قبل نشأة المحاكم وكتابات العدل في بلادنا كان تملك الأراضي والعقارات يتم عن طريق كتابة وثائق بخط اليد، يتم فيها ذكر مكان العقار وأطواله التي كانت بالذراع، أي ذراع اليد وطريقة الحصول على العقار إمّا بطريق الإحياء أو وضع اليد أو البيع أو الشراء، ويتولى كتابة تلك الوثيقة من يظهر عليه سمات الصلاح والورع، وغالباً ما يكون إمام جامع البلد أو الحي في البلدان الكبيرة أو القاضي أو المعلم، وتذيل تلك الوثيقة بكتابة أسماء شهود حضور الحال وشهادة الكاتب أيضاً وذكر التاريخ الهجري وتختم الوثيقة بختم الكاتب الذي يحمل اسمه كتوقيع على تلك الوثيقة، وتسمى تلك الوثيقة «حجة استحكام»، وبعد افتتاح المحاكم وكتابات العدل وضع الملك عبدالعزيز -رحمه الله- اللبنة الأولى في تأسيس القضاء وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، فبعد توحيد المملكة تم تأسيس رئاسة قضاة واحدة في المنطقة الغربية بمكة المكرمة بتاريخ 24 / 7 / 1344ه، ومن بعد ذلك التاريخ توالى افتتاح المحاكم وكتابات العدل في مدن المملكة كافة حتى صدر الأمر الكريم في عام 1382ه بإنشاء وزارة العدل لتشرف على المحاكم وتلبي احتياجاتها المالية والإدارية، وقد باشرت الوزارة أعمالها ومهامها عام 1390ه، وعند افتتاح البلديات وكان أولها «نظام أمانة العاصمة والبلديات» عام 1357ه وهو أول نظام مستقل تناول البلديات بشكل قائم بذاته، واشمل الأنظمة التي أصدرها الملك عبدالعزيز في مجال البلديات، بعد ذلك توالى افتتاح العديد من البلديات في مدن وبلدان المملكة كافة، وأنشئت وزارة البلديات والإسكان عام 1395ه - 1975م بتاريخ 8 /10/ 1395ه، وأُوكِلتْ إليها مسؤولية التخطيط العمراني لمدن المملكة، حيث تولت عملية تنظيم الشوارع وتوسعتها ونزع ملكية العديد من البيوت وخصوصاً الطينية من أجل شق الشوارع. تخطيط المناطق أعقب ذلك تخطيط المناطق العشوائية، وتم توجيه ملاّك البيوت إلى كتابات العدل والمحاكم من أجل استخراج صكوك تحل محل حجج الاستحكام، بعد إعادة ضبط أطوال الأراضي والبيوت بالمتر بدلاً من الذراع، وذكر المساحة الإجمالية وحدود الأراضي بكتابة جار كل قطعة من كل الجهات من بيوت أو شوارع، كما تم توزيع الأراضي السكنية على المواطنين مجاناً في كافة مدن وبلدان المملكة وانتشرت الأحياء السكنية الحديثة، واستمرت كتابات العدل والمحاكم في إصدار الصكوك للمواطنين في تلك الأحياء، ومع تقدم الزمن وتطور الأنظمة فقد صدر قرار مجلس الوزراء رقم 42 بتاريخ 9 / 2 / 1423ه بالموافقة على نظام التسجيل العيني للعقار بالصيغة المرفقة، وقد أعد مشروع مرسوم ملكي بذلك، وفي عام 2017 م تأسست الهيئة العامة للعقار لتنظيم النشاط العقاري غير الحكومي، والإشراف عليه، وتطويره بهدف تعزيز وتشجيع الاستثمار في القطاع العقاري، وتحقيق مستهدفات الاستراتيجية الشاملة للقطاع العقاري، والمتضمن الموافقة على تنظيم الهيئة العامة للعقار. برنامج رقمي وفي ظل التطوير الذي تسعى إليه وزارة العدل بالاستفادة من التقنية والتقدم التقني فقد اعتمدت الوزارة برنامجاً رقمياً رائداً لحفظ الثروة العقارية، حيث يمر تحديث الصك بإدخال معلومات الصك في النظام الإلكتروني بعد مراجعته وتدقيقه من حيث الإجراءات الشرعية والنظامية، ليكون الصك جاهزًا حال طلب الإفراغ والتي تتم خلال 10 دقائق، وعملت الوزارة على السماح لحاملي الصكوك القديمة بتحديثها آلياً، من خلال نظام متخصص «نظام الثروة العقارية» مما أسهم في تبسيط