مع تولي أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- الخلافة، كانت الدولة الإسلامية تمر بمرحلة حساسة، خاصة بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم-. وكان لا بد من تعيين قادة أكفاء لإدارة المدن الكبرى، وعلى رأسها مكةالمكرمة، نظرًا لأهميتها الدينية والسياسية. اختار الخليفة أبو بكر الصديق الصحابي عتاب بن أسيد واليًا على مكة، وهو نفسه الذي عيّنه النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد فتح مكة. استمر عتاب في إدارة شؤون المدينة خلال خلافة أبي بكر، حيث عمل على تنظيم أمور الحج، وإقامة العدل بين الناس، ونشر تعاليم الإسلام بين أهل مكة. كان عتاب بن أسيد حاكمًا عادلًا وحكيمًا، فلم يُفرق بين المسلمين الجدد والقدماء، وأقام العدل والمساواة بين الجميع. كما ساعده في مهمته معاذ بن جبل، الذي تولى تعليم الناس تعاليم الإسلام وقراءة القرآن وتوضيح الأحكام الشرعية. استمراره في الحكم واستقرار مكة استمر عتاب بن أسيد في ولايته لمكة حتى وفاته، واستمر في منصبه بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- خلال خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه. وكان مثالًا للقائد الإسلامي الناجح، الذي استطاع بحكمته وعدله أن يكسب محبة أهل مكة، ويعزز من ترسيخ دعائم الإسلام فيها. كانت خلافة أبي بكر قصيرة نسبيًا، إذ استمرت حوالي عامين وثلاثة أشهر، ابتداءً من سنة 11 ه حتى وفاته سنة 13 ه. وخلال هذه الفترة، كان حريصًا على تثبيت أركان الدولة الإسلامية في ظل التحديات الكبيرة، مثل حروب الردة التي أثرت على بعض مناطق الجزيرة العربية، لكنه حافظ على استقرار مكة من خلال تعيين ولاة أقوياء. أثر حكم أبي بكر على مكة تميز عهد عتاب بن أسيد في مكة بالالتزام بتعاليم الإسلام، وترسيخ مبادئ الحكم الإسلامي العادل. كما كانت سياسة أبي بكر في إدارة مكة ناجحة، حيث استمر الأمن والاستقرار في المدينة، وحافظت على مكانتها كعاصمة دينية للمسلمين. ساهمت إدارة أبي بكر الحكيمة في ترسيخ نظام الحكم الإسلامي الذي استمر في عهود الخلفاء الراشدين من بعده. وبعد وفاة أبي بكر الصديق، انتقلت الخلافة إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، الذي استمر في تعيين ولاة أكفاء لضمان استقرار مكة. ظل عتاب بن أسيد رمزًا للقائد الشاب الذي استطاع بحكمته أن يكسب محبة أهل مكة ويعزز دعائم الإسلام في حاضرة العرب الكبرى. المصادر: -كتاب أمراء مكة عبر عصور الاسلام، مكتبة المعارف، عبدالفتاح رواه