هكذا فاجأ وزير المالية محمد الجدعان العالم في قمة دافوس 2025، بأن المملكة حققت عائدًا مضاعفًا 200 دولار لكل دولار تم تخصيصه كميزانية، بدلاً من المستهدف 100 دولارًا، من خلال برنامج كفاءة الإنفاق الحكومي، الذي تم إنشاؤه في 2017. إنه فعلاً إنجاز مدهش ورقم قياسي ونموذج ينبغي للاقتصادات الناشئة أن تتخذ منه منهجية لرفع كفاءة الإنفاق على أصولها الاستثمارية. كما أنه مؤشر على كفاءة الإنفاق وقدرة الحكومة على تحقيق أهدافها بأقل التكاليف الممكنة دون المساس بمستهدفاتها، ومن أجل تعظيم مخرجاتها الرأسمالية والاقتصادية على المدى المتوسط والطويل. إن ارتفاع كفاءة الإنفاق العام، ولو كانت طفيفة، ستخلف أثراً كبيراً على الناتج المحلي الإجمالي وعلى تحقيق أهداف الحكومة، فماذا لو كانت الكفاءة مرتفعة جدًا. إنها قدرة إدارة الإنفاق الحكومي على قياس كفاءة الإنفاق بمنهجية علمية واحترافية. إن الاستثمار في رفع كفاءة الإنفاق يحد من الهدر المالي، بل إنه يعظم العائد على الاستثمارات أو الإنفاق وصولاً إلى المستهدفات بخطى متسارعة وبأثر إيجابي متزايد. لذا تم ضم البرنامج الوطني لدعم إدارة المشروعات والتشغيل والصيانة في الجهات العامة (مشروعات) إلى مركز تحقيق كفاءة الإنفاق، وتحويل المركز إلى هيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية في 23 فبراير 2021. وذلك من أجل رفع مستوى كفاءة الإنفاق في الجهات الحكومية، والارتقاء بجودة المشروعات والأصول والمرافق، ومتابعة تنفيذ تلك الجهات للبرامج والمبادرات الخاصة بها بما يحقق أهداف الهيئة. كما أن الهيئة تقوم بتطبيق أفضل المنهجيات والأساليب والممارسات لرفع كفاءة وفعالية الإنفاق الحكومي عند أقصى قدر ممكن. إن كفاءة الإنفاق الحكومي مع الاستمرار في التوسع في الإنفاق على مشروعات البنية التحتية، سياسة اقتصادية لدعم الطلب الكلي على السلع والخدمات، ورفع القدرة الإنتاجية والتنافسية إلى أقصى حدٍ ممكن، من أجل استدامة النمو الاقتصادي على المدى الطويل. كما أنه يجذب الاستثمارات الأجنبية ويعزز ثقة شركات القطاع الخاص في الاقتصاد، ليكون على استعداد أكبر لاستثمار المزيد من رأس المال في الأنشطة غير النفطية، والذي يدعم النمو والتنوع الاقتصادي ويحقق مستهدفات رؤية 2030. وبهذا يكون الإنفاق الحكومي أداة مالية حاسمة لتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، وتحديد المسار الاقتصادي، ما ينعكس إيجابًا على مستوى المعيشة، ومعالجة القضايا الاجتماعية، وتوليد المزيد من فرص العمل. كما أوضح وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم في دافوس، أنه ولأول مرة في تاريخ المملكة تساهم الأنشطة غير النفطية ب53 % في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، وهو مؤشر على نجاح وفعالية التحول من الاعتماد على اقتصاد النفط إلى اقتصاد غير النفط. كما أشار الوزير أنه من المتوقع أن ينمو اقتصاد غير النفط 4.8 % في 2025 ثم 6.2 % في 2026. هكذا تعزز كفاءة الإنفاق الحكومي مساهمة القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي في إجمالي الناتج المحلي، الذي تجاوز تريليون دولار ولأول مرة أيضًا في تاريخ المملكة.