وتسريع الإجراءات، ويتضمّن تحديث النظام الإلكتروني تسلّم الصك من قبل المستفيد والتحقق من سريان مفعوله، ثم يتم العمل على إدخال بياناته في النظام، ويُستخرج ضبط للتحديث يؤخذ فيه توقيع صاحب الصك أو وكيله، وبعد طباعة الصك المُحدث يهمش على أساسه وسجله بمضمون ذلك. ربط آلي ومن مزايا الصكوك الإلكترونية التي عملت وزارة العدل على تحديثها تسهيل العملية التوثيقية من خلال الربط الآلي، وإمكانية البيع والشراء في ذات الوقت الذي يتم فيه الانتهاء من إفراغ الصكوك، والحد من ازدواجية إصدار الصكوك، وتوحيد الصكوك في شبكة إلكترونية موحدة، إلى جانب الإسهام في حماية الملكيات بحفظ المساحات، وتشمل مزايا الصكوك المحدثة أيضاً تفعيل نظام الثروة العقارية الإلكتروني الذي يهدف إلى تحقيق الدقة والضبط والسرعة في إصدار الصكوك، وتقليل ازدحام المراجعين والحد من المعاملات الورقية، إلى جانب توثيق نقل الملكية سواء كان بيعاً كاملاً أو جزئياً أو هبة أو رهناً لصناديق الإقراض الحكومية، على أن يقوم النظام بتسجيل جميع المؤشرات العقارية التي تتم خلال الفترات الزمنية المختلفة إلكترونياً في جميع مناطق ومدن المملكة، وفعّلت الوزارة سابقاً نظام الثروة العقارية ضمن الخطوات التطويرية لتشمل أكثر من 183 كتابة عدل أولى ومدمجة تقوم بأعمال كتابات العدل الأولى، لتسهم في تطوير كل القطاعات العدلية المختصة بالتوثيق من خلال الاعتماد على التقنية في إصدار الصكوك وقد أنجزت كتابات العدل الأولى على مستوى المملكة إصدار أكثر من مليوني صك إلكتروني شملت جميع العمليات العقارية خلال عام واحد فقط منذ عام 2018 ه. تشجيع الاستثمار وتأسست الهيئة العامة للعقار 2017 م لتنظيم النشاط العقاري غير الحكومي، والإشراف عليه، وتطويره بهدف تعزيز وتشجيع الاستثمار في القطاع العقاري، وتحقيق مستهدفات الاستراتيجية الشاملة للقطاع العقاري، وتسعى الهيئة إلى تحقيق استراتيجية القطاع العقاري من خلال تنظيم القطاع العقاري غير الحكومي، ووضع اللوائح والأنظمة المُنظمة للنشاط العقاري غير الحكومي ويشمل ذلك إصدار التراخيص والتصاريح لممارسي الأنشطة العقارية، والإشراف على القطاع، ومراقبة ومراجعة أنشطة القطاع العقاري غير الحكومي لضمان الامتثال للأنظمة والمعايير، كما تتبع وتقييم أداء وامتثال ممارسي الأنشطة العقارية، وتمكين وتطوير القطاع، وبناء وتطوير قدرات القطاع البشرية وتحسين كفاءة الخدمات المقدمة للقطاع، ووضع إجراءات لاستدامة الأصول العقارية، وتوفير البيانات والإحصائيات العقارية لاتخاذ القرارات وتعزيز الشفافية، بالإضافة الى تشجيع الاستثمار، وتعزيز بيئة الاستثمار في القطاع العقاري من خلال تقديم مزيد من الفرص والتسهيلات للمستثمرين، ويتم ذلك من خلال توفير معلومات دقيقة وشفافة حول المؤشرات العقارية السعودية، وجعل القطاع بيئة تنافسية. ويتضمن التنظيم معاني العبارات والألفاظ الخاصة به، وتتمتع الهيئة العامة للعقار بالشخصية الاعتبارية وبالاستقلال المالي والإداري ومقرها الرئيس في الرياض، والهدف من الهيئة العمل على تنظيم النشاط العقاري غير الحكومي، ويكون لها مجلس إدارة برئاسة الوزير ومعه أعضاء المجلس، والمجلس هو السلطة العليا للهيئة، له اختصاصات وصلاحيات، ويعقد اجتماعاته في مقر الهيئة، ويكون للهيئة محافظ بالمرتبة الممتازة، وهو المسؤول التنفيذي عن إدارة الهيئة، كما أن للهيئة موارد مالية ولها مصادرها المختلفة، ولها ميزانية سنوية مستقلة، والسنة