات العالمية، دون أن يتخلى عن ثوابته الوطنية والدينية. ويجسد هذا النموذج السياسي أحد الأعمدة الرئيسة في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، ويعزز من حضور الدولة كمركز استراتيجي في النظام الإقليمي والدولي. إعادة تموضع المملكة كدولة ذات ثقل استراتيجي التحول المؤسسي والحوكمة الحديثة مثّلت رؤية المملكة العربية السعودية 2030 نقطة انطلاق نحو نموذج جديد للدولة الحديثة، قائم على الحوكمة الرشيدة والتحديث المؤسسي والتكامل بين الرؤية التنموية والتخطيط الاستراتيجي. فمنذ إعلان الرؤية رسميًا في 25 أبريل 2016م، شهدت الدولة السعودية عملية إعادة تعريف شاملة لدورها وأدائها، لم تعد فيها الدولة تُقاس فقط بقدرتها على تقديم الخدمات، بل بمدى كفاءتها المؤسسية، وشفافيتها، وقدرتها على استشراف المستقبل. ركزت الرؤية على بناء مؤسسات ذات هيكل إداري متين، قادرة على تطوير المبادرات وقياس أثرها وتحقيق أهداف واضحة تعكس جودة الحياة والتنمية الشاملة. ومن أبرز البرامج المنبثقة عن هذه الرؤية: برنامج التحول الوطني، وبرنامج التخصيص، وبرنامج جودة الحياة، والتي جاءت لتعزز الفعالية التشغيلية والمساءلة الحكومية. كما ارتكز التحول المؤسسي على تمكين الأجهزة التنفيذية عبر تقنين الإجراءات وتحديد مؤشرات أداء دقيقة، مع إشراك الكفاءات الوطنية في جميع مفاصل العمل التنفيذي. وأدّت التقنيات الحديثة دورًا جوهريًا في هذا التحول، إذ تسارعت خطوات الرقمنة الحكومية وتوسعت تطبيقات الذكاء الاصطناعي في إدارة شؤون الدولة، ما ساهم في رفع كفاءة الأداء الحكومي وتعزيز رضا المواطنين. وأصبح المواطن اليوم شريكًا لا متلقيًا، يُشارك في التنمية ويُسهم في تحقيق مستهدفات وطنية مترابطة. وفي هذا السياق، يرى الكاتب والباحث خالد العضاض أن مفهوم الدولة الحديثة يقوم على منظومة متكاملة من المرتكزات: الكرامة الإنسانية، والأمن، والمواطنة، والعدالة، إلى جانب البنية التشريعية والثقافية والاجتماعية والتنموية. ويؤكد أن المملكة عبر رؤية 2030 قد تجاوزت العقبات التقليدية، محققة قفزات نوعية بفضل حكمة القيادة وإدارتها المحترفة، ما جعلها في مصاف الدول المتقدمة خلال سنوات معدودة. يشير خالد إلى أن ما تحقق لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة منهجية دقيقة بدأت بمكافحة الفساد وتحرير الاقتصاد من الاعتماد على النفط، وتحسين بيئة العمل الحكومي. ويضيف أن هذه الرؤية ساهمت في تعزيز موقع المملكة عالميًا، من خلال مشاريع استراتيجية مثل: تحسين تجربة ضيوف الرحمن، تسجيل مواقع أثرية في اليونيسكو، إدراج مدن سعودية ضمن الأفضل عالميًا، وزيادة التنافسية الجاذبة للاستثمار. كما يعكس هذا التحول رؤية معرفية عميقة أدارتها عقول سعودية وطنية، ما جعل المملكة قوة سياسية مؤثرة، ومركزًا لصناعة القرار العالمي، ووسيطًا فاعلًا بين القوى الكبرى في حل النزاعات. ويؤكد خالد أن العلاقة بين المواطن والدولة باتت أقوى وأكثر وعيًا بالمسؤولية الوطنية، نتيجة جودة تنفيذ البرامج والتحديث المؤسسي المستمر. وفي ختام رؤيته، يؤكد أن الإصلاحات الإدارية ضمن رؤية 2030 ليست مجرد تحسينات إدارية، بل استراتيجية متكاملة تُدار بحوكمة دقيقة ومتابعة مستمرة، ضمن منظومة مترابطة تشمل الاستدامة المالية، وتطوير القطاع المالي، وجودة الحياة، وغيرها، ما يجعل من النموذج السعودي تجربة عالمية يُحتذى بها في بناء دولة ديناميكية، فعالة، ومتقدمة. الإعلام شريك في الرؤية