حينما عزم الرسول -صلى الله عليه وسلم- على الهجرة بعد تزايد أذى أهل قريش ووقوفهم أمام نشر الإسلام، قال: (قد أريت دار هجرتكم أريت سبخة ذات نخل بين لابتين) قصد بها المدينةالمنورة، يثرب قديمًا. اشتهرت المدينةالمنورة قديمًا بكثرة نخيلها وحرارها، مما أهلها لأن تكون قاعدة الإسلام، واعتبرها المؤرخون أحد أقسام جزيرة العرب الرئيسة من يدرس طبغرافية المدينة يجد أنها على مستوى بري وجبلي على الأرض، والغالب على أرضها السباخ، وهي أرض تُغمر موسميًا بالمياه المالحة. يُعرف الجزء الجنوبي في المدينة بالارتفاع، فيُسمى بالعالية، بينما يُسمى الجزء الشمالي من المدينة بالسافلة لنزوله وانحداره، ومن أشهر قرى «العالية» قرية قباء، التي كانت منزل الأوس والخزرج قبل الإسلام، وبها نزل الرسول -صلى الله عليه وسلم- والمهاجرون الأولون قبل أن يسيروا إلى موضِع المدينة حيث المسجد النبوي، أبرز جبالها جبل عير وجبل سَلْع، الذي يقع في منتصف المدينة، ومحاط اليوم بعمران سكنية مدنية، ويحيطه من الشرق والغرب تكوينات بركانية تشكلت نتيجةً للنشاطات البركانية التي تعاقبت على المدينة خلال العهود القديمة، وعرفت ب -لابتي المدينة- أو -حرتيها-، والتي كانت من أحد أكبر المراكز البركانية في الجزيرة العربية، وقد ساعد النشاط البركاني في المدينة قديمًا على حجز المياه الجوفية، مما جعل من السهل الوصول إليها في أي بقعة عند حفر آبار عميقة، ولذلك تكثر في المدينة الآبار الزراعية، ومن ذلك: بئر حاء شمال المسجد النبوي، وكانت لهذه العوامل أن تصبح المدينة مدينة زراعية. يسود المدينة مناخ صحراوي قاحل، ولم يكن لنزول المطر على المدينة مواسم معينة، ولذلك كانت المدينة عرضة لسنوات الجفاف والقحط، فكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة ذات مطر أن يقول (ألا صلوا في الرحال) وكان يقول صلى الله عليه وسلم: (من صبر على أوار المدينة وحرها كنت له يوم القيامة شفيعًا شهيدًا) وأحيانًا كانت تتعرض لسيول تكتسح ما يقابلها من حياة حيوانية ومزارع. كِتاب: مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم للمؤلف: د. عبدالله بن عبدالعزيز بن إدريس