من بزوغ أشعة شمس كل يوم خميس، ومع النسمات الصباحية الأولى، تتوافد إلى محافظة العارضة بمنطقة جازان تجار، ومستمرون، ومستهلكون، من مختلف قرى، وهجر المحافظة التي تبعد بنحو 60 كم عن مدينة جازان، للمتاجرة والتبضع، من واحد من أشهر وأقدم الأسواق في المنطقة، هو سوق الخميس الذي يزيد عمره على 130 عاماً، كنفاذة تاريخية لاقتصاديات المحافظة. السوق الرائج، والملتقى الأسبوعي الكبير، عبارتان يمكن أن تطلق على السوق الشهير، الذي يعج أسبوعياً، بآلاف المرتادين وسط تنوع كبير من البضائع المعروضة، سواءً المنتجة محلياً، أو المستوردة. «الرياض» التي دلفت إلى المكان صباحاً، مع ضجيج السوق الذي ملأ المكان، رصدت حزمة مشاهدات مصورة، لعل من جملتها الكثافة البشرية، وتعالي أصوات الباعة، والكم الوفير من البضائع المتنوعة، والحراك التجاري، الذي يمتد لعدة ساعات، وتميز السوق بعرض المنتجات الشعبية من الألبسة، والأطعمة، والخضروات، والفواكه، والنباتات العطرية مثل الخطور، والكاذي، والفل، والبعيثران، الذي يستخدم كعادة لتزين الرجال والنساء على حد سواء بوضعها كعصابة على الرأس وتسمى «المشقر». السوق الذي أصبح لوحة فنية زاهية، ومتحف اقتصادي أسبوعي مفتوح، وملتقى لأعيان وأبناء قبائل المحافظة، تنتشر فيه بسطات شعبية لبيع الحلاوة التقليدية، مثل المشبك بألوانه المتعددة، والسمسمية بأنواعها المختلفة والحلقوم والمجلجل. وتظل البهارات، التي تفوح بروائح الزنجبيل والهيل وقشر البن وغيرها حاضرة في قلب السوق الشهير، إضافة إلى البخور والحناء والبخور الجاوي واللبان. ولأن الاواني الفخارية سر من أسرار روعة مذاق الأكلات الجازانية فإن للأواني الفخارية حضورها المهم من المغشات الطينية والحجرية بمقاساتها المختلفة. هل نتوقع تطوير شامل للسوق لتطويره؟ وتعزيز استثماراته، ودعمه كوجهة سياحية وملتقى أسبوعي؟، أسئلة تناثرت مفرداتها أمام الرياض وهي ترصد أبرز احتياجات السوق، الذي تغطي بسطاته الأشرعة التقليدية، وبعض قطع الهناجر الحديدية، ويحتاج لتطوير كبير وتصميم هندسي، يوظف تاريخ، وموروث وثقافة المنطقة ، في تصميم بنائي، مع العناية بأعمال الاصحاح البيئي، ووسائل وتجهيزات عرض البضائع، ووسائل الانارة، والتخزين، وتوفير بقية الخدمات اللوجستية، والاعتناء بتقويض مساحات انتشار المخلفات بعد انتهاء السوق، وتوفير أكشاك وبسطات بتصاميم تحمل رمزية المحافظة وألوانها. ولعل من الفرص الاستثمارية المهدرة في سوق العارضة، تدوير النفايات، التي رصدتها الرياض بكميات كبيرة عقب مغادرة الباعة والمتسوقين، واستثمار تلك المخلفات الهائلة، من البلاستيك والكراتين الورقية، بدلاً من التخلص «التقليدي» الأسبوعي للنفايات بسوق الخميس بالعارضة. وفي العارضة تستوقف الزائر أمثالنا الارتفاعات الشاهقة، لجبال «العبادل، وسلا» و»قيس» كأهم المعالم الطبيعية التي توفر إطلالات بانورامية ساحرة، وفاتنة، على قرى وهجر المحافظة الخضراء. ويُعدّ متنزه مطلّ الأمير محمد بن ناصر بن عبد العزيز بالعارضة الذي تم إنشاؤه عام 1431ه؛ واحداً من أهم الوجهات السياحية بالمحافظة، ومقصدًا للزوار، حيث يُشكل منتجعًا سياحيًا يتوسط المواقع الطبيعة الخلابة بالمحافظة، خاصة مع مواسم هطول الأمطار. وتمتلك العارضة تنوعاً جغرافياً مثيراً بين الجبال الشاهقة والسهول الخضراء، والتاريخ الموغل في القدم، ما يعني استثماراها في قطاع السياحة والترفيه والفندقة. سوق رائج يحتاج لتطوير واستثمارات جديدة