يوم التأسيس اعتزاز بالجذور الراسخة والعمق التاريخي والحضاري للمملكة الدرعية عمق وإرث تاريخي قامت عليه الدولة السعودية التأسيس رسالة للمجتمع الدولي للتعرف على عراقة وطننا موروث الماضي إرث ضخم يجب أن يحترم ويستغل ثقافياً الدولة السعودية تصدت للحملات العثمانية وأفشلتها الإمام محمد بن سعود حرص على نشر العلم بجانب توحيد البلاد ونشر الأمن رسم الحاضر قيمنا السعودية، بجذورها ذات الإرث التاريخي السعودي المتأصلة بالعزة والكرامة، والتقدير الإنساني لكل من كانت له يد في تأسيس هذه البلاد المباركة، لتكون لوحة حاضرة، ومملكة معاصرة ، تستند على إرث تاريخي، وأئمة وملوك، صنعوا بملاحمهم البطولية، ومعاركهم فخرنا الذي نتغنى به اليوم، ليصبح يوم التأسيس، جزءًا ثابتًا من ثقافتنا الاستراتيجية، جعلنا نمتلك حضوراً قوياً ومؤثراً على المستوى الإقليمي والدولي، وأصبحنا مجتمعًا، ينطلق بوعي لافت، ثقافياً وتاريخياً، كل هذا مثل قاعدة استراتيجية، ساهمت بها الدولة في حاضرها، من التأسيس مروراً بالتوحيد ووصولاً لرؤية المملكة 2030، لنحلق بهويتنا الوطنية، وثقافتنا السعودية عالياً . ندوة «الرياض» وبمناسبة ذكرى التأسيس، تلقي الضوء على أهم القراءات والشواهد التاريخية بالإضافة إلى شخصية القادة والمعارك التي تم الخوض بها في الدولة السعودية الأولى، وذلك في عهد الإمام المؤسس محمد بن سعود -رحمه الله- مروراً بالتوحيد ووصولاً لرؤية المملكة 2030 في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-. في بداية الندوة رحب رئيس التحرير بالحضور، وقال إن هذه الندوة العريقة معنية بالعمق التاريخي للدولة السعودية الأولى ونحاول من خلالها استقراء مكامن الإرث السعودي العظيم والنهج السياسي الذي كان يجابه من خلاله الإمام محمد بن سعود معاركه لتأسيس الدولة السعودية الأولى، ومن خلال هذه الندوة نحاول أن نثري قراءنا وجمهورنا بمعلومات عن الأحداث أو الشخصيات السعودية العريقة التي أصبحت أسماء خالدة في التاريخ. في هذه الندوة سنتحدث عن ذكرى التأسيس، هذه الذكرى العزيزة على قلوبنا جميعاً ذكرى نشاهد فيها ما حدث وما سيحدث ونتحدث في إطارها عن الحاضر ونستشرف المستقبل. نتمنى لكم -إن شاء الله- ندوة عميقة بمضامينها، أرجو أن تثرونها بآرائكم القيمة، ومرحبًا بكم مرة أخرى. قالت الزميلة أ. نوال الجبر نرحب بضيوفنا الكرام في ندوة الرياض «التأسيس».. توحيد ورؤية «وهم: البرفيسور.. فهد الدامغ (الأستاذ بقسم التاريخ والحضارة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية)، د. إبراهيم النحاس: (عضو مجلس الشورى سابقاً؛ أستاذ العلوم السياسية - جامعة الملك سعود)، د. محمد بن ناصر الخليف.. (باحث لغوي وخبير تربوي)، د. محمد العتيبي.. رئيس الجمعية السعودية للدراسات الأثرية، ورئيس جمعية الإبل)، عبدالله النوح.. باحث في التاريخ السعودي، محمد السماري.. باحث دكتوراه ومهتم بالهوية الوطنية، وسعادة رئيس تحرير «الرياض» أ. هاني فريد وفا، الزملاء مديرو التحرير: مدير تحرير الشؤون الاقتصادية أ. خالد الربيش، مدير تحرير الشؤون السياسية أ. صالح الحماد، مدير تحرير الشؤون الثقافية أ. عبدالله الحسني، نائب رئيس القسم الرياضي أ. سليمان العساف، والزميلان المصور أ. بندر بخش، والصحفي أ. ناصر العماش. أ.د. فهد الدامغ: التأسيس يوم مفصلي في مسيرة تاريخ الجزيرة العربية ومن جانبه تحدث د. فهد الدامغ، قائلاً: «أشكر صحيفة «الرياض» على إتاحة الفرصة لي للمشاركة في هذه الندوة التي هي تتحدث عن مناسبة وطنية كبيرة، وأيضاً لأتقدم بالتهاني لمقام خادم بالتهاني الحرمين الشريفين ولسمو ولي العهد وللأسرة الحاكمة وللشعب السعودي جميعاً، بل أتقدم للعالم العربي والإسلامي بالتهنئة لمكانة المملكة في هذا الميدان فالمملكة. والله الحمد -لها مكانة عالمية ومحبون كثر في جميع أنحاء العالم. أبدأ بداية غير تقليدية ولكنها منطقية ومهمة وتأسيسية لهذا اليوم التأسيسي، وذلك بسؤال نبني عليه هذه الندوة، وهو لماذا يوم التأسيس؟ ولماذا الاحتفال به؟ في الواقع إن يوم التأسيس مناسبة وطنية للاعتزاز بالجذور الراسخة والعمق التاريخي والحضاري والقيمي لبلادنا المملكة العربية السعودية، وكذلك عمق وعراقة قيادتنا الرشيدة في الزعامة والقيادة، واستذكاراً للحظة تأسيس الدولة السعودية على يد الإمام المؤسس محمد بن سعود بن مقرن منذ نحو ثلاثة قرون. هذا اليوم هو يوم مفصلي في مسيرة تاريخ الجزيرة العربية كلها، حيث تم التحول من الفرقة و الانكسار والتناصر والتشتت والتخلف إلى الانطلاق للسلم الاجتماعي والوحدة والثراء والرفاه المعيشي بتأسيس الدولة السعودية في (22) فبراير (1727) ، ومن ذلك اليوم المشهود وبلادنا - والحمد لله - في تقدم وتطور وأهمية وتلاحم واستقرار، لهذا فهد يوم يستحق الاحتفاء والاحتفال الاعتزاز والشخصية المحورية في هذا الحديث شخصية الإمام المؤسس محمد بن سعود - رحمه الله تستحق الإشادة والدعاء ، وأن تذكر بها الأجيال ، وأن نربطهم بهذا العمق التاريخي الذي لبلادنا ولعلى أشير إلى الغاية من الاحتفاء بيوم التأسيس ، وأبرز الأهداف لذلك فهي اتحاد الاعتزاز بالجذور الراسخة والعمق التاريخي للدولة السعودية ، وكذلك الاعتزاز بما أرسته الدولة السعودية من الوحدة و الاستقرار والأمن الذي كان مفقوداً منذ مئات السنين في هذا الجزء من المنطقة ، ومن الأهداف أيضاً التذكير بالمؤسس الإمام محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الأولى الذي له الفضل بعد الله في وضع اللبنة الأولى لهذا الكيان قبل نحو ثلاثمائة سنة ، وننعم الآن بثمرات هذا التأسيس . وهو تأسيس منظور ومتدرج. ومن ذلك أيضاً الاعتزاز بالارتباط الوثيق بين المواطنين وقادتهم منذ التأسيس وعبر العصور وحتى يومنا هذا. إضاءة إلى الاعتزاز باستمرار الدولة السعودية واستعادتها لقوتها رغم وجود بعض العقبات التي اعترضتها، والاعتزاز بالوحدة الوطنية للمملكة العربية السعودية التي أرساها في تأسيس آخر الملك عبدالعزيز -رحمه الله -، الدرعية منطلق التأسيس. إن الدرعية ذات عمق وإرث التاريخي قامت عليه الدولة السعودية: فهي لم تنطلق من فراغ، والأسرة السعودية أيضاً ليست بدايتها من بداية الدولة السعودية الأولى بل لها عمق تاريخي تليد، وهذا العمق