لعب الإعلام دورًا محوريًا في المرحلة السياسية الجديدة التي دشّنها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حيث أصبح الإعلام ليس مجرد أداة ناقلة للأخبار، بل شريكًا فاعلًا في صياغة وعي المجتمع، ومعبّرًا عن توجهات الدولة الحديثة. فقد أعادت رؤية المملكة 2030 تعريف العلاقة بين الإعلام والدولة، بحيث بات الإعلام عنصرًا أساسيًا في تحقيق أهداف الرؤية، من خلال قدرته على نقل التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية بموضوعية وشفافية. وقد أولى سمو ولي العهد اهتمامًا استثنائيًا بتطوير المنظومة الإعلامية، سواء من خلال إعادة هيكلة المؤسسات الإعلامية، أو تمكين الصحفيين من أداء دورهم المهني وفق أعلى معايير الاحتراف، أو من خلال الاستثمار في البنية التحتية الرقمية للإعلام السعودي. وأصبحت وسائل الإعلام التقليدية والرقمية أداة وطنية تُسهم في تعزيز التلاحم المجتمعي، وترسيخ الهوية الوطنية، وتقديم صورة المملكة للعالم كدولة حديثة ذات مشروع إصلاحي شامل. ويرى الصحافي والمحرر السياسي عبد الهادي حبتور أن الإعلام السياسي السعودي نجح في مرافقة التغيرات الوطنية، وبرز ذلك بوضوح خلال تغطية بيعة سمو ولي العهد، حيث قدّمت الوسائل الإعلامية تغطيات شاملة لا تقتصر على الخبر العاجل، بل شملت تقارير تحليلية، ومقابلات مع شخصيات مؤثرة، ومعالجات معمّقة للقضايا المصاحبة للتحول الوطني. وأضاف أن الإعلام لعب دورًا أساسيًا في تعزيز الوعي العام بأهمية هذه المرحلة السياسية، وربط المواطن بمستقبل الدولة ومشروعها الطموح. ويشير عبد الهادي إلى أن الإعلام الرقمي عزّز التفاعل المجتمعي مع الشأن السياسي، حيث أصبح المواطن ذاته مصدرًا للمعلومة وشريكًا في نقل صورة وطنه، من خلال منصات التواصل الاجتماعي. هذا التفاعل ساهم في خلق رأي عام واعٍ، قادر على قراءة الأحداث وتحليلها، وممارسة دوره الوطني بوعي ومسؤولية. كما أتاح تطور الإعلام السعودي إبراز دور المملكة الإقليمي والدولي، من خلال تغطية المؤتمرات الدولية، والقمم، والمبادرات الكبرى التي أطلقتها الدولة في مجالات الاقتصاد، والبيئة، والوساطة السياسية. وأصبحت المملكة اليوم، بفضل هذا التقدم الإعلامي، حاضرة بفاعلية في المشهد السياسي الدولي، ما يعزز صورتها كدولة مسؤولة وذات رسالة حضارية. وفي ظل تطورات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، يتجه الإعلام السعودي نحو مرحلة أكثر نضجًا، تعتمد على إنتاج المحتوى النوعي، والتقارير التحليلية المدعومة بالبيانات، مما يرسّخ مكانته كسلطة رابعة تواكب طموح الدولة الحديثة. ويُتوقع أن يشهد الإعلام السياسي خلال الأعوام المقبلة المزيد من التخصص، والاحترافية، والتكامل مع مؤسسات الدولة، ما يجعله ركيزة استراتيجية في دعم المسار السياسي الوطني وتعزيز ارتباط المواطن بالرؤية الوطنية الشاملة. تحولات الخطاب السياسي الوطني شهد الخطاب السياسي في عهد سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تطورًا نوعيًا يعكس التحولات العميقة التي تشهدها المملكة على المستويات كافة. فقد تميز هذا الخطاب بسماته الحداثية، وصياغته المباشرة، ومفرداته الواقعية، التي تلامس طموحات المواطن السعودي وتعبّر عن ملامح الدولة الحديثة. لم يعد الخطاب الرسمي مجرد سرد للمواقف أو الدفاع عن السياسات، بل أصبح خطابًا تفاعليًا نابضًا بالحياة، يستند إلى الشفافية والوضوح ويرتبط بمشاريع التنمية والتحول الوطني. وقد حرص سمو ولي العهد على أن يكون الخطاب السياسي وسيلة لبناء الثقة بين الدولة والمجتمع، وجسرًا للتواصل مع كافة فئات الشعب، بلغة قريبة من الناس، بعيدة عن التعقيد السياسي التقليدي. لقد أعاد هذا الخطاب تعريف العلاقة بين القيادة والمواطن، وأعطى مضمونًا جديدًا لمفاهيم مثل المشاركة الوطنية والانتماء والتنمية الشاملة. وقد انعكس هذا التحول في مضمون الخطاب السياسي على توجهات الدولة داخليًا وخارجيًا، حيث بات أكثر انسجامًا مع رؤية المملكة 2030، وأكثر تعبيرًا عن الإرادة السياسية القوية لتجاوز التحديات وبناء مستقبل مزدهر. كما ساهم هذا الخطاب في تعزيز هوية الدولة الحديثة القائمة على قيم الجودة والعدالة والفرص المتساوية والعيش الكريم لكل فرد في المجتمع. يرى الأستاذ كامل الخطي، كاتب وباحث سعودي، أن من أبرز ملامح الخطاب السعودي الحديث الذي يقوده سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان هو شفافيته ومباشرته واعتماده على مفردات ومضامين تنبثق من مشروع التحديث الوطني، ويتميّز هذا الخطاب بسهولة لغته وتأثيره المتناغم بين القيادة والمواطنين، حيث بات المواطن يتلقّى هذا الخطاب بطواعية لما يتضمنه من مضامين واضحة تعزز قيم جودة الحياة والتنمية، والسلام، والأمن، والعدالة. ويشير كامل إلى أن هذا الخطاب وإن اختلف في صيغته عن خطابات الدولة السعودية الثالثة، إلا أن جوهره لا يزال مرتكزًا على الإنسان، مع وجود تحول ملحوظ في التوجه الاقتصادي، حيث تخلّت الدولة عن الاقتصاد الريعي التقليدي نحو تنويع مصادر الدخل، ما استلزم خطابًا جديدًا يواكب هذا التغيير. ويؤكد كامل أن الوعي الوطني في المملكة متجذر منذ نشأة الدولة، ولكن الخطاب الحديث رفع منسوب هذا الوعي وعزز الهوية الثقافية السعودية من خلال التركيز على عناصر الهوية المتنوعة في مناطق المملكة، ما ساهم في تعزيز الانتماء الوطني والشعور بالفخر بالتنوع الثقافي. كما أشار إلى أن هذا الإدراك العميق للتنوع كان له أثر واضح في الخطاب السياسي، إذ أصبح يُعبّر عن الوطن بكافة مكوناته. وفي حديثه عن البُعد الدولي للخطاب، يلفت كامل إلى أن التحول الوطني ورؤية 2030 صاحبهما تطور كبير في الدبلوماسية السعودية، وتنامي في توظيف أدوات القوة الناعمة، إلى جانب إدراك القيادة لعوامل التفوق السياسي والثقافي والديني للمملكة، بدءًا من مكانتها الإسلامية إلى ريادتها الثقافية. ويضيف أن هذا الوعي تجلى في الدور السعودي البارز بالوساطة وحل النزاعات، واحتضانها لعمليات السلام وتبادل الأسرى، ورعاية المجتمعات التي تعاني من الحروب. ويرى كامل أيضًا أن من أبرز تجليات الخطاب السياسي الحديث ما يتعلق بإعادة تعريف مفهوم المواطنة السعودية، ويؤكد أن إعلان يوم التأسيس يمثل تحوّلًا نوعيًا يحرر الدولة من ارتباطها العضوي بالدعوة الدينية، موضحًا أن الدولة لم تُبْنَ على قواعد الدعوة، بل إن الدعوة انطلقت من مظلة الدولة، وهذا يرسل رسالة واضحة أن المملكة دولة لكل مواطنيها بكافة تنوعاتهم. لقد أصبح الخطاب السياسي في عهد التمكين أداة للتغيير والتنمية، يعكس طموحات الدولة ورؤية قيادتها، ويمنح المواطن دورًا محوريًا في بناء مستقبل وطنه، مما يجعل منه أحد أهم مرتكزات مرحلة التحول الوطني في المملكة العربية السعودية. الثقة العالمية والسياسة الفاعلة شكّل الحضور السياسي والدبلوماسي المتنامي للمملكة العربية السعودية انعكاسًا مباشرًا للمكانة العالمية المتزايدة التي باتت تحظى بها، في ضوء