في زمن التحديات والتنافسية، لم يعد الاعتماد على الأداء العادي كافيًا لضمان الاستمرار والنجاح. بل أصبح "التميز المهني" ضرورة استراتيجية لكل فرد ومؤسسة تسعى إلى التقدم والريادة. فالتميز ليس مجرد سلوك عابر أو اجتهاد وقتي، بل هو ثقافة متكاملة وأسلوب حياة يجب أن يُغرس في النفوس منذ المراحل الأولى في التعليم والعمل. واليوم ونحن نشهد تحولات كبيرة ونوعية تتطلب المزيد من التركيز والعمل، فالتميز المهني ليس مجرد القدرة على أداء العمل بأعلى درجات الكفاءة والجودة، بل الحرص المستمر على الإبداع، والتطوير للمهارات، والالتزام بالأخلاقيات المهنية. ويتجاوز التميز حدود الواجب الوظيفي، ليصل إلى الابتكار وتحقيق القيمة المضافة في كل ما يقوم به الفرد. تحدثت في المقال السابق عن الاستدامة كمسؤولية، وأجد أن سلسلة الالتزام المهني تتطلب المزيد من الحديث عن الريادة الشخصية والمؤسسية، فالفرد المميز يساهم في رفع أداء المؤسسة، مما يجعلها قادرة على المنافسة والابتكار. وبلا شك إن المؤسسات التي تتبنى التميز تسهم في بناء مجتمعات أكثر تطورًا واستقرارًا. ولا يمكن تصور قوة تأثير التحول الرائع الذي نحياه اليوم ونشاهده في كل جوانب حياتنا. الإدارة هي التنبؤ، هكذا قال إدوارد ديمنغ فالإدارة الفعالة تعتمد على تحليل الاتجاهات والتخطيط المستقبلي؛ وهو أيضاً من قال: "لا يمكنك إدارة ما لا يمكنك قياسه"، وتأمل في حال الأفراد الذين لا يضعون لأنفسهم ضوابط ومعايير محددة وعالية ستجد أن من خططوا سبقوهم بمراحل. غير ديمنغ طريقة تفكير العالم في الإدارة وهو الأب الروحي للجودة الشاملة والتميز وأدواتها. ولديه العديد من المبادئ التي ساهمت في إحداث تحولات هائلة في علم الإدارة الذي يسير في خط مواز لكل ريادة أو تفوق شخصي أو مجتمعي. وأجد أن الاستفادة من هذه الأفكار تخدم المهتمين بالإدارة والعمل على حد سواء، والتغيير المهني يتطلب سعياً وتنبؤاً بالقادم، فالبقاء في مساحة الظل لن يضمن لك النجاة من الاحتراق المهني. أخيراً، تركز الكثير من الأبحاث والدراسات على كيفية تحقيق التميز ودورنا كمجتمع أن نتهيأ للقادم، التميز ببساطة "رحلة لا وجهة" مستمرة ومتطورة، تتطلب التزامًا طويل المدى من الجميع. كل المنظومات التي تسعى للبقاء والنمو في بيئة سريعة التغير يجب أن تجعل التميز نهجًا استراتيجيًا مع ضرورة التمكين والابتكار المستمر.. دمتم بخير.