بنت عليه هذه التجربة الناجحة، وهو يبدأ في الحقيقة من قبل الإسلام منذ قدوم بني حنيفة واستقرارهم هنا في منطقة اليمامة في وادي العرض والذي هو وادي صيفة الذي فيه حجر اليمامة والدرعية. وتكوينهم المجتمع حضري كسروا به النمط البدوي، وجاء عبيد بن ثعلبة الخفي الجد الأعلى للأسرة السعودية غير نمط حياة قومه من البداوة والترحال إلى الاستقرار .. وترتب على ذلك فتح المنطقة لتقوم ليس على أساس قبلي فقط بل على أساس حضري يمكن أن يستقر فيه أكثر من جنس وأكثر من دولة وأكثر من نشاط إنساني كالحرف والرعي والتجارة والزراعة وأصبحت المنطقة على ممر عالمي للتجارة وهو طريق البخور المشهور، فهذا أدى إلى ما يمكن أن نطلق عليه مملكة. بني حنيفة قبل الإسلام ، وبالفعل هم أطلق عليم مسمى الملوك ومنهم هودة بن على أطلق عليه ملك اليمامة ذو التاج، وكذلك ثمامة بن أنال - خير الله عنه، أطلق عليه قبل الإسلام ملك اليمامة ، وعندما وصلت في منظومة الإسلام أقر الرسول صلى الله يسلم ثمامة بن أتال عاملاً على المنطقة ، ثم يمر الزمن ومكانة هذه القبيلة متأصلة في المنطقة ، ولكن للأسف - الجزيرة العربية - بعد عصر الخلفاء الراشدين وخروج مركز الخلافة من الجزيرة العربية أهملت وخصوصاً المنطقة الوسطى من الجزيرة العربية، وللأسف صار فيها انقسام سياسي وتناجر وفقدان للأمن ، وترتب على ذلك ضعف اقتصادي وانتشار للفوضى واستمر ذلك مئات السنين وهم في هذه الدائرة ثم في سنة (850) حصلت لحظة من لحظات العمق التاريخي للدولة السعودية حيث جاء مانع المريدي الجد الأعلى للأسرة السعودية ، والذي كان في الأصل من المنطقة ثم نزح لظروف سياسية واقتصادية إلى المنطقة الشرقية التي تعرف بالبحرين في ذلك الوقت . وأسس هناك بلدة اسمها الدرعية. ثم بعد أن تحسنت الظروف و أدى صبيحة استدعاء ابن عمه صاحب حجر اليمامة - والتي هي الرياض قديماً حيث فجاء جاء إلى المنطقة حيث منحه ابن عمه موقعين متجاورين المليبيد وغصيبة ، فأسس الدرعية ، فكانت هذه هي النواة الأولى ثم تعاقب على الإمارة في هذه البلدة أبناء وأحفاد مانع المريدي ، وقد تولى الحكم فيها قبل قيام الدولة السعودية خمسة عشر أميراً ، فهي عمق تاريخي يصل إلى نحو ثلاثمائة سنة قبل الانطلاقة الكبرى ، لكن في تلك الفترة كان نمطها مثل البلدات المجاورة لها ، ما يسمى بدولة المدينة، فكل مدينة وكل بلدة لها أمير وفيها تناحر والقبائل البدوية كذلك بينها تناصر ، لكن تميزت الدرعية على قدرتها أكثر من غيرها من الاستقرار والاستقلال ، فالبلدات الأخرى كان يمارس عليها نفوذ من قوى خارجية منها: البحرين أو الحجاز، ولكن الدرعية كانت تمتاز بالاستقلال . ويمضي الرسالة الزمن بنا إلى أن للإمام محمد بن سعود وتأتي اللحظة الفارقة في العام (1139) ليتولى الزعامة ويكسر هذا النمط وهذه الدائرة التي استمرت فيها المنطقة مئات السين من التفرق والانقسام، لرؤية الثاقبة اتخذ قرار تأسيس دولة وطنية مكونة من دولة المدينة، ويبدأ هذا المشروع الذي ننعم لفضله إلى اليوم. د. إبراهيم النحاس: الدولة لها عمق تاريخي طويل ومن جانبه ذكر د. إبراهيم النحاس : عندما صدر الأمر الملكي الذي أشرتم إليه بتخصيص يوم 22 فبراير من كل سنة ليكون يوماً للتأسيس ، فإن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - حفظه الله - أراد أن يرسل لأبنائه المواطنين في المملكة العربية السعودية مدى عمق هذه الدولة التي يعيشون في كنفها وظلها ورغدها وعيشها ، وفي ذلك رسالة بأن هذه الدولة لها عمق تاريخي طويل والذي بدأ منه تحول الجزيرة العربية بأقاليمها من اللادولة إلى الدولة وبدأت نصرت الدولة منذ ذلك الحين قبل ثلاثمائة عام وتأسست عليها حضارة في هذه الجزيرة العربية ، وتشكل فيها مجتمعاً مدنياً متجانساً لأبناء هذه الجزيرة القبائلية وعوائلها مختلف المناطق والأقاليم ، وهذا اليوم يعيد أبناء هذا الوطن بجميع فئاته إلى هذا التاريخ العريق للدولة . وكأنه يشير إلى أن ذلك التاريخ يجب أن يبنى عليه في المرحلة المستقبلية لتعزيز المكانة العظيمة التي وصلت لها المملكة العربية السعودية ، وبأن يعتز بها أبنائها بهذا الإرث الذي بنته خلال هذا التاريخ الطويل سواء على المستوى الحضاري والثقافي وعلى المستويات الأخرى التي أدت إلى أن تصل المملكة إلى هذه المكانة ، وهم كذلك رسالة للمجتمع الدولي للتعرف على عراقة هذه الدولة وتاريخها، وبأنها ليست دولة حديثة أو محدثة ، ورسالة لهذه الدولة على المستويات الدولية بأنها قادرة أن تذهب بعيداً انطلاقاً من هذا التاريخ العريق لديها . ففي هذا اليوم رسائل كثيرة جداً إثر الأمر الملكي الذي أصدر خادم الحرمين الشريفين، والذي يسعد به كأبناء للمملكة أعاد العربية السعودية، حيث أبناءنا في المدارس لذلك العمق التاريخي والاستمتاع بيوم إجازة والتعرف على ما جرى في ذلك الوقت. د.محمد الخليف يتحدث عن الوقفات التاريخية للنخوة وحول أهم المنجزات التي ساهمت في النهضة من خلال التراث السعودي تحدث د. محمد الخليف قائلاً: أشكركم على الاستضافة في هذه الندوة التي تتناول موضوعاً مهماً ومناسبة وطنية عظيمة ذات مكانة كبيرة لنا معشر السعوديين في الاحتفالية الكبيرة بتأسيس هذا الوطن الغالي وامتداده حتى يومنا الحاضر، في حديثي عن النخوة في التراث العربي بدأت تنتشر كلمة النخوة والاستشعار وعدة مترادفات لذلك في اللغة منذ العصر الجاهلي فنجد مثلا عند النابغة الذبياني قوله: مستشعرين قبلتهم في ديارهم أسبوع. أيوب هكذا كانت القبائل عندما يحزبها الحرب فإن تداعي لاسترداد هذه النخوات وهذه الاستشعارات، ومن هنا كانت انطلاقة النخوة العربية وما أكثر قصص النخوة العربية في أدبنا وتراثنا العربي ، ونذكر على سبيل المثال في موقعة ذي قار عندما اللتقى العرب مع الفرس ، في تلك الموقعة الحاسمة حيث اجتمع العرب تحت لواء واحد ضد تلك الدولة الغازية ، فاستطاعوا أن يشدوا الحماسة والحمية في نفوس بعضهم البعض عندما رددوا بعض النخوات تمثل ترداد نخوة بكر والتي وردت في عدة صبيح حيث ذكر مرة معشر بكر ومرة آل بكر ، وهكذا حتى تحركت جموع العرب واستطاعت كسر شوكة الفرس لأول مرة ، وكذلك من الوقفات التاريخية للنخوة نجدها عند ليلى المسيحية عندما اختطفها الأعاجم كيف صاحت في قصيدة مشهورة في ابن عمها ليت للبراق عيناً فترى ما أعاني من ثلاء وعناء وهذا ابن عمها البراق أنقذها ثم تزوجها فيما بعد . والكلمة لغوياً مشتقة من العمل الثلاثي لما ينخر وجمعها نخوات ، بمعنى أن يفتخر الإنسان وأن يبث الحماس والحمية في نفوس الآخرين . د.