في مشاهد غير مسبوقة، تعيش أم القرى بأسواقها الشعبية والعصرية، المفتوحة والمغلقة، حالات واضحة من الحراك التجاري، وصفه مراقبون بأنه ذروة موسم العمرة وتحديداً ما بين الفترة من محرم إلى شعبان من العام الحالي، وتصدرت قطاعات الفندقة، والمطاعم والتموين الغذائي والنقل والاتصالات والهدايا والتمور والأسماك، والوجبات السريعة، والبخور والعطور، والحلاقة، وتحويل العملات، والإرشاد السياحي، المشهد التجاري بأم القرى. وفي أسواق مركزية مكةالمكرمة وبقية الأحياء القريبة منها هناك نشاط تجاري كبير يتواصل على مدار ساعات اليوم وسط إقبال لافت، في ظل تدفق الحشود البشرية من المعتمرين، من داخل المملكة ومن خارجها، وهي المطاعم بجميع أنواعها السريعة والشعبية والعالمية، إضافة إلى قطاع الاتصالات، والوجبات السريعة، والمواد الغذائية، والحلاقة، والملابس، والعطور والبخور، وتحويل العملات. الأسواق المركزية.. والشعبية وتحيط بساحات الحرم المكي عدة أسواق مركزية مغلقة هي أسواق وقف الملك عبد العزيز ويضم نحو 4000 محل تجاري، وأسواق مكة وتتكون من ثلاثة أدوار تجارية تحتضن قرابة 400 محل تجاري و85 ركناً لأنشطة تجارية متنوعة وأسواق جبل عمر، وتضم أكثر من 300 محل لتجارة التجزئة إضافة إلى أسواق أبراج الصفوة. وفي الوقت نفسه فرياح الانتعاش التجاري التي تعيشه العاصمة المقدسة، قد هبت نفحاتها على بقية الأسواق القريبة من مكةالمكرمة سواءً الشعبية مثل أسواق العتيبية أو الأسواق التجارية المركزية المغلقة، ومحلات قطاع تحويل العملات بدت « للرياض» أمس وكأنها تعيش موسماً حقيقياً لجني الأرباح، في ظل التدفق الكبير للمعتمرين من الخارج، حيث الارتفاع على طلب الريال السعودي من قبل المعتمرين، فيما سجل المعتمرون الأفارقة وخاصة معتمري دول المغرب ومصر ودول غرب ووسط أفريقيا الأكثر تردداً على محلات تحويل العملات طلباً للريال السعودي لتوفير العملات لإدارة مصاريف رحلة العمرة، وهناك المطاعم المتخصصة في تقديم الأكلات الآسيوية والمصرية والأفريقية تشهد هي الأخرى حالة واضحة من الحراك التجاري، حيث يحرص المعتمرون المصريون والباكستانيون والأفارقة على تناول أكلاتهم الشعبية التي يفضلونها على وجبات المطاعم العالمية. الحراك التجاري في أسواق مركزية مكةالمكرمة ينفرد عن غيره من بقية الأسواق العالمية في المدن الدولية، كونه يجمع أكثر من 150 جنسية من جنسيات دول العالم بثقافات واحتياجات، واهتمامات، وأذواق تسوق مختلفة. المكانة الخاصة التي تتمتع بها مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة لدى المسلمين في كل بقاع الأرض، جعلت من منتجات المدينتين المقدستين تحظى بطابع مفضل لدى غالبية المسلمين حول العالم. ويأتي إطلاق هويتي (صنع في مكة) و(صنع في المدينة) مؤخراً بتنسيق بين إمارتي منطقة مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة ووزارة الصناعة والثروة المعدنية، وهيئة تنمية الصادرات السعودية، والهيئة الملكية لمدينة مكةالمكرمة والمشاعر المُقدسة، لإثراء التجربة الدينية لزوّار مكة المكرّمة والمدينةالمنورة، ويعزز نفاذ المنتجات الوطنية لمختلف الأسواق العالمية؛ وذلك نظرًا لما تمثِّله المشاعر المقدسة من ارتباط ديني وثيق للزوّار المسلمين من أرجاء العالم كافة. سوق الهدايا والسبح ملامح سوق السبح بمكةالمكرمة، حيث إن أغلب طلبات الحجاج من الجنسين تتركز على سبح البلاستيك بالدرجة الأولى كحبيبات مختلفة المقاسات والألوان، ثم سبح الخشب البسيطة ثم الكريستال. ووفقاً لمتعاملين فإن أكثر الجنسيات