بعد لقائه بالملك عبدالعزيز طيب الله ثراه سنة 1947م نقل المستشرق الإنجليزي جورج بيلينكن الى جناح مكون من اربع غرف في قصر الملك سعود غفر الله له وكان لا يزال وليا للعهد. قام بيلينكن بداية بقياس صالة النوم كان طولها 48 قدما مكتظة بعشرات الوسائد والحشايا الحريرية وارضيتها مفروشة بالسجاد الفاخر عرّفه رئيس الخدم في القصور الملكية الشاب المبتسم دائما كما وصفه محمد ملا نيازي من أبناء مكة على سعيد ومعجب الذين سيسهران على خدمته. العناية والترتيبات هنا كانت تفوق الخدمات في قصر الضيافة في البديعة. أمضى معجب وقتا في تعليق شبكة البعوض فوق أعمدة السرير الأربعة خشية ان يعطل المطر الذي نزل فجأة شبكة البعوض الأخرى في الدكة الخارجية. يبلغ معدل كميات الامطار المتساقطة هنا كما يقول حوالي أربع بوصات سنويا ويتفاءل السعوديين بهطول الامطار ويعدونه مناسبة مبشرة وسعيدة. حضر الشيخ حافظ وهبة للغداء فجأة حيث يقيم بيلينكن داخل الجناح بمفرده. وكان سعيدا بهذه العزلة بعد زحمة من البرامج ورحلات السفر. الراحة التي وجدها في قصر ولي العهد الملك سعود بدءا من السرير المزدوج الرائع والحمام بالبلاط اللندني الأبيض (الجزء الأهم الذي يعنيه) ذكره بمعاناته في قصر الضيافة في البديعة عند ما كسرت إحدى حنفيات البانيو وهرع الضابط الذي يحرسه لمحاولة اصلاح الحنفية دون جدوى مما وضعه في موقف لا يحسد عليه وسيبقى كما قال في الذاكرة زمنا طويلا للدرجة ان الموقف جعله يتذكر صديقه في لندن صاحب مصنع الأدوات الصحية متمنيا لو يرسل كل منتجاته لنجدته. اليوم القى الضيف بمعاناته مع سباكة الحمام مع الشيخ حافظ وهبة وهم في الطريق للغداء املا ان تحل قبل عودته للبديعة. مشيرا الى انهم عند قيامهم للغداء حاول ان يلتهم الاطباق المتنوعة من افخر أنواع الطعام. لكن الطعام كان كثيرا.. اطباق من الكبدة اللذيذة والدجاج واللحم المطبوخ مع الخضار وشرائح لحم البقر والبيض والأرز والبطاطس والخضار المشوية والفواكه إضافة الى الشاي اللذيذ وعصير البرتقال المثلج وعصير الطماطم وسأل محمد نيازي متجرئاً عما إذا كان بالإمكان ان يحضر له مزيدا من عصير طماطم او برتقال او انناس فابتهج كما قال لأنه سيؤدي خدمة لضيف الملك ووعده بإحضار أنواع العصائر المتميزة التي قدمتها أمريكا للعالم ووعده أيضا بإحضار الثلج. وهنا يقول: علمت أن لدى ولي العهد سعود بن عبد العزيز ثلاجة بحجم الغرفة الكبيرة. جهزها وركبها الأمريكيين الذين اطلعوه عليها اثناء زيارته للولايات المتحدةالامريكية. اشعر بقليل من الأسى بسبب غياب المهارات والاسهامات البريطانية عن الساحة العالمية، وهو أمر مؤلم ومهين، ولكن لا حياة لمن تنادي. وسوف يفوز القوي في السباق، أما نحن البريطانيين فمنهمكون في دبلوماسية صبيانية. مهمتها توجيه رسائل قاسية وعديمة الفائدة الى الحكومات الضعيفة. انها دبلوماسية اشبه ما تكون بمخلوق مخصي كسول يتذمر من زوجته لأنها تسترق النظر... الا يمكننا نحن البريطانيون أن نستخدم طاقاتنا بشكل أفضل، ونقوم بتزويد الدول النامية بتوجيهات عملية وتشجيع ومساعدات بناءة. فلدينا الكثير الذي يمكن ان نقدمه للمملكة العربية السعودية. اليس كلك؟ أم أن اسهاماتنا ستقتصر فقط على شركة او شركتين تجاريتين صغيرتين؟ فحينما نقارن مشروعاتنا بالمشروعات الامريكية في جدة والرياض- دعك من ذكر المنشآت العمرانية التي تشبه فلويريدا. التي يتسارع انشاؤها في منطقة الخليج العربي – فإننا نشبه فراشه مرهقة تحط بجانب طائرة جديدة. ذات ستين مقعدا. (يتبع). حافظ وهبة قصر الضيافة في البديعة