محمد العتيبي: يوم التأسيس يتكئ على عمق حضاري ضخم إسلامياً وعروبياً وفي محور الحديث حول العمق الحضاري من التأسيس إلى وقتنا الحاضر. أجاب د محمد العتيبي: من وجهة نظري فإن العمق الحضاري يأتي ليس من يوم التأسيس وحسب بل من هذه البلد الحضارية التي يبلغ عمرها آلاف السنين، حيث أثرنا في العالم منذ آلاف السنين. ولنا دور تاريخي ملأ الأرض منذ 1400 سنة حيث ولد قبلها بسنوات ولد الخير في بلادنا، فيوم التأسيس يتكئ أيضاً على عمق حضاري ضخم إسلاميا وعروبياً. فنحن بلد العرب الأول ورحم العروبة الأول، ونحن رحم هوية الإسلام الأول، ولهذا ليس لنا هوية واحدة بل لنا ثلاث هويات ونفخر أن لا أحد يضاهينا يذلك في هذا الكون فنحن بلد الإسلام الأول وبلد العروبة الأول. وأيضاً هذه الدولة المباركة التي - والله الحمد ،و حتى وقتنا القريب كنت في منتهى السعادة أن يختارها الرئيس السوري أول دولة ليزورها ، فهذا يدل على الثقل العربي الضخم والعمق الحضاري الكبير للمملكة فعندما يتحدث زملاؤنا الأفاضل عن هذه البلد وبعدها الحضاري فإننا كآثاريين نتوسع في أبحاثنا التي تصل إلى آلاف السنين ، فمثلاً بالقرب من هناك محمية الملك عبدالعزيز كنت أشرف بأني رئيس الفريق الأثري ، حيث اكتشفنا أكثر من 1325 موقعاً ، فانظر إلى العمق الحضاري لهذه المنطقة فمنذ آلاف السنين مرت الممالك القديمة العظيمة ، والدرعية لا شك أنها العمق الحضاري للمملكة العربية السعودية ، وإن شاء الله نتكاتفها بأعظم ما لدينا وهو أقل ما نقدمه لها ، والعمق الحضاري للمملكة لا يقف عند 300 سنة أو 600 سنة بل هو إلى يستند على أعمدة الرجاجيل « ، وهذا يأتي في الرؤية الجديدة للمملكة 2030 التي تركز على أن الموروث الماضي ليست صفحات تروى أو حديث نسميه ، بل هو أرث ضخم يجب أن يحترم ويستغل ثقافياً في الهوية ويستغل كمورد اقتصادي ، وكانت من أهم أهداف الرؤية في مجال الآثار أن نثبت للعالم أننا بلد حضاري منذ آلاف السين وساهم في الحضارة البشرية، ولا أريد أن أعرف في تفاصيل بعض الأبحاث الجديدة التي تجعلنا في مكانة خاصة جداً في بعض الأمور في التاريخ البشري عموماً الدولة في رؤيتها ركزت على استثمار المواقع ، ونحن نسابق العالم - ولله الحمد - في تصدير المواقع الأثرية إلى اليونسكو في قائمة التراث العالمي ، حيث نملك عدداً ممتازاً من المواقع وتعمل الكفاءات الوطنية السعودية في إبرازها. عبدالله النوح: للرياض دور مهم قبل وبعد قيام الدولة السعودية الأولى وحول دور الرياض في تأسيس الدولة السعودية الأولى أجاب أ. عبدالله بن نوح قائلاً: إن لمدينة الرياض دور قبل قيام الدولة السعودية الأولى وتأسيس الإمارة من قبل الإمام محمد بن سعود و دور من بعده ، أما ما قبل قيام الدولة وتأسيس الدرعية ، فالرياض قامت على حجر اليمامة، وحجر اليمامة قاعدة اليمامة قبل الإسلام وفي صدر الإسلام ، وكان به المنبر الرابع المالية من منابر الخطابة يوم الجمعة بعد منبر مكة المشرفة والمدينةالمنورةوبغدادودمشق وكان منبرها في الخطابة معروف في الإسلام، بالإضافة إلى دور بني حنيفة قبل الاسلام وبعده ، وكانت مدينة عامرة فيها من الحصون والقلاع ما يشهد به المؤرخون ، وقد وصف لي المؤرخ عبد الرحمن الرويشد برج العصافير في معكال وقد رآه وهو صغير وقد بلغ ارتفاعه البرج 20 إلى 30 متراً ، وهذا من بعض الأبراج التي كان لا يعرف أهي من أبراج المراقبة أم بقايا قلاع ، وهناك قلعة الضيرين والتي نسيت قبل قلعة المرقب ، وهي قلعة قديمة نسيت من قبل بني حنيفة ، إضافة إلى وجود بعض المصانع الصناعات في المنطقة، فهي كانت عامرة وبالمياه وهذه المياة كانت جارية و في صدر الإسلام كان أحمر اليمامة التي قامت عليها مدينة الرياض مركزاً علمياً وقد طلب الأوزاعي العلم وهو من رواة الحديث والمتوفى (157ه) في صحر اليمامة قادماً من دمشق ، وكذلك أحمد بن كايد وأحمد الشيخ بن عطوة ذهبوا يطلبون العلم في دمشق ، فمن أسباب انتشار المذهب الحنبلي لدينا ارتباط حجر اليمامة بمدينة دمشق التي هي مركز للمذهب الحنبلي أما عن دور الرياض في تأسيس الدولة السعودية الأولى ، قدم الأمير مانع المريدي إلى الرياض بدعوة من ابن عمه عبد المحسن بن درع الذي كان أميراً لمقرن ، لأن حجر اليمامة وبعد سقوط دولة بني حنيفة وحروب المرتدين ذهب معظمهم مع خالد بن الوليد في فتوح العراق وفارس فتحولت المنطقة إلى قبائل و بعض البلدات الصغيرة ك (مقرن ومعكال والعود وجبرة والصياح ) وقد ذكرها حمد بن جاسر وقد جرت بينها حروب واقتتال ، حيث أنه بعد قيام الدولة والعباسية الأموية لم يعد هناك اهتمام كبير بالمنطقة فالأمير عبد المحسن بن درع كان يعاني من تلك الحروب فاستدعى ابن عمه مانع المريدي وكان يقطن في الشرقية في مدينة الدرعية ، وأشير هنا أننا حين تذكر إقليم اليمامة فإن قاعدة الحر ويشمل حتى المنطقة الشرقية اليوم ، لذا نجد أن الدولة السعودية حين قامت تضم الأحساء إليها متكون من أولى المناطق التي تتبعها ، إذن استدعى مانع المريدي ليتقوى به ، وحين صارت الحروب في المنطقة كان قد تمكن أحد الأمراء من آل زرعة من توحيد الرياض وذلك قبل مجيء محمد بن سعود فأصبحت الرياض ذات قوة، وعندما جاء دهام بن دراس من حصل قتال بينه ومن أبناء عمومته قتال و تم جلاؤه إلى الرياض حيث كانت أخته زوجة ابن زرعة أمير الرياض ، وحين توفي و ابن زرعة أمير الرياض تولى الحكم من بعده ، ومن المصادفات العربية أنه في بداية حكمه كان الأمير محمد بن سعود قد صار أميراً للدرعية لكنه لم يقم بعد بتأسيس الدولة ، ولما قام أهل الرياض ضد ابن دواس ليخرجوه منها أرسل محمد بن سعود جيشاً من أهل الدرعية بقيادة أخيه مشاري نصرة لدهام بن دواس ، فأصبحت العلاقة بين الدرعية والرياض جيدة على أنه كانت سابقاً مليئة بالحروب فلقد قتل يحيى بن زرعة إبراهيم بن وطبان أمير الدرعية ، ورد على ذلك محمد بن سعود وقبل حكمه للدرعية قبل يحيى بن زرعة ، وهذا قتل أن يأتي دهام بن دواس الذي كان رجلاً قوياً وجمع إلى الرياض منفوحة ومقرن ومعكال وحملها بلدة واحدة وحصنها بسور قوي ، وقد أدرك والدي - رحمه الله - الذي توفي قبل ثلاثة أسابيع وجود السور ولما جمع دهام الرياض في سور واحد صار قوياً ، وفي تلك الفترة وحد محمد بن سعود الدرعية وذلك في 22 فبراير1727، وكان محمد بن سعوداً أميراً مختلفاً عمن سبقه الذين كانوا أمراء بلدان المتناحرة وكل أسرة تحكم قريتها ، والعلاقات فيما بيها والكافي إضافة إلى انتشار السلب والنهب في الطرق وفي البادية ، فقام محمد بن سعود بمشروع وحدوي لتحقيق الأمن ، إلا أن دهام قاوم هذا المشروع لاعتقاده بأن الرياض قوية وقديمة فلم تستسلم بسهولة ، واستمرت الحرب 28 سنة ، مات خلال تلك السنين الأمير محمد بن سعود ، وبقي دهام بن دواس حياً ، وانتصرت الدرعية في معارك وكذلك الرياض ، إلا أن الدولة السعودية لم تتمكن من التمدد، وفي هذه الفترة جاء الشيخ محمد بن عبد الوهاب من العينة إلى الدرعية فقوي مركز الدرعية بانتقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب .بالاضافة إلى مشروع محمد بن سعود الذي بدأه من عشرين سنة سمعت عن قدوم الشيخ ، وهنا كانت الدرعية مركزاً للنشاط التجاري والعلمي وتوسعت أحياؤها حتى صارت أكبر من الرياض، في تلك الحرب مات اثنان من أبناء الأمير محمد بن سعود وكذلك اثنان من أبناء دهام بن دواس ، وفي يوم 19 ربيع الله الثاني 1187ه جاء الخبر إلى الدرعية أن دهام بن دواس خرج من الرياض بحيشه ، وحينها كان محمد بن سعود متوفياً وكان ابنه عبدالعزيز قد جلس مكانه فانطلق عبدالعزيز بن محمد عصر ذلك اليوم إلى الرياض وولى عبدالله بن مقرن بن محمد بن مقرن أميراً عليها وبذلك دخلت الرياض في حكام الدولة السعودية ومن ثم انطلقت الدولة السعودية في ضم الأحساء وعمان وبادية العراق وبادية الشام ،ودخلت الحجاز عام 1218 ، ووصلت حتى اليمن وذكر ذلك الإمام الشوكاني، فبانت الدولة السعودية مترامية الأطراف - ولله الحمد والشكر. وأود الإشارة إلى فائدة جميلة ، تم تدمير الدولة السعودية عام 1230 على يد الباشار اهين ، وجعل عليها أمراء من قبله ، لكن الله قيض لهذه البلدة الإمام تركي بن عبدالله والذي بدأ الحكم من الرياض فالدرعية كانت غير موجودة حيث هجر الأتراك الناس منها وأحرقوا زروعها ، وكانت عاصمة حكم الأمير تركي الرياض ، إلى أن جاء عهد الملك عبدالعزيز الذي انطلق من الرياض للتأسيس مرة أخرى لتعود الدولة السعودية الثالثة ، ومن اللفتات الجميلة أننا كنا نتحدث عن الصراع بين الدرعية والرياض والآن نعيش وحدة الرياض مع الدرعية مع عرفة والمنفوحة في بلدة وحدة ، في ظل الدولة السعودية ولله الحمد والشكر ، كان الوالد يذكر لي أنه للذهاب من الرياض إلى الدرعية كان لابد من الرفقة لقلة الأمن والأمان، فنحمد الله على نعمة الأمن التي لا يقدرها إلا الذي فقدها، إضافة إلى حرص محمد بن سعود على نشر العلم بجانب توحيد البلاد ونشر الأمن فيها ، فلو أن جملاً ينهب في أي مكان الله منه أو يقتل إنسان فإنه يأمر بخروج سرية من (500) رجل سواء من الرياض أو الدرعية الجلب القاتل وسار على ذلك الإمام تركي والملك عبدالعزيز وأبناؤه من بعده ولله الحمد. محمد السماري: اتسمت المنطقة قبل التأسيس بانعدام الأمن والتناحر بين القرى والقبائل وفي إطار محورنا حول ذكرى يوم التأسيس باعتبارها مناسبة وطنية مهمة في تاريخ المملكة أجاب أ. محمد السماري قائلاً: انطلاقاً من أهمية ذلك صدر الأمر الملكي الكريم بأن يكون اليوم الثاني والعشرون من شهر فبراير من كل عام يومًا لذكرى تأسيس الدولة السعودية، ويأتي ذلك امتدادا لاهتمام وحرص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظهما الله- إلى إبراز العمق الحضاري والتاريخي والثقافي للمملكة وإبراز هويتنا الوطنية الأصيلة. وهذه الذكرى العظيمة تعيدنا لقرون مضت لنتذكر الأحداث التاريخية في تأسيس الدولة السعودية: فقبل تأسيس الدولة السعودية الأولى، اتسمت المنطقة بانعدام الأمن والتفكك السياسي والتناحر بين القرى والقبائل والبلدان، وتزامن معه ركود علمي وانتشار الجهل بين طبقات المجتمع، فشهدت المنطقة مع تأسيس الدولة السعودية الأولى في عام 1139ه / 1727م عندما تولى الإمام محمد بن سعود حكم الدرعية، التحول الجذري في أحوالها فتبدلت من الخوف إلى نعيم الأمن، ومن انتشار النزاعات والصراعات إلى الوحدة والتلاحم، ومن سوء الأحوال الاقتصادية وظلام الجهل إلى ازدهار الاقتصاد ونور العلم، فتهافت التجار والعلماء قاصدين الدولة السعودية الأولى كمنارة اقتصادية وعلمية. وقد تشكلت الهوية الوطنية السعودية مع قيام الدولة السعودية الأولى عندما تولى الامام محمد بن سعود إمارة الدرعية، وكانت الركيزة الأساسية لقيام الدولة السعودية الأولى هو تحقيق الأمن، وعندما حقق الإمام محمد بن سعود الأمن، شهدت المنطقة تطورا وازدهارا علميا واقتصاديا، فكانت تتسم بالقوة والصمود ضد الهجمات الخارجية، واتسمت باستقرارها الداخلي ووحدة أفرادها وتلاحمهم الوطني، فالمتأمل في التاريخ يدرك أن لتحقيق الأمن دور مهم في ترسيخ الهوية الوطنية، فقبل تأسيس الدولة السعودية لا يوجد هناك أي معلم من معالم المجتمع أو الهوية الوطنية، وتلك الفترة كان يسودها الخوف وانعدام الأمن والتناحر وكثرة الحروب والصراعات بين المناطق والبلدات والقبائل. لذلك عندما حقق الإمام محمد بن سعود الأمن وسعى على تقوية الروابط المجتمعية، نشأ مجتمع يأمن بعضه البعض، وأوجد لديهم الانتماء الوطني. فهذا الانتماء الوطني كان يربط بين مواطنين الدولة السعودية الأولى الذين ينتمون لقبائل ومناطق مختلفة، فأصبح الجميع تحت حكم الإمام محمد بن سعود سواسية بهوية وطنية واحدة وعلاقتهم بالقيادة علاقة قوية تضمن لهم حقوقهم وتحمي مصالحهم. مداخلة أ. هاني وفا: حسب المعلومات التاريخية أنه جاءت حملة طوسون عن طريق ينبع وكانت تقصد المدينة على ما أعتقد ولم ينجح فيها طوسون وقتل في هذه الحملة. د. فهد الدامغ: طبعا حملة طوسون من مصر ايضا وكانت هي الحملة الاولى وحققت بعض النجاح في البداية ثم استطاعت الدولة السعودية ان تلحق بها الهزيمة فارسل محمد علي باشا قوة اكبر بقيادة ابنه ابراهيم باشا وقبل هذا وذاك فالحملات التي جاءت من العراق كانت موجهة من الدولة العثمانية لان والي بغداد يتبع الدولة العثمانية لكن عندما رأوا أن والي بغداد عجز عن هذه المهمة، أسندوا الأمر إلى والي مصر وكان قويا في ذلك الوقت حيث ان محمد علي انشأ جيشا قويا ويعد باني النهضة الحديثة لمصر. مداخلة أ. خالد الربيش: سؤالي للدكتور فهد، هذه هي السنة الثالثة التي نحتفل بيوم التأسيس ودائما نتساءل كيف نعكس اهمية هذا اليوم على الجيل الجديد الناشئ كيف نترجم أهمية هذا اليوم اعلاميا؟ وما الرسالة المفروض ان تصل الى الجيل الناشئ للتأكيد على اهمية هذا اليوم؟ وسؤال آخر للأستاذ عبد الله الرد الجميل الذي تحدثت فيه هل يوجد توثيق تاريخي لكل هذه الاحداث؟ هل هي موثقة؟ وهل ترى اهمية ان يكون هناك فيلم توثيقي لهذه الاحداث بسرديتها من البداية حتى هذا اليوم؟ أ.عبدالله النوح: اقتراح جميل وليته يكون واظن هناك أفكار حول هذا الموضوع موجودة في مؤسسة الدرعية وقد بدؤوا ببعض الافلام وتم عرضها لكن كقصص اما كسرد تاريخي فهناك البعض منها. وقد تعاقدت الهيئة الملكية لمدينة الرياض مع شركة فرنسية لتعيين مواقع الاثار وقد رافقتهم مع الدكتور راشد بن عساكر في الاسبوع الماضي وحددنا بعض المواقع التي يظن انها مواقع قديمة للرياض. وقد حضروا بعضها ووجدوا مسجد العيد في شارع الوزير كما وجدوا قنوات مائية مصفوفة، وهذا الموضوع مازال في بدايته فالمنطقة غنية بالتاريخ قديما وحديثا سواء الروائي او المادي. أ. نوال الجبر: هو يقصد هل هو موثق في الكتب ام هو تاريخ روائي فقط. أ.عبد الله النوح: يوجد كتب موثقة لهذا التاريخ كتاريخ ابن غنام ويوجد صقر الجزيرة وهناك مؤلفات كويتية وخليجية موجودة ومؤلفات ابراهيم العيسى وكل طبعة تختلف عن غيرها الا ان الطبعات القديمة يوجد فيها معلومات أثرية. د. فهد الدامغ: حقيقة ان هذا من اهم مستهدفات لهذ اليوم وذلك بربط الجيل الجديد من الشبان والشابات والطلاب وحتى كبار السن بالعمق التاريخي والتراثي لبلادنا، والذي ينظر في رؤية 2030 لا تخطئ العين اهتمامها بهذا البعد لأنه يؤصل الهوية في اي امة واي مجتمع فان التاريخ والعمق التاريخي له انعكاس على الهوية والولاء للوطن وعلى الارتباط والتلاحم وتعرف الاشياء بأضدادها فعندما تعرف ما كان يعيشه المجتمع من فرقة وانقسام ولا يستطيع الشخص الانتقال من بلدة الى اخرى كما ذكر الا ب «خوي» وانتشار السلب والنهب والتخلف الاقتصادي وغير ذلك، ثم تنظر وتدرس التأسيس وما ترتب عليه من وحدة وطنية وتطور اقتصادي ورخاء.. فانت تعمق هذه الابعاد في نفس الأسباب ثم تربطهم بتراثهم من خلال اللباس والعادات والتقاليد الجميلة فيصبح لديهم ثراء في هذا الجانب ويتكون لديهم ولاء للوطن وللقيادة وتقدير لقيمة هذا الوطن وان له عمقا تاريخيا ويسبق الكثير من الكيانات صاحب السمو الملكي ولي العهد في احدى المقابلات مع احد الزعماء حين ذكر ان المملكة استقلت وقت كذا فرد عليه سمو ولي العهد ان المملكة لم تخضع للاستعمار مطلقا لونا 300 سنة فنحن نسبق دولا عظمى في العالم باننا دولة لها كيان ودولة مؤسساتية ولها عمق تاريخي ممتد فهذه الابعاد مهمة في تكوين الهوية وفي ربط الاجيال ببلدهم وثقافتهم ودولتهم. مداخلة أ. هاني وفا : د. إبراهيم النحاس، الوضع السياسي الاقليمي في مرحلة التأسيس اثر على المشهد في ذلك الوقت، فالكويت مثلا كانت تتبع والي البصرة وباقي الخليج كان امارات صغيرة، كيف ننظر للوضع السياسي في تلك المرحلة؟ د. إبراهيم النحاس: الوضع السياسي في ذلك العصر كان يميل لمرحلة الصراعات من الامبراطوريات في منطقة الخليج سواء الوجود التركي او البريطاني، فالصراع كان بين هاتين الامبراطوريتين كبيرا جدا في هذه المنطقة، اما عمق الجزيرة العربية لم يكن محل تهديد بين الدولتين ولم يكن محل صراع بحكم انتفاء الاطماع في تلك الفترة، وكان الصراع في الساحل الخليجي، ومنطقة الحجاز وجنوبي الجزيرة فقط، ولذلك فإن بروز الدولة السعودية في فترة الامام محمد بن سعود شكل بداية التهديد لملء الفراغ الموجود في قلب الجزيرة العربية، وبالتالي صعود الدولة السعودية الأولى في ذلك الوقت وخروجها من منطقة نجد الى اطراف الجزيرة العربية والحجاز شكل تهديدا مباشرا لتلك الامبراطوريات خاصة التركية مما دعاها لتوجيه حملتها التي دمرت الدرعية في ذلك الوقت، وقضي على الدولة السعودية الأولى، وبالتالي فإن الامام محمد بن سعود بملئه ذلك الفراغ اوجد مفهوما جديدا في قلب الجزيرة العربية وهو مفهوم الدولة من اللا دولة، ومرحلة المجتمع غير المنتظم الى مرحلة المجتمع المنتظم، والذي شكل بعد ذلك ارثا تاريخيا لمفهوم جديد وارث جديد انطلقت منه الدولة السعودية الثالثة التي أسسها الملك عبدالعزيز، وبنيت عليه هذه الدولة المباركة التي نعيش فيك كنفها، لذلك فان صعود الدولة السعودية الأولى وملئها الفراغ السياسي وقدرتها على التمدد خارج منطقة نجد والى منطقة الحجاز تحديدا شكل تهديدا للوجود التركي كإمبراطورية إسلامية، بالسيطرة على الحرمين الشريفين والذي يمثل شرعية للدولة التركية برمزيتها الإسلامية، لذلك تعد الدولة السعودية الأولى مرحلة مهمة في تاريخ العالم العربي والإسلامي، حيث شكلت ارثا نعيشه نحن الآن وهو بروز هذه الدولة كدولة عربية أولى ودولة إسلامية أولى. د. محمد العتيبي: ولي العهد استقبل زعماء العالم في العلا المضيئة حضارياً» أ. نوال الجبر د. محمد العتيبي، بودنا ان نعرف أهمية الآثار السعودية في رؤية المملكة 2030؟ د. محمد العتيبي: -سمو ولي العهد استقبل أهم زعماء العالم في العلا، وهذه رسالة في زعمي أنها رسالة قوية جدا، فهو يستقبلهم في جزء من المملكة كان مضيئا حضاريا قبل 2500 سنة من الامارة، نحن بلد له عمق حضاري ضخم جدا ويفتخر بذلك. مداخلة أ. هاني وفا : * لدي سؤال للدكتور محمد، ما الآثار المتبقية من الدولة السعودية الأولى؟ د. محمد العتيبي: الدرعية جزء منها كتب فيها رسائل علمية وابحاث دكتوراه في قسم الآثار، ولعل من تلك الرسائل رسالة احدى طالباتنا التي ستتم مناقشتها بعد أسبوعين عن قصور ال سعود في الدرعية، وهناك رسائل علمية كثيرة خرجت من قسم الآثار عن الدرعية، حيث كانت مدينة الدرعية مهمة للغاية في الدولة السعودية الأولى، وفي الدولة السعودية الثانية بمجرد انتقال الامام تركي بن عبد الله الى الرياض تحولت أهمية الدرعية تبعاً للرياض. أ. عبدالله النوح: * الظروف الإقليمية الداخلية والخارجية المحيطة بالدولة السعودية الأولى، فالإمام محمد بن سعود كان يرعى الأوضاع في وسط نجد، ومدى اهمال الدولة العثمانية لها تعليميا ودينيا وغير ذلك من الفوضى المنتشرة، وكان لديه حس وحدوي، فبدأ يسعى لتوحيد نجد تحت حكمه العادل، وهذا كان معروفا عنه حتى في وسط الأسرة المالكة، وعندما تمكن من ضم الحجاز بعد الاحساء، والخطر المحدق بها ذلك ان الخليفة العثماني كان يلقب ب «حامي الحرمين»، بالإضافة الى وجود نقطة مهمة جدا وهي ان الاسرة السعودية من بني حنيفة ومن اصل العرب، وهذه حاضرتهم من 2000/3000 سنة، فخافت الدولة العثمانية من العنصر العربي، حيث ان جباية الزكاة للإمام محمد بن سعود وصلت حتى بصرى الشام وضواحي نابلس في فلسطين وغرب بغداد، اذن الدولة العثمانية كانت امام دولة ممتدة ومسيطرة على مكة وهي عربية إسلامية. د. فهد الدامغ: الدرعية بعد تأسيس الدولة تحولت تدريجياً من بلدة صغيرة إلى أكبر مدينة في الجزيرة العربية. أ. نوال الجبر: د. فهد الدامغ: حدثنا عن الدرعية باعتبارها العاصمة السياسية للدولة السعودية الأولى. د. فهد الدامغ الدرعية بعد تأسيس الدولة تحولت تدريجياً من بلدة صغيرة إلى أن أصبحت أكبر مدينة في الجزيرة العربية، وقبل أن استطرد في موضوع المدينة. وما حققته من تطور اقتصادي واجتماعي وغيرها، ان الشخصية التي نتحدث عنها هي الامام محمد بن سعود المؤسس، ومن حقه علينا ابراز شخصيته بشكل أكبر لعدة صفات فيه، فهو يعد من القادة المؤسسين البناة، مثل الذي أسسوا الدولة الاموية والعباسية وغيرها، فهو مؤسس دولة اخرجها من ظروف صعبة، ربما تنشأ دولة من إرثها لدول سابقة لها او تأتي في مجتمع اقتصادي قوي لكن يكاد يكون الامام محمد بن سعود أنشأ دولة من العدم بالنسبة للوضع الاقتصادي والسياسي السيء جدا، لذلك يمكن ان نقول في التحقيق التاريخي ان بداية التاريخ الحديث في الجزيرة العربية يبدأ من 1139 من لحظة تأسيس الامام محمد بن سعود للدولة السعودية الأولى. فهذه الشخصية التي أحدثت التحول الكبير لها سمات ذكرها المؤرخون، ومنها: الشجاعة، والقدرة على التأثير في أبناء مجتمعه، فهو كان مشاركا في المعارك العسكرية منذ عهد والده، وواجه قوى كبرى مثل امارة بني خالد التي كانت في إقليم البحرين وغيرها، الحنكة السياسية: فلديه حنكة وبعد نظر واستقراء سليم للأوضاع، ولديه رؤية مستقبلة ثاقبة للأوضاع وما تؤول اليه، والتدين وحب الخير والالتزام بأحكام الشرع في حياته الخاصة وفي تعامله مع الناس في احكامه على مستوى الدولة، وعنده ايمان قطعي بأهمية الوحدة الوطنية والدولة الوطنية حيث رآها المخرج لما تعيشه المنطقة من اضطراب وفوضى لمئات السنين، ومن سماته الحزم والتصدي لمن يتعرض للبلاد، وقد خاض حروبا طويلة امتدت لعشرات السنين لتحقيق هذا الهدف. مداخلة أ. سليمان العساف * ما سبب تسمية الدرعية بهذا الاسم؟ د. فهد الدامغ : سبب التسمية بيّنه خادم الحرمين الشريفين، وهو ملك المؤرخين والمرجعية في التاريخ بشكل عام وخصوصاً في تاريخ الجزيرة العربية وبالأخص في تاريخ الدولة السعودية، والسبب هو أن المردة ومنهم الجد الأعلى للأسرة مانع المريدي يعودون إلى الدروع والدروع يعودون إلى بني حنيفة، وعندما انتقلوا من منطقة اليمامة إلى المنطقة الشرقية أسسوا بلدة وسموها «الدرعية» نسبة إلى أسرتهم الأصلية الدروع، وعندما رجعوا إلى موطنهم الأصلي في حوض وادي حنيفة واستقروا في المنطقة سموها الدرعية، وبالمناسبة كان فيها استقرار حضري لكنه اندثر وكان الموقع يسمى ب «الغبرا» أو «الغبيرا»، فلما جاء مانع المريدي إلى المنطقة سماها «الدرعية» نسبة إلى أسرتهم الدروع. مداخلة أ. هاني وفا نحن في وقتنا الراهن نطلق مسميات الدولة السعودية الأولى والدولة السعودية الثانية والدولة السعودية الثالثة، لكن في وقتها ماذا كان يطلق على الدرعية؟ هل كانت تدعى ب «إمارة الدرعية»؟ د. فهد الدامغ : * ورد في المصادر إشارة إلى تسميتها بالدولة السعودية كما عند ابن لعبون، وذلك نسبة إلى آل سعود، فالاسم كان موجوداً في تلك الفترة، وكان الزعيم يطلق عليه لقب «الإمام». وقبل قيام الدولة كان يطلق على الدرعية «إمارة الدرعية». والفارق أن في الثلاثمائة سنة قبل قيام الدولة (من 850 إلى 1138) كانت إمارة والحاكم أميراً، وبعد قيام الدولة صار الحاكم إماماً. د. إبراهيم النحاس: ليس الحاضر إلا إرث للعمل السياسي والأمني الذي أسسه الإمام محمد بن سعود أ. نوال الجبر: د. إبراهيم النحاس، كيف تصف الإرث السياسي والأمني للدولة السعودية منذ عهد الإمام محمد بن سعود وحتى وقتنا الحاضر بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - حفظهما الله -؟ د. إبراهيم النحاس: * عوداً على ما تم طرحه فيما يتعلق بالإرث السياسي الذي بناه الإمام محمد بن سعود من خلال بناء مؤسسات الدولة وذلك لأول مرة في تاريخ الجزيرة العربية وفق مفهوم الدولة الحديثة التي نعيشها الآن، فعندما أتحدث عن دولة يعني وجود مؤسسة سياسية ومؤسسة دينية ومؤسسة أمنية ومؤسسة اجتماعية وهكذا بالنسبة لجميع مؤسسات الدولة، وهذا الأمر مكّنها من الانطلاق إلى أطراف الجزيرة العربية والسيطرة بعد ذلك على الكثير من الأقاليم في شبه الجزيرة العربية، وتم تعزيز مفهوم الدولة لدى أبناء المجتمع، لذلك عندما أتت الدولة السعودية الثانية لم يعانِ مؤسسها الإمام تركي كثيراً في إعادة تأسيس الدولة انطلاقاً من ذلك الإرث الذي خلفته الدولة السعودية الأولى، وكذلك عندما أتى الملك عبدالعزيز لتأسيس الدولة السعودية الثالثة انطلق أيضاً من ذلك الإرث السياسي الذي أَلفِه وعرفه أبناء الجزيرة العربية، وكانت وقفة أبناء القبائل والعوائل معه كبيرة جداً انطلاقاً من ذلك الإرث، وبعده تم تأسيس هذه المؤسسات في الدولة الحديثة انطلاقاً من مجلس الشورى بداية وبعد ذلك مجلس الوكلاء إلى أن وصلنا إلى وقتنا الحاضر، وبالتالي ليس الحاضر إلا إرث لذلك العمل السياسي والأمني الكبير الذي أسسه الإمام محمد بن سعود وبنى عليه بعد ذلك الأئمة والملوك حتى وقتنا الحاضر. د. محمد الخليف: استمرت النخوة هذه مع أطوار الدولة السعودية الأولى والثانية وفي عهد المملكة، حيث تتردد هذه النخوة دائماً «هل العوجا» أو «راعي العوجا» أو «خيال العوجا» أ. نوال الجبر : * د. محمد الخليف، كيف جاءت أوجه تحديد دلالة نخوة العوجا منذ التأسيس حتى يومنا هذا؟ د. محمد الخليف: * أن نشأة وترديد نخوة العوجا كان مع نشأة الدولة السعودية الأولى، وانتشرت عند هجوم العثمانيين على الدرعية في عهد الإمام محمد بن سعود سنة (1178) وحصارهم لها، وهناك قصيدة أرسلت من الشاعرة موضي الدهلاوي في حصار الرسن سنة (1232) ومطلعها: هيه يا راكبٍ حمرا ظهيرة.... تزعج الكور نابية السنام. فكانت تحذرهم من الهجوم القادم، فهذه القصيدة أديت في عرضة بطلب من الأمير عبد العزيز بن محمد للجنود لرفع معنوياتهم، واستطاعوا صد ذلك الهجوم في تلك الفترة، استمرت النخوة هذه مع أطوار الدولة السعودية الأولى والثانية وفي عهد المملكة العربية السعودية، لكنها ارتبطت في الحقيقة مع الشعر والعرضة حيث تتردد هذه النخوة دائماً «هل العوجا» أو «راعي العوجا» أو «خيال العوجا». ولتحديد دلالاتها اجتهد عدد من الكتاب والمفكرين والمؤرخين، ودارت آراؤهم حول خمسة تفسيرات أو آراء، وضحها الدكتور فهد السماري الأمين العام لدارة الملك عبدالعزيز في كتابه (أهل العوجا). ومنها أنها تنسب إلى اسم فرس عربي، أو اسم قطيع من الإبل مشهورة، أو إلى الدعوة الإصلاحية، أو إلى كلمة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله) حيث أنها الدعوة المعنية، أو أنها ترتبط بمكان ما، والذي حسم هذ الجدل كما ذكر د. السماري هو خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ملك المؤرخين - حفظه الله - في رده على تلك الآراء وتعليقاً عليها في مجلة اليمامة عام (1431) حيث بين وفنّد تلك الآراء، فذكر عدم وجود إثبات تاريخي على ارتابطها بفرس ولا باسم قطيع من الإبل، ولا بالدعوة الإصلاحية ، وكذلك كلمة التوحيد لا ارتباط بها فكلمة التوحيد لا يمكن وصفها ب «العوجا» فهي دعوة مستقيمة، وأكد أن النخوة «هل العوجا» ترتبط بالمكان وهو الدرعية تحديداً التي انطلقت منها الدولة السعودية الأولى وصارت نخوة لآل سعود ثم من بعدهم لأهل الدرعية ثم لأهل العارض ثم للدولة السعودية بأكملها حتى وقتنا الحاضر. مداخلة أ. عبدالله الحسني: نشكر لكم إثراءكم لهذه الندوة، فكل متحدث طاف بنا في مفاصل تاريخية مهمة، لكن الناظم الذي يربط هذه الندوة هو إشارتكم إلى العمق التاريخي والحضاري للمملكة، وأنه لا ينحصر في فترة زمنية (ثلاثة قرون) ولكنه يمتد إلى ما قبل الإسلام إلى هذا العصر الحديث كما أشار الدكتور محمد العتيبي، أيضاً أشير إلى تساؤل الأستاذ الدكتور فهد الدافع عن الاحتفال بهذا اليوم - يوم التأسيس -، أعتقد أن التأسيس ليس مجرد ذكرى يحتفى بها ولكنه لحظة تاريخية استنبتت جذور الهوية وبذرة الخلود التي غرست في تربة الجزيرة العربية لتثمر كياناً ممتداً عبر الزمن، وأعتقد أيضاً أنها لحظة وعي جمعي عن أن التاريخ اتحد مع الإرادة والجغرافية مع الحتمية، ليصاغ نهج تشكل في ذهن المؤسس ورجاله الذين أدركوا أن الحضارة تبنى بالثبات على المبادئ قبل أن تشاد على الحجر، وهو ما أشار له الدكتور عبدالله نوح حين ذكر عمق الدولة السعودية الأولى وأنها كانت قبلة للعلم، فكان حجر اليمامة مقصداً للعلماء كالأوزاعي، وأيضاً أشار الدكتور إبراهيم النحاس إلى فلسفة الدولة الحديثة وهو ما نشاهده وترسخ عبر امتداد الدولة السعودية منذ التأسيس إلى يومنا هذا، فهي ثابتة والمبادئ متوارثة فيها، حتى رخائها واستقرار في الوقت الحالي. لذا أرى أن ملخص هذه الندوة يشير إلى عراقة هذه الدولة وامتدادها وقيامها على أسس راسخة من الدين والعقيدة والقيم العظيمة والنخوة كما أشار الدكتور محمد الخليف. أ. عبد الله نوح: واستمرت الحركة العلمية في الرياض في مسجدها الجامع ومن العلماء الشيخ أحمد القايد وأحمد العطوة بالإضافة إلى الأوزاعي، فكانت الحركة العلمية مستمرة أ. نوال الجبر: أ.عبد الله نوح، حدّثنا عن أبرز معالم مدينة الرياض من أسوارها وقلاعها وحصونها، ونبذة بسيطة عن الحياة العلمية والاجتماعية. أ. عبدالله نوح: * قبل أن تتكون مدينة الرياض في عهد الدولة السعودية الأولى كانت الحركة العلمية فيها مستمرة، خاصة مع قدوم الصحابة إليها كخالد بن الوليد ومجاعة بن مرارة الحنفي وثمامة بن أثال رضي الله عنهم، وقد ذكرت بعض الأبراج في الرياض ذكرها عبدالرحمن الرويشد أنها إقطاع للرسول لمجاعة بن مرارة الحنفي، وهي تقع حالياً في منتجع السلام، واستمرت الحركة العلمية في الرياض في مسجدها الجامع ومن العلماء الشيخ أحمد القايد وأحمد العطوة بالإضافة إلى الأوزاعي، فكانت الحركة العلمية مستمرة، حتى الشيخ محمد بن عبدالوهاب في الدولة السعودية الأولى كان أكثر خطاباته للعلماء في الرياض وذلك في رسائله، لأن الحرب استمرت معهم (28) سنة، هم كانوا يعتقدون أن الخلاف سياسي وليس دينياً، إضافة إلى أن الحلقات العلمية لم تتوقف في الرياض وكانت مستمرة. أما الحياة الاجتماعية، وإلى عهد قريب قبل مئة سنة الرياض كان يحيط بها سور إلى عام (1370ه) فعندما تخرج من دروازة الدخنة إلى المنفوحة كان النخيل منتشراً في الطريق إلى أن تصل غرباً إلى الشميسي وإلى الشرق حيث العود، فمقبرة العود الحالية كانت روضة يفيض فيها وادي...... البطحاء وكان أهل الرياض يتبعلون فيها، إي يزرعون فيها...، إلى أن جاء الإمام فيصل بن تركي حيث امتلأت مقبرة الشلقة التي في شارع الوزير، فتركي بن عبدالله مدفون في الشقة، بينما فيصل بن تركي فهد فهو مدفون في العود، فكل كان يعيش على نخلة، والبلد كان لها سور والمزارع كانت خارجه وكان الناس يخرجون إليها فإذا حصل توتر ما دخلوا إلى المدينة وأغلقوا أبواب السور عليهم، وكانت الأبواب تفتح فجراً وتغلق عند المغرب، وكان في الرياض قضاة ويوجد علاج شعبي، وكان فيها عدة أسواق كسوق المهن في المعيقلية، وهناك سوق المقيبرة وهو سوق قديم، يقول الدكتور محمد الربيع: إن هذا السوق هو سوق الحجر القديم واستمر حتى الآن وكان يوجد بجانبه مقبرة نقلت إلى مقبرة العود في بداية تأسيسها، ومن الأماكن أيضاً المصمك الذي بني في عهد عبدالله بن فيصل، وبعضهم يقول إن من بناه هو محمد بن عبدالله الرشيد، لكنه بني على قصر أقدم منه، وكذلك قصر الحكم والجامع الكبير والذي يسمى الآن جامع محمد بن إبراهيم في الدخنة فهو من الجوامع القديمة في الرياض، وكان سور الرياض يمتد إلى المنفوحة. مداخلة أ. هاني وفا: هل هناك تقدير لمساحة الرياض في ذلك الوقت؟ أ. عبدالله النوح : السور الأخير لمدينة الرياض الذي كان على عهد الملك عبد العزيز ولا يضم المعكال والمنفوحة وهو السور الذي كان قائماً عند فتح الرياض. وهو ليس السور القديم في وقت ابن دهام، فابن رشيد عندما سقطت الدولة السعودية الثانية هدم سور الرياض، فلم يكن للرياض سوراً حينها، وعندما جاء الملك عبدالعزيز هو الذي شرع في بناء السور وضم البيوت وأخرج النخيل. واليوم نجد بعد تطوير المنطقة أنهم وضعوا بلاطاً مختلفاً عن الإسفلت لتبيين الأماكن. وأعتقد أن الرياض كانت مساحتها كيلومترات قليلة حينها، لكن إذا ضممنا إليها المنفوحة إلى الدرعية ستكون الرياض ذات مساحة كبيرة. د. فهد الدامغ: أود التعليق على الكلم الجميل الذي ذكره الأستاذ عبدالله الحسني حول موضوع التأسيس وفلسفته، في الواقع إن التأسيس قصة نجاح انطلقت من واقع سياسي وأمني واقتصادي وديني وعلمي كان بحاجة إلى إصبع، وتبنّى هذا المؤسس الإمام محمد بن سعود فأقام دولة في وسط الجزيرة العربية لأول مرة منذ أكثر من ألف عام وحققت إنجازاً ما نزال نعيش نعمته وآثاره السارية إلى اليوم، لكن فلسفة التأسيس لا تقتصر على قصّ هذا الحدث ونتوقف عند ذلك، فالتأسيس ممتد، فالإمام تركي بن عبدالله مؤسس بعد إسقاط الدولة الأولى، فهو امتداد للتأسيس، والملك عبدالعزيز الموحّد - رحمه الله - لما وقع الانقسام والاختلاف جاء كموحّد ومؤسس، والرؤية الآن بعد تغير الظروف العالمية والاقتصادية والتي اقتضت هيكلة جديدة هي تأسيس آخر، فالدول مثل الإنسان فكما أنه يتطور حياتياً ويتغير مستواه الاقتصادي واحتياجاته فالدول كذلك، فمع مرور الزمن تحتاج إلى إعادة تأسيس، فمفهوم التأسيس ممتد عبر الزمن وليس قاصراً على الإمام محمد بن سعود ولا على الدولة السعودية الأولى بل هو فلسفة ومعنى ممتد. أ. محمد السماري: رؤية 2030 تهدف لتعزيز الهوية الوطنية والمحافظة عليها أ.نوال الجبر * أ. محمد السماري، هل لك أن تحدثنا حول الهوية السعودية، الجذور التاريخية والروابط التاريخية؟ أ. محمد السماري تتشكل الهوية الوطنية وتتطور من عوامل تاريخية وثقافية مشتركة بين أفراد المجتمع وتميزهم عن غيرهم، ويعتز بها أفرادها وتكون مصدر الهام وفخر وعزة لهم. تتميز الهوية الوطنية السعودية بامتدادها التاريخي لأكثر من ثلاثة قرون، ثلاثة قرون من الرفعة والقوة والوحدة. ترتكز الهوية الوطنية السعودية على عدد من الركائز الأساسية: الإسلام، اللغة العربية، والجذور التاريخية والروابط الثقافية، والوحدة الوطنية. فالجذور التاريخية تتمثل في تأسيس الدولة السعودية الأولى وما قام به الإمام محمد بن سعود من تحقيق الأمن والوحدة والاستقرار في المنطقة وكما تعكس جهود أبنائه من بعده الذين ساروا على دربه. كما قامت الدولة السعودية الثانية على نفس المبادئ والأسس الراسخة للدولة السعودية الأولى، وما قام به الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- بعد ذلك من توحيد البلاد الذي أرسى فيها دعائم الأمن والأمان وأوجد النهضة الشاملة والرخاء والاستقرار، وسار على دربه أبناؤه الملوك من بعده وحققوا المزيد من الازدهار والتطور في كافة المجالات. وما نشهده اليوم في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظهما الله- من إنجازات متتالية غير مسبوقة وتنمية شاملة على جميع المستويات والأصعدة التي عززت فيها مكانة المملكة العربية السعودية بين دول العالم بل جعلتها في مصاف الدول المتقدمة. ولا شك بأن الهوية الوطنية السعودية في رؤية 2030 لتحقيق التوازن الأمثل بين التطور الحضاري والحفاظ على الإرث التاريخي حيث كان بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، أطلق ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان عام 2016م رؤية السعودية 2030 التي تهدف للتحول نحو مستقبل مشرق وواعد، وتتكون من ثلاثة محاور: مجتمع حيوي، اقتصاد مزدهر، ووطن طموح. الرؤية ركزت في هذه المحاور الثلاثة على الاعتزاز بالوطن والهوية الوطنية والتراث والثقافة، والمحافظة على الهوية السعودية، والافتخار بها وإبرازها للعالم أجمع، ونقلها إلى الأجيال القادمة، من خلال توعية الأجيال بعراقة تاريخ المملكة العربية السعودية الممتد لأكثر من ثلاثة قرون، وغرس المبادئ والقيم الوطنية، والعناية بتعزيز الروابط الاجتماعية، وإبراز الجوانب الثقافية، وذلك من خلال إقامة المتاحف والمشاريع التراثية، وخير مثال على ذلك جهود هيئة تطوير بوابة الدرعية التاريخية في إقامة أكبر مشروع تراثي وثقافي في العالم لتطوير الدرعية التاريخية جوهرة المملكة العربية السعودية. كما استهدفت محاور الرؤية الثلاثة توفير الرفاهية الصحية والنفسية والاجتماعية لتحقيق جودة حياة عالية من أجل تعزيز قوة المجتمع، وكذلك تمكين شباب الوطن من المشاركة في جميع القطاعات وتمثيلهم للهوية الوطنية خير تمثيل من خلال توفير بيئة مناسبة للنمو، واستحداث فرص عمل للمواطنين، ورعاية المواهب وتنمية الاستثمارات، وكذلك تعزز رؤية السعودية 2030 الهوية الوطنية من خلال دعوة جميع فئات المجتمع إلى المساهمة في تنمية الوطن واستثمار الفرص للنهوض به. وكذلك ترتكز رؤية السعودية 2030 على: العمق العربي والإسلامي، والقوة الاستثمارية، والموقع الجغرافي، وتشكل هذه المحاور جزءًا أساسيا من مكونات الهوية الوطنية السعودية، حيث تسعى الرؤية لتحقيق التوازن الأمثل بين التطور الحضاري والحفاظ على الإرث التاريخي من خلال تعزيز المكانة الدينية، إبراز التراث بأشكاله المختلفة، إلى جانب استثمار الموقع الجغرافي الذي يربط بين عدة قارات. وفي الختام، تهدف رؤية السعودية 2030 لتعزيز الهوية الوطنية والمحافظة عليها وإبرازها للعالم، من خلال المحافظة على الإرث التاريخي والاستفادة من التطور الحضاري، وتعزيز مكانة المملكة العربية السعودية عالمياً، وهذا التوازن يضمن للأجيال القادمة مستقبلا مزدهرا معتزين فيه بجذورهم التاريخية والثقافية. ضيوف الندوة البرفيسور فهد الدامغ د. إبراهيم النحاس د. محمد بن ناصر الخليف د. محمد العتيبي عبدالله النوح محمد السماري حضور الندوة هاني وفا خالد الربيش صالح الحماد عبدالله الحسني سليمان العساف نوال الجبر ناصر العماش