إقبالاً على شراء السبح كهدايا هم حجاج أوزبكستان والجزائر وتركيا والهند وبنغلاديش والمغرب، وفي أسواق السبح بأم القرى ثمة بضائع مقترنة بسبح الحجاج وهي الخواتم الرجالية والحلي النسائية مثل الأساور وحلق الآذان والبناجر والحلي المذهبة والمرصعة بالفصوص والخواتم وتعليقات الصدر النسائية. وفي هذا الشأن قالت المتخصصة في الإدارة والتخطيط الدكتورة جوري البلادي ل»الرياض»: «على الرغم من أن مكةالمكرمة وجهة محلية، وعربية، وإسلامية وعالمية، إلا أن ثمة أسباباً عطلت نجاح جهود توطين وظائف أسواق مكةالمكرمة بالشكل المطلوب وأرجعت الدكتورة البلادي تعثّر توطين أسواق مركزية مكةالمكرمة إلى حزمة أسباب من أهمها ضعف الحوافز المالية والتنظيمية للمنشآت الملتزمة بتوظيف السعوديين، وعدم وجود إطار تنظيمي موحد ومتكامل بين الجهات ذات العلاقة والحاجة إلى آليات فعالة للمتابعة والرقابة على عمليات التوطين وهيمنة العمالة الوافدة على عدد كبير من الوظائف في أسواق مكة مع صعوبة استبدال هذه العمالة بالسعوديين على المدى القصير، وعدم قدرة بعض الوظائف في أسواق مكة على منافسة الفرص الوظيفية في المدن الأخرى، إضافة إلى نظرة بعض السعوديين للوظائف في أسواق مكة على أنها وظائف موسمية أو غير كافية». وجهة عالمية من جانبها، أفادت خبيرة السلوك الريادي وحاضنات الأعمال الدكتورة هيفاء محمد الدعلان: «تعد مكةالمكرمة وجهة عالمية تستقطب ملايين الزوار سنويًا ورغم ذلك، لم تحقق جهود توطين وظائف أسواقها النجاح المنشود، وهنا عدة عوامل تعيق هذه الجهود، منها نقص الكفاءات المحلية المؤهلة للعمل في قطاعات حيوية مثل السياحة والضيافة والمنافسة القوية من العمالة الوافدة التي تقبل برواتب أقل وظروف عمل أصعب، حيث تشير تقارير وزارة العمل والتنمية الاجتماعية السعودية إلى أن هذه العوامل تمثّل تحديات كبيرة تواجه توطين الوظائف، بالإضافة إلى ذلك، تفضيل بعض المواطنين الوظائف الحكومية، على وظائف القطاع الخاص، مما يزيد من صعوبة تحقيق أهداف التوطين. مشيرة إلى أن دراسة من جامعة الملك عبدالعزيز أظهرت أن هناك حاجة ماسة لتغيير هذه الثقافة العملية، من خلال تعزيز الوعي بأهمية العمل في القطاع الخاص وأثره الإيجابي على الاقتصاد الوطني». وحول إذا ما كانت ثمة احتياجات لسن تنظيمات، أو إجراءات جديدة، لتوسيع مساحة توطين أسواق الحج والعمرة، قالت الدكتورة جوري البلادي: «قد يكون هناك حاجة لسن تنظيمات وإجراءات جديدة قابلة للتنفيذ ومؤثرة في الميدان، من أجل التوطين الوظيفي في مكةالمكرمة، من خلال سن تشريعات وأنظمة محفزة للقطاع الخاص لتوظيف السعوديين، وتقديم حوافز ومزايا للشركات الملتزمة بنسب التوطين، وتصميم برامج تدريبية متخصصة لتأهيل الباحثين عن عمل لسد الفجوات المهارية، وإنشاء مراكز تدريب ومعاهد متخصصة لتطوير الكفاءات المحلية، وتطوير منصات رقمية لربط الباحثين عن عمل بالفرص الوظيفية المتاحة، وتحفيز القطاع الخاص وتعزيز الشراكات وتوفير حوافز مالية وضريبية للشركات الملتزمة بالتوطين، وكذلك إنشاء برامج تطوير وتأهيل مشتركة بين القطاعين العام والخاص، والاستثمار في البنية التحتية التقنية والخدماتية المساندة للتوطين، وتطوير حلول مبتكرة لتيسير دخول السعوديين لسوق العمل، مع أهمية تنفيذ هذه الإجراءات بشكل متكامل ومستدام سيساهم في تجاوز التحديات وتحقيق التوطين الوظيفي الناجح في مكةالمكرمة». أسواق مكة تزيد ساعات العمل زيادة منظمة بعدد المعتمرين هدايا المعتمرين تشهد حركة تشبه موسم رمضان الأسواق المركزية ملتقى المعتمرين