إن ملحمة هذا الوطن المعطاء منذ تأسيسه على يد الإمام محمد بن سعود عام 1139ه /1727م إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- لهي ملحمة تستحق التأمل والوقوف أمامها طويلاً لاستخلاص معاني البطولة والصمود والبناء والتلاحم، لقد انفردت ملحمتنا الوطنية عن جميع الملاحم التي دونها لنا التاريخ، فلقد تم تأسيس هذه الدولة المباركة على يد إمامها لا لتكون دولة على أنقاض دولة سابقة، بل لتكون نفسها وهي الدولة السعودية. ثم إن هذه الدولة لم تستعمر -ولله الحمد والمنة- بل ظلت منيعة وحصينة بفضل قادتها ورجالها ومقدراتها، وها هي اليوم تتمتع بثقل كبير على المسرح العالمي، كما أن محاولات النيل منها عن طريق الحملات الغاشمة لم تسقطها بالمعنى التاريخي، حيث لا تلبث أن تظهر بعد وقت قصير بقوة وثبات وهي ظاهرة تاريخية فريدة، لقد اختار الله هذه الدولة المباركة لتكون مقر أول بيت وضع للناس، ونطاقا جغرافيا لآخر الرسالات السماوية، ومنطقة لظهور اللغة العربية، لقد كانت دولتنا هي أول دولة تبسط نفوذها على هذه المنطقة منذ العام 41ه، بعد دولة النبي وخلفائه الراشدين، لقد حفظ الله بهذه الدولة دينه ومقدساته، ورسالة الإخاء والتسامح التي يحتاجها العالم المعاصر كثيراً، وكما أن الله أعلم حيث يجعل رسالته، فهو وبلا شك أعلم حيث يجعل خاتم الأديان ومقدساته. لقد دعا أبونا إبراهيم لهذه الأرض المباركة: (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات)، وهي الدعوة التي نجد أثرها -ولله الحمد- اليوم في نعمة هذه القيادة المباركة، والأمن، ورغد العيش في عالم تتخطف دوله الطير. لقد جاء الأمر السامي الكريم من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، في 24 جمادى الآخرة 1443ه / 27 يناير 2022م، على أن يكون يوم ال22 من فبراير من كل عام ذكرى تأسيس السعودية، ويكون إجازة وطنية رسمية. وعليه يجب على مختلف المؤسسات التربوية استثمار هذه المناسبة الغالية في زيادة جرعة المعرفة التاريخية لدى الجيل الجديد وربطه بعمقه الحضاري وإرثه السياسي وهويته الوطنية ورؤية وطنه المستقبلية (رؤية 2030). فهذه الجوانب هي وقود - إذا صح التعبير - العبور الآمن للعالم، فلم يعد العالم دولا معزولة عن بعضها البعض، بل أصبح قرية كونية تتشابك فيها مختلف الحضارات والثقافات وسيكون البقاء للأقوى ثقافياً وهوياتياً.