تدرك المجتمعات المعاصرة التي تسعى إلى تعزيز مسارات التطور الشامل داخل مؤسساتها، أنه لا غنى لها عن تطور آخر مهم يطال «الهوية الوطنية»، التي تدفع أي مواطن إلى الاعتزاز الدائم بوطنه والافتخار به في كل الأوقات والظروف، فضلاً عن القدرة على مواجهة التحديات، وعدم التأثر بالمتغيرات والثقافات الأخرى، وقد ترتكن هذه الهوية على الجنس أو الدين أو السلالة أو القومية، وهي هويات غير قابلة للتغيير أو التبديل، وقد تنتج عنها صراعات عرقية أو سلوكيات مؤذية. وفي المملكة، اهتمت رؤية 2030 بدرجة كبيرة بتعزيز الهوية السعودية، وإبرازها وتسويقها ورفع اعتزاز المواطنين بها، من خلال حزمة من البرامج والمُبادرات التي وجدت تفاعلًا غير مسبوق داخليًا واهتمامًا لافتًا عالميًا، ومن هنا، حرصت الرؤية على إعادة بناء تلك الهوية من نافذة تحسين وتبديل البيئة والواقع الاجتماعي والاقتصادي للمواطن، وذلك كفيل بتبديل الصورة الذهنية عن الوطن، وإيجاد بناء اجتماعي متقدم، الأمر الذي يعزز الشعور بالرضا لدى المواطن، وينمي لديه الارتباط بالمسؤولية الاجتماعية، وصولاً إلى احترام القوانين والأنظمة، والتعاطف والاحترام المتبادل والتعايش السلمي في بيئات المجتمع. وليس بعيداً عن برامج الرؤية في تعزيز الهوية الوطنية، جاء الأمر الصادر من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء القاضي بالتزام طلاب التعليم العام ارتداء الزي الوطني بمكوناته (الثوب والشماغ أو الغترة) داخل مدارس المملكة، وذلك في إطار حرص سموه على ربط الأجيال الحالية والمُستقبلية بالهوية السعودية الأصيلة، وبموروثها الثقافي والاجتماعي والتاريخي. ومعروف أن المواطن السعودي يرتبط بعلاقة وثيقة بهويته الوطنية، ويُعد اللباس أحد أهم مظاهر هذه الهوية، التي تُشكّل ملامح أي مُجتمع، وعلى الرغم من مظاهر الحداثة والتمدن التي تعيشها مدن المملكة، إلا أن ذلك لم يؤثر مُطلقًا على اعتزاز السعوديين بهويتهم الوطنية. القرار يعكس اهتمام سمو ولي العهد بموضوع إبراز الهوية الوطنية، وهذا الاهتمام ينبع من اعتزاز سموه بأصالة الموروث الوطني، وضرورة المُحافظة عليه، وتعريف العالم به، وما يتميز به من غنى حضاري وثقافي، يؤكد عمق ارتباط الهوية السعودية بأرض الجزيرة العربية، وتبرز أهمية ترسيخ الهوية الوطنية لدى الناشئة وصغار السن من خلال تعزيز ارتباطهم بوطنهم، باعتبار ذلك إحدى الوسائل الرامية لحمايتهم وتحصينهم ضد أية مُهددات أو مشروعات تسعى لتمييعها أو تذويبها.