يشهد شارعا الرشيد وصلاح الدين في وسط قطاع غزة تكدسًا كبيرًا للآلاف من النازحين، الذين ينتظرون السماح لهم بالعودة إلى مدينة غزة والشمال. الآلاف أمضوا الليلة الماضية على الشارعين في انتظار عودتهم إلى ديارهم بعد أن أجبرهم الاحتلال الإسرائيلي على مغادرة منازلهم والنزوح إلى الجنوب. ويواصل الاحتلال الإسرائيلي منع النازحين من العودة إلى الشمال منذ السبت، مخالفا ما أعلن عنه في "اتفاق وقف إطلاق النار" الذي دخل حيز التنفيذ الأحد الماضي. ويشترط الاحتلال الإفراج عن المحتجزة أربيل يهودا للسماح للنازحين بالعودة. وأفاد مراسل "الرياض" بأن عشرات الآلاف من النازحين ينتظرون بفارغ الصبر العودة إلى مدينة غزة والشمال، غالبيتهم سيقطع مسافة 7 كيلومترات على الأقل سيرا على الأقدام. وأضاف أنهم باتوا ليلتهم في العراء رغم البرد القارس بجانب شاطئ البحر في شارع الرشيد، وهم مصرّون على العودة رغم علم بعضهم المسبق بأن الاحتلال دمر منازلهم، وبالتالي بعضهم يحمل معهم خيمتهم التي سينصبونها فوق ركام منازلهم. ويمتد شارع الرشيد الساحلي من شمال القطاع إلى جنوبه، حيث شهد خلال حرب الإبادة على مدار 470 يوما، العشرات من المجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال بحق المواطنين الذين كانوا في طريقهم للنزوح من الشمال إلى الجنوب. وقالت إحدى النازحات إنها وأفراد عائلتها أشعلوا النيران في الأخشاب التي استخدموها لبناء خيمهم طوال فترة النزوح، وذلك لتتمكن من الحصول على بعض التدفئة بعد قضاء ليلة في العراء. وقد قامت العديد من العائلات بنقل الأغطية والمستلزمات الشخصية على ظهر المركبات والشاحنات والعربات، استعدادًا للعودة إلى مدينة غزة وشمال القطاع، بعد أن فقدوا كل شيء جراء القصف والدمار الذي خلفته الحرب. وقال نازحون إنهم سيعودون لإعمار بيوتهم، وللبحث عن أقربائهم تحت الركام، كما أن هناك عائلات قسمت نفسها قسمين- شمال وجنوب حفاظا على النسل، فمن نزح في الجنوب سيعود لاحتضان من في القسم الشمالي أو لدفنهم أو لزيارة قبورهم. وقال النازح محمد الكحلوت (46 عاما) إنهم ينتظرون العودة إلى شمال القطاع، رغم تخوفهم من إقدام الاحتلال على استهدافهم، حيث لا توجد أي ضمانات على سلامتهم في رحلة العودة. بدوره، قال النازح إسماعيل الشنباري من بلدة بيت حانون شمال القطاع والذي دمر الاحتلال بيته في أول الحرب، إنه سيعود إلى بلدته بأي شكل، مضيفا: "تعبنا ذل ونزوح، سنعود حتى لو قتلنا فالقتل شمال وجنوب، وسأعيد نصب الخيمة على أنقاض بيتي". من جانبه، قال النازح عوني شلح من حي الشجاعية شرق مدينة غزة إنه فقد 6 أفراد من عائلته، ونزح في أول الحرب بعد أن دمر الاحتلال منزله، مضيفا: "اشتقنا لغزة، دمروا بيتي لكن طالما أن المسألة خيمة، فخيمة فوق ركام بيتي أفضل". من جهتها، لا تعرف النازحة سارة بكر من مدينة غزة أي معلومات عن بيتها وما حل به، مؤكدة أنها ستعود حتى لو سيرا على الأقدام رغم أنها حامل في الشهر السابع. وبين السابع من أكتوبر 2023 والتاسع عشر من يناير 2025، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانا على قطاع غزة، أسفر عن استشهاد وإصابة ما يزيد على 158 ألفا، معظمهم أطفال ونساء، وخلفت ما يزيد على 14 ألف مفقود. وتسبب عدوان الاحتلال الإسرائيلي في تهجير أكثر من 85% من مواطني قطاع غزة أي ما يزيد على 1.93 مليون مواطن من أصل 2.2 مليون، من منازلهم بعد تدميرها، كما غادر القطاع نحو 100 ألف مواطن منذ بداية العدوان. ويعيش نحو 1.6 مليون من المواطنين القطاع حاليا في مراكز إيواء وخيام تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة الآدمية، وسط دمار هائل وغير مسبوق في البنى التحتية وممتلكات المواطنين، وتشير التقديرات الى أن أكثر من 80% من قطاع غزة مدمر. اقتحامات في الضفة الغربية اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر الأحد، منازل أسيرين محررين في قريتي قراوة بني زيد شمال غرب رام الله، ودير أبو مشعل، غرب رام الله. وأفادت مصادر محلية، بأن قوات الاحتلال داهمت منزل المحرر من الدفعة الثانية من صفقة التبادل بين المقاومة والاحتلال سعيد عرار في قراوة بني زيد، وهدمت مظاهر الاحتفال بالإفراج عنه، فيما اقتحمت قرية دير أبو مشعل وداهمت منزل المحرر محمد حسين البرغوثي. كما واقتحمت قوات الاحتلال بلدة قصرة جنوب نابلس، وداهمت عدداً من المنازل، فيما طالت الاقتحامات بلدة زعترة شرق مدينة بيت لحم. ويواصل جيش الاحتلال فرضه حصاراً مشدداً على الضفة الغربية، من خلال إغلاق مداخل المدن والبلدات بالحواجز العسكرية والبوابات، ما أدى لتقطيع أوصالها. شهيدان في جنين ونابلس استشهدت طفلة متأثرة بإصