عندما تحدّث الناقد الأدبي (رولان بارت) في (درس السيميولوجيا) عن هذا العلم ذكر بأنه «علم الدلائل»، ويكاد أن يتفق أكثر النقاد على أن السيميائية علم يدرس أنساق العلامات، والأدلة، والرموز، وما توحي إليه، ومن هنا تهتم (السيميولوجيا) بالأنظمة اللغوية، وغير اللغوية، كما تبحث عن الدلالة، والمعنى، وقد ذكر نقّاد العلاماتية أن «إحدى السمات المحددة للإشارات عند السيميائيين هو أن مستخدميها يعتبرونها (نائبة عن) الأشياء، أو ممثلة لها»؛ ولذلك تدخل سيميائية العُملات النقدية ضمن سيميائية الأشياء؛ فالعملة النقدية بوصفها رمزاً ماليّاً تحمل في نسقها دلالاتين: الأولى ورقيّة، وهي تلك الورقة التي نحملها ونتبادلها، والثانية قِيَمية ترمز للبيع والشراء، والتبادل التجاري، والمستوى الاقتصادي. والريال السعودي هو أحد العملات النقدية التي ترمز للعملة الوطنية في المملكة العربية السعودية، وقد صدر الريال السعودي بوصفه عملة رسمية في عهد الملك المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيّب الله ثراه- وذلك في عام 1346ه؛ أي أن عمر الريال السعودي الآن مائة عام، مرّ فيها بكثير من التطور الورقي، والمعنوي، فكان شكله الورقي متصاعداً، وكذلك كانت قيمته الاقتصادية متنامية، إلى أن وصل اليوم منزلة عالية مع انضمام المملكة إلى قائمة الدول العشرين الأكبر اقتصاداً في العالم. وقد اعتمد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -أيده الله- رمز الريال السعودي في خطوة تاريخية تهدف إلى تعزيز هوية العملة الوطنية على المستوى المحلي والإقليمي، والدولي، والتأكيد على الانتماء الثقافي، والتاريخي، وترسيخ الثقة بقيمة العملة الوطنية لإدماجها في السوق العالمية مع اقتصادات الدول العشرين، لا سيما وقد صُمِّم الريال السعودي تصميماً فاخراً وفقاً لأعلى المعايير الفنية التي ترمز إلى ثقافة المملكة، وتراثها العريق، وتاريخها الشامخ، حيث يشكّل رمز العملة الوطنية (ريال) بخطه العربي الجميل بُعدًا لغويًّا عميقًا، وهو ما يجعله مناسبًا للتداول، والتناول، والتعاملات المالية المتنوعة. ولهذا فإننا إذا عدنا بالريال السعودي إلى جذوره التاريخية، وامتداده الجغرافي، فإنه بمقدورنا القول: إنه نابع من عمق اللغة العربية، كاشف عن صلته بها، وارتباطها به، فهي اللغة الخالدة التي أضحت وما زالت إحدى اللغات الأهم في العالم منذ قرون طويلة، ومن هنا كان الخط العربي الذي يزيّن رمزية الريال الجديدة مفصحاً عن تلك الهوية الثقافية المستوحاة من اللغة العربية، وخطوطها الأنيقة، وهو ما يمنح التصميم هيبةً وجمالاً، فأما الهيبة فلقيمته السوقية، ومكانته الاقتصادية، وأما الجمال فلجذوره التاريخية، وعمقه الثقافي. ويتشكّل التصميم من الأحرف العربية: (الراء، والياء، والألف، واللام)، ويأتي حرف الراء بخط عرضي مائل قليلاً إلى جهة اليسار، ويقطع حرف الألف واللام بشكل توسطي، مع صعود حرفي الألف واللام إلى الأعلى بخطين متقاربين يرمزان إلى قيمة الريال المتطورة، كما يكشف حرف الياء بخطه العرضي المائل إلى جهة اليسار قليلاً لوناً من التقدم والاستمرار، وتؤكد نقاط الحرف التي استوحيت من خط الرقعة مساراً موازياً؛ ليُلمِح إلى الانطلاق، وفي ذلك بعد تنافسي لما سيؤديه الريال السعودي من السير على منوال العملات النقدية العالمية الأخرى ومنافستها، ويؤيد ذلك المعنى حرفا الألف واللام اللذان يصعدان بشموخ نحو الأعلى، كما يتناسب الميل إلى اليسار في التصميم مع نظام العملات النقدية العالمي الذي يعتمد القيمة العددية نحو اليسار لجميع اللغات، مع ترك مسافة قليلة بين الرقم، والرمز.