في عصر أصبحت فيه الهوية البصرية جزءًا لا يتجزأ من قوة العلامة التجارية وتميزها، يأتي انتهاك الملكية الفكرية أو التشابه الكبير بين هويات المؤسسات كإشكالية بالغة الخطورة. فالهوية البصرية لأي جهة، سواء كانت حكومية أو خاصة، ليست مجرد تصميم عابر، بل هي أداة استراتيجية تعكس قيم المؤسسة، ورؤيتها، ورسالتها، وتميزها عن غيرها. عندما تلجأ أي جهة إلى استنساخ هوية مشابهة لأخرى، سواء عن قصد أو دون قصد، فإن ذلك لا يقتصر على الجانب الأخلاقي، بل يتعدى ليؤثر على مصداقيتها ويثير جدلاً حول احترامها لمبادئ النزاهة. الانتهاك في هذه الحالة يمس الملكية الفكرية التي تحميها القوانين المحلية والدولية، مما يضع المؤسسة المعتدية أمام تساؤلات قانونية وأخلاقية قد تضر بسمعتها. تشابه الهويات البصرية بين الجهات الحكومية لا يقتصر تأثيره السلبي على الجهة المعتدية فحسب، بل يخلق حالة من التشتيت لدى المتابعين والجمهور، مما يؤدي إلى غياب الوضوح في التمييز بين المؤسسات. هذا الالتباس ينعكس بشكل مباشر على إدراك الجمهور لرسائل تلك المؤسسات ويضعف من جهودها الإعلامية والتوعوية، التي تعتمد بشكل أساسي على وضوح الهوية وتميزها. وفي نهاية المطاف، يُضعف هذا التشابه الكفاءة العامة للعمل الحكومي، ويؤدي إلى تقويض ثقة المجتمع في تلك الجهات. في هذا السياق، نحتاج إلى تدخل جهات عليا ومحايدة تعمل على فك هذا الالتحام غير الجيد بين هويات المؤسسات المتشابهة. يجب أن تكون هذه الجهات ذات سلطة مستقلة وقادرة على فرض معايير صارمة لتحديد المسؤوليات وحماية الملكية الفكرية. دورها لا يقتصر على الفصل في النزاعات فقط، بل يمتد إلى تقديم حلول عملية وإجراءات تنظيمية تمنع تكرار هذه المشكلة مستقبلًا. الابتكار والتميز هما ما يعكسان قوة المؤسسات ويضعانها في موقع الريادة. أما الانزلاق نحو التشابه أو الانتهاك، فإنه لا يضعف من مكانتها فقط، بل يُلقي بظلاله على كفاءة الرسائل التي تسعى إلى إيصالها، ويؤكد على أهمية وجود سياسات صارمة وآليات رقابية تمنع هذه الانتهاكات، وتحافظ على هوية كل مؤسسة بما يليق بدورها ورسالتها.