في زمن كانت الرياض تعيش بساطة الحياة ودفء التقاليد، كان مدفع رمضان وأذان المسجد الجامع الكبير من أبرز العلامات التي يترقبها الأهالي إيذانًا بدخول وقت الإفطار. كان لهذين الصوتين وقعٌ خاص، حيث تجتمع العوائل حول سفرة رمضان منتظرين لحظة الإعلان عن انتهاء الصيام، إما عبر دوي المدفع أو أذان الشيخ عبدالعزيز بن ماجد -رحمه الله-، مؤذن الجامع الكبير، الذي ظل لعشرات السنين الصوت الذي يُسمع في معظم أحياء وسط الرياض، إما مباشرة للأحياء القريبة أو عبر الراديو، عرفت الرياض مدفع رمضان منذ عهد الإمام تركي بن عبدالله آل سعود عام 1240ه/ 1824م، بعد تأسيس الدولة السعودية الثانية، واستمر العمل به لسنوات طويلة. وكان موقع إطلاق المدفع في أعلى منطقة جبلية شرق أسوار المدينة، وتحديدًا فوق قلعة الضيرين (المرقب)، التي كانت رمزًا لنخوة أهل الرياض. كان صدى المدفع يسمع في الأحياء المجاورة، مثل منفوحة والمصانع، ليكون علامة واضحة لأهل الرياض على دخول وقت الإفطار، كانت لحظات وقت المغرب تشهد سكون الشوارع، حيث يجلس الجميع مترقبين اللحظة التي يدوّي فيها صوت المدفع أو يرتفع فيها أذان الشيخ عبدالعزيز بن ماجد، الذي كان بصوته الشجي يُعلن لحظة الإفطار، فتعم الطمأنينة أرجاء البيوت مع لحظات الدعاء الخالدة. هذا التقليد، الذي عاشته أجيال الطفولة، ظل من أجمل ذكريات رمضان، حيث كانت السماء تردد صدى الأذان ودوي المدفع معًا، في مشهدٍ روحاني خالد، استمر مدفع رمضان في الرياض حتى عام 1393ه تقريبًا، حين توقف بعد انتشار البث التلفزيوني والإذاعي، ومع ذلك بقيت الذكرى عالقة في أذهان من عاشوا تلك الأيام، حين كان الإفطار إعلانًا رسميًا تسمعه الأذن قبل أن تراه العين. وفي هذا السياق، أشارت بعض المصادر، ومن بينها ما استأنست به من المؤرخ القدير د. راشد العساكر، إلى أن هذا التقليد كان جزءًا من المشهد الرمضاني في العاصمة لعقود طويلة، مما جعله ركنًا من ذاكرة الرياض الرمضانية التي لا تُنسى، رمضان شهر الروحانية والجماليات، وعاداته الأصيلة هي جزء من تاريخ هذا الوطن الشامخ، فنسأل الله أن يعيده علينا أعوامًا مديدة، ويديم على بلادنا عزها وأمنها، ويبلغنا جميعًا صيامه وقيامه. صوت المدفع لأذان المغرب موعد يترقبه الصائمون عبدالعزيز بن سليمان الحسين