المالية للهيئة هي السنة المالية للدولة. أهداف استراتيجية وأصدر مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بتاريخ 14 /5/ 1442 ه قراره بالموافقة على تنظيم الهيئة العامة لعقارات الدولة، إضافةً لأن يكون للهيئة العامة لعقارات الدولة -بالاتفاق مع وزارة المالية- صلاحية إبرام عقود واتفاقيات التمويل، بما في ذلك عقود القروض، وأدوات الدين من صكوك وما في حكمها، وذلك إلى حين صدور نظام عقارات الدولة، حيث مكّن التنظيم الهيئة من المضي قدماً نحو تحقيق أهدافها الإستراتيجية نحو حماية عقارات الدولة، وتعظيم دورها التنموي والاقتصادي، والرفع من كفاءتها الإنتاجية، وتتولى الهيئة جميع المهمات والاختصاصات المتصلة بشؤون عقارات الدولة، وبخاصة ما يأتي الإشراف على عقارات الدولة، والتصرف في عقارات الدولة، ويشمل ذلك الاستثمار، والتخصيص، والتأجير وتلبية احتياجات الجهات الحكومية من أراضٍ ومبانٍ، وغيرها من أنواع التصرف، وفقاً للأوامر والأنظمة والتعليمات المنظمة لذلك، على ألا يؤثر ذلك على قدرة الهيئة في تلبية احتياجات الجهات الحكومية من تلك العقارات، ووضع السياسات العامة المتعلقة بشؤون عقارات الدولة، والخطط والبرامج اللازمة لتنفيذها، والرفع عما يستلزم استكمال إجراءات نظامية في شأنه، واقتراح مشروعات الأنظمة المتعلقة بشؤون عقارات الدولة، واقتراح تعديل القائم منها، ورفعها لاستكمال الإجراءات النظامية، ووضع الإجراءات اللازمة لتثبيت ملكية الدولة لجميع عقاراتها، واستصدار صكوك على عقارات الدولة باسم عقارات الدولة، وتمثيل الدولة أمام الجهات القضائية وشبه القضائية، داخل المملكة وخارجها في المنازعات المرتبطة بملكية عقارات الدولة أو الاعتداء عليها وذلك بالتنسيق مع الجهات المستفيدة منها، وتخصيص عقارات الدولة للجهات الحكومية، وإلغاء تخصيصها عند الاقتضاء، ووضع الضوابط والإجراءات اللازمة لذلك. تسجيل العقار وأعلنت الهيئة العامة للعقار بدء التسجيل في عشرة أحياء مستفيدة بمدينة الرياض، وذلك ابتداءً من 26 مايو 2024م، الموافق 18 من ذي القعدة 1445ه، ويستمر التسجيل فيها حتى نهاية يوم 29 أغسطس 2024م الموافق 25 صفر 1446ه، وبينت الهيئة أنّ الأحياء المستفيدة هي حي المهدية، حي الخزامى، حي عرقة، حي ظهرة لبن، حي السفارات، حي نمار، حي المروة، حي شبرا، حي بدر، حي الشفاء في مدينة الرياض، بإجمالي مساحة تصل إلى 172.24 كلم مربع، حيثُ أكدت الهيئة بأنَّ اختيار الأحياء تتم وفق معايير محددة، وسيتم الإعلان تباعًا عن بقية المناطق والأحياء التي ستستفيد من السجل العقاري، كما أعلنتْ الهيئة العامة للعقار مؤخراً عن بدء أعمال التسجيل العيني للعقار ل(207.885) قطعة عقارية في (230) حياً بالمنطقة الشرقية منها (139) حياً بمحافظة الأحساء، و(80) حياً بمحافظة القطيف، و(11) حياً بمدينة الجبيل وقطعة عقارية واحدة في مدينة الدمام، و(252) قطعة عقارية في محافظة مرات بمنطقة الرياض، ابتداءً من 6 إبريل 2025م، الموافق 8 شوال 1446ه، وحتى نهاية يوم 10 يوليو 2025م الموافق 15 محرم 1447ه، وتستمر الهيئة في التسجيل لتشمل جميع مناطق المملكة. كانت وثائق التملك للعقارات تكتب بخط اليد قبل افتتاح المحاكم الهيئة العامة للعقار أصدرت التراخيص لممارسي الأنشطة العقارية إقامة الملتقيات لمناقشة مستقبل قطاع العقار الصكوك الإلكترونية حلت محل اليدوية السجل العقاري طوّر المُدن وعزّز الموثوقية والشفافية إعداد: حمود الضويحي