السياسات الحديثة التي يقودها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. ويُعد تصدّر المملكة لمؤشر "إيدلمان للثقة" لعام 2025 بنسبة 87 % دليلًا ساطعًا على مدى التقدير الدولي للإصلاحات العميقة والتحولات الجوهرية التي تشهدها المملكة ضمن رؤية 2030. لم تعد المملكة تُرى فقط كقوة اقتصادية إقليمية، بل باتت تُقدَّم كنموذج سياسي متكامل يجمع بين الحوكمة الرشيدة والدبلوماسية المتزنة والانفتاح المدروس. لقد أثمرت الإصلاحات الداخلية، التي ركزت على الشفافية ومكافحة الفساد وتفعيل مبدأ المحاسبة، عن تعزيز العلاقة بين المواطن والدولة ورفع مستوى التفاعل السياسي والمجتمعي. كما كان للسياسات الخارجية المتوازنة التي يقودها سمو ولي العهد دور كبير في ترسيخ صورة المملكة كدولة تسعى للسلام والاستقرار، من خلال الحوار والتفاهم والالتزام بالمبادرات البنّاءة. وفي هذا الإطار، يوضح الدكتور فواز كاسب العنزي، عميد بحري ركن متقاعد وباحث في الشؤون الاستراتيجية والأمنية، أن هذا التقدم السياسي والدبلوماسي لم يكن نتيجة ظروف طارئة، بل ثمرة رؤية استراتيجية متكاملة تبنتها القيادة السعودية بروح استشرافية واعية. ويرى أن العقيدة الأمنية السعودية أصبحت اليوم أكثر شمولًا، إذ لم تعد محصورة في البعد العسكري فقط، بل باتت ترتكز على مفاهيم الأمن الاقتصادي، والأمن السيبراني، والغذائي، والبيئي، والاجتماعي. كما يشير الدكتور فواز إلى أن المملكة طورت مفهومًا جديدًا للقوة الناعمة، يتجاوز الأبعاد التقليدية، ويرتكز على الاستثمار في السلام، والدبلوماسية، والعمل الإنساني، والتواصل الثقافي. ويبرز في هذا السياق الدور الفاعل للمملكة في الوساطات السياسية، مثل جهود المصالحة بين أطراف النزاعات، والتوسط في تبادل الأسرى، ورعاية مفاوضات السلام، ما يعكس مدى الثقة التي تحظى بها المملكة دوليًا. ويؤكد أن هذه الوساطات ليست مجرد أدوات دبلوماسية، بل جزء من استراتيجية مدروسة تعزز مكانة المملكة في الخارطة السياسية الدولية، وتمنحها ثقلًا سياسيًا يعكس قدرتها على تحقيق التوازن والاستقرار في بيئة إقليمية شديدة التعقيد. كما أن هذا التقدير الدولي الواسع يُعد فرصة استراتيجية لتعزيز التحالفات الدولية، واستقطاب الاستثمارات النوعية، وتوسيع حضور المملكة في المنظمات والمؤسسات العالمية. إن السمعة المتنامية التي تحصدها المملكة اليوم ليست فقط مؤشرات في تقارير دولية، بل هي انعكاس حقيقي لنجاح مشروع سياسي وطني يقوده سمو ولي العهد برؤية طموحة واستشرافية، أسست لدولة سعودية حديثة ومؤثرة، تُوازن بين الرؤية المحلية والانخراط الفعّال في النظام الدولي. لقد شكّلت رؤية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تحولًا جوهريًا في المسار السياسي الوطني، حيث أعادت تعريف مفهوم الدولة الحديثة بمضامين مؤسسية راسخة، وخطاب سياسي شفاف، وإصلاحات إدارية عميقة عززت من فاعلية مؤسسات الدولة وثقة المجتمع فيها. وفي ظل هذا التمكين السياسي غير المسبوق، أصبحت المملكة نموذجًا ملهمًا في التوازن بين الحداثة والثوابت، ومركزًا عالميًا لصناعة القرار السياسي والدبلوماسي. إن ما تشهده المملكة اليوم من تنمية واستقرار وازدهار ليس سوى ترجمة عملية لرؤية طموحة تقودها قيادة مؤمنة بالتحول، ومجتمع شريك في صناعة المستقبل، وها هي ذكرى البيعة تجدد هذا العهد الوطني بين القيادة والشعب، وتؤكد أن السعودية تسير بثبات نحو مستقبل أكثر إشراقًا وريادة في مختلف المجالات.