مع إطلاق رؤية السعودية 2030، دخلت المملكة مرحلة غير مسبوقة من التحول الاستراتيجي، وبهذا التحول الاستراتيجي المعتمد على وضوح الرؤية وتحديد الأهداف. ورؤية 2030 لم تكن مجرد خطة تنموية، بل وثيقة استراتيجية شاملة، فبعد سنوات من بناء القدرات والتخطيط والاستعداد، بدأت المملكة فعلياً مرحلة صناعة المستقبل، حيث تُنفذ المشاريع الكبرى وتُحدث تغييرات جذرية على مستوى الدولة والمجتمع والاقتصاد. والتحول في المملكة وضع رؤية موحدة تربط كل القطاعات والمؤسسات بأهداف واضحة وقابلة للقياس، وكان التحول من اقتصاد أحادي إلى اقتصاد متنوع، وقبل الرؤية كان الاقتصاد يعتمد على النفط بنسبة كبيرة. ومع رؤية 2030 تم إطلاق برامج ضخمة لتنويع مصادر الدخل، وتم إنشاء قطاعات جديدة مثل: الترفيه، السياحة، الطاقة المتجددة، التقنية، فأصبح التحول من اقتصاد ريعي يعتمد على مورد واحد، إلى اقتصاد متنوع يقوده الاستثمار، الابتكار، وريادة الأعمال. وساهم ذلك التغيير في هيكل الدولة وآليات العمل فتم إعادة هيكلة الوزارات، وإنشاء كيانات جديدة مرنة وأكثر تخصصًا. «تطوير واستراتيجية» وأصبحت المملكة من بين الدول الرائدة في تقديم الخدمات الحكومية الرقمية، حيث تم إطلاق العديد من المنصات الإلكترونية مثل: أبشر وتوكلنا وصحتي. وتم تأسيس الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA) وتطوير استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي، ما ساهم في تعزيز مكانة المملكة في هذا المجال، وإحداث مشاريع كبرى في تعزيز مكانة المملكة مثل: نيوم، حيث تم طلاق مشروع نيوم كمدينة مستقبلية تعتمد على التقنيات الحديثة والطاقة المتجددة، وبدأت مراحل البناء والتطوير فيها. وتقدم كبير في تطوير مشروع القدية كوجهة ترفيهية ورياضية وثقافية. وكذلك تطور ملحوظ في مشروع البحر الأحمر كوجهة سياحية فاخرة على ساحل البحر الأحمر، مع التركيز على الاستدامة البيئية. وتم التحول من بيروقراطية ثقيلة إلى دولة ممكنة تعتمد على الكفاءة والحوكمة والنتائج، وتعمل على توجيه التنمية نحو الإنسان وليس فقط الاقتصاد، وتم إطلاق برامج مثل: جودة الحياة، تنمية القدرات البشرية، تمكين المرأة والشباب. «رؤية طموحة» ونجاح مرحلة صناعة المستقبل في المملكة العربية السعودية جاء نتيجة رؤية طموحة، تنفيذ فعّال، وتحول جذري في طريقة إدارة المشاريع والتخطيط الاستراتيجي. وكان هذا النجاح مفاجأة للعالم لعدة أسباب رئيسية وهي: أن (رؤية السعودية 2030) واضحة وطموحة فقد وضعت أهدافًا جريئة غير تقليدية، مثل تنويع مصادر الدخل، وتمكين الشباب، والتحول الرقمي، ما أعطى دفعة قوية لكل القطاعات للتحرك نحو المستقبل. وتنفيذ مشاريع نوعية عالمية لم تكن مجرد مشاريع تنموية، بل كانت تصورًا مستقبليًا للحياة الحضرية والسياحة والاقتصاد، وهو ما لفت أنظار العالم، خصوصًا أن بعضها بدأ يتحقق على أرض الواقع. كما أن التحول الرقمي والتقني، والاعتماد على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، والتحول الرقمي في الحكومة والقطاع الخاص، جعل المملكة ضمن الدول المتقدمة في هذا المجال، وهو ما لم يكن متوقعًا بهذه السرعة. كما أن الانفتاح الثقافي والاقتصادي فتح الأبواب أمام العالم وأظهر وجهًا جديدًا ومختلفًا للمملكة. وكل ماسبق يدعمه الاحترافية في التنفيذ، وهذا ما فاجأ العالم حقًا فسرعة الإنجاز ودقة التنفيذ كانت مذهلة، وتجاوزت ماكانت عليه بعض الدول التي تضع استراتيجيات لعقود دون تطبيق فعلي، ونجحت المملكة في تحقيق نتائج ملموسة خلال سنوات قليلة فقط. وتحسن ترتيب مؤشر التنافسية للمملكة في مؤشر التنافسية العالمية، ما يعكس التقدم في بيئة الأعمال والبنية التحتية، وهذا التحسن ملحوظا في ترتيب المملكة، نتيجة للاستثمارات في البحث والتطوير والتعليم. وهذه التحولات تعكس التقدم الكبير الذي حققته المملكة في مختلف المجالات ضمن إطار رؤية 2030. «تنمية شاملة» وبالتحول لم تعد التنمية اقتصادية فقط، بل شاملة تمس حياة كل فرد. وتم اقتحام مجالات جديدة بثقة، ودخلت المملكة مجالات لم تكن حاضرة سابقًا على المستوى المحلي أو العالمي مثل: الفضاء، السينما، الألعاب الإلكترونية، ريادة الأعمال العالمية، الذكاء الاصطناعي. وتم التحول من دولة محافظة على المسار التقليدي، إلى دولة صانعة للمستقبل تتفاعل بثقة مع التحديات العالمية، وتم تفعيل أدوات القوة الناعمة عبر الثقافة، والفنون، والرياضة، والاستثمار في السياحة والمواسم، وبدأت المملكة تُشكّل صورتها الجديدة أمام العالم. وتم التحول بالمملكة من صورة نمطية إلى هوية ديناميكية حديثة تعبّر عن طموح شعب وتوجه قيادة. ومع إطلاق رؤية 2030، دخلت المملكة في مرحلة تحوّل استراتيجي شامل مسّ بنية الدولة، وطبيعة الاقتصاد، ودور المواطن، موقع المملكة إقليميًا وعالميًا، وهو ما جعل هذا التحول غير مسبوق في تاريخها الحديث. ورؤية 2030 لم تغيّر فقط الداخل السعودي، بل أعادت رسم موقع المملكة على الخريطة الدولية من دولة نفطية تقليدية إلى قوة اقتصادية واستراتيجية شاملة، ومن لاعب في محيطها الإقليمي إلى صانعة للقرار العالمي في قضايا المناخ، الطاقة، والاستثمار. وتأثير التحول الاستراتيجي الشامل الذي قادته المملكة من خلال رؤية السعودية 2030 كان عميقاً ومباشراً على موقعها إقليميًا وعالميًا. وتلخص هذا التأثير في المحاور التالية، أولاً: التأثير الإقليمي قيادة نموذج التنمية في المنطقة، فأصبحت المملكة نموذجًا يُحتذى به في التخطيط الاستراتيجي وإدارة التحول الوطني. وهناك دولاً عديدة بدأت بتطوير رؤى مستوحاة من التجربة السعودية، والنتيجة أن السعودية لم تعد فقط دولة مؤثرة اقتصاديًا، بل أصبحت مرجعية فكرية وتنموية في العالم العربي. «صدارة وابتكار» وساهم التحول في بروز المملكة كمركز للاستثمار والتقنية، فمشاريع مثل نيوم وذا لاين وضعت المملكة في صدارة الابتكار العمراني والتقني إقليميًا، وتم استقطاب كبرى الشركات والمؤتمرات العالمية التقنية إلى الرياضوجدة والظهران. وبذلك أصبحت المملكة بيئة جذب للمواهب والمستثمرين على مستوى المنطقة، وتم العمل على تعزيز الدور السياسي والدبلوماسي ومع القوة الاقتصادية الجديدة، باتت الرياض تُمارس دبلوماسية فاعلة في الملفات الإقليمية، وقيادة المبادرات وجهود الوساطة السياسية في المنطقة، ما جعلها تصبح صوتًا مرجعيًا في أمن واستقرار المنطقة. وأصبح لها تأثير عالمي من خلال التحول إلى لاعب اقتصادي عالمي، وتضاعفت أصول صندوق الاستثمارات العامة (PIF) ليصبح من أكبر الصناديق السيادية في العالم، وتم الاستثمار في شركات دولية كبرى وقطاعات جديدة كالرياضة والترفيه والطاقة المتجددة. ما جعل المملكة تصبح مؤثرًا في حركة الأسواق العالمية، لا سيما في التكنولوجيا والطاقة. وتولت المملكة قيادة قضايا المستقبل بإطلاق مبادرات السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر ما جعل المملكة لاعبًا رئيسيًا في ملفات المناخ والاستدامة، واستثمار كبير في الذكاء الاصطناعي، الفضاء، والاقتصاد الرقمي حولها من دولة نفطية تقليدية إلى دولة تصنع وتشارك في أجندة المستقبل العالمي. كما عملت على تعزيز القوة الناعمة بتنظيم أحداث عالمية مثل: فورمولا 1، وكأس السوبر الإسباني، مهرجان البحر الأحمر السينمائي. وإطلاق مواسم ثقافية وفنية تعكس هوية ضارية سعودية جديدة، لتعيد المملكة بذلك تعريف صورتها العالمية، وتبني قوة ناعمة مؤثرة وجاذبة. «تحولات استراتيجية» ومن أهم التحولات الاستراتيجية تنويع الاقتصاد عبر الاستثمار في السياحة، التقنية، الطاقة المتجددة، الترفيه، والتعدين، والتحول من الدولة المركزية إلى الدولة الممكنة، فمن اعتماد أغلب القطاعات على الدولة في التوظيف والتمويل، فقد تم تمكين القطاع الخاص من خلال الخصخصة، والشراكة بين القطاعين العام والخاص، ومن أمثلة ذلك: تخصيص قطاعات الصحة والمياه والتعليم، وزيادة جاذبية بيئة الأعمال، ومن الاعتماد على الخارج إلى بناء القدرات الوطنية واستيراد معظم التقنيات والخبرات من الخارج. فقد تم توطين الصناعات، وتدريب الكفاءات الوطنية، وتشجيع الابتكار المحلي بإطلاق برنامج تنمية القدرات البشرية، ومبادرات توطين الصناعات الدفاعية والطاقة. ومن المحافظة الاجتماعية إلى الانفتاح المتوازن، فسابقاً كان هناك قيود على الترفيه والثقافة والسفر، أما الآن فقد انتشر الانفتاح الثقافي والاجتماعي ما يعزز جودة الحياة ويعزز الهوية الوطنية ومن أمثلة ذلك: موسم الرياض، تمكين المرأة، ودخول الشباب والنساء إلى مجالات جديدة. وأبرز التحديات خلال الانتقال مقاومة التغيير الثقافي، فبعض فئات المجتمع واجهت صعوبة في تقبل التغيرات الاجتماعية والثقافية. وتم التعامل مع هذا التحدي بحكمة عبر التدرج، والتوعية، وربط التغيير بالقيم الوطنية، والتوازن بين السرعة في الإنجاز والجودة. والطموح الكبير قد يصطدم بتحديات التنفيذ وضبط الجودة، وتم تجاوز ذلك بإنشاء كيانات متخصصة، ورقابة عالية المستوى على المشاريع، والتحولات الاقتصادية العالمية، وتقلب أسعار النفط، وجائحة كورونا، والتوترات الجيوسياسية التي أثرت على النمو. وواجهت المملكة هذه التحديات بتنويع مصادر الدخل وتطوير إدارة المخاطر الاقتصادية من خلال: بناء الكفاءات الوطنية ، فكان بالسابق هناك نقص في الكفاءات المؤهلة لبعض القطاعات الجديدة، وأُطلقت برامج مكثفة للتدريب والتأهيل والمنح، مع شراكات مع جامعات ومراكز عالمية. ومن أبرز الفرص التي صنعتها المملكة جذب الاستثمارات العالمية عبر مشاريع مثل نيوم، البحر الأحمر، والقدية، وأصبحت المملكة وجهة استثمارية واعدة، كما تم التحول إلى مركز لوجستي عالمي من خلال مبادرات تطوير الموانئ، والمطارات، وعززت الطرق موقع المملكة كمحور للتجارة الدولية.. ومن أبرز الفرص أيضا: الريادة في الطاقة النظيفة، واستثمارات ضخمة في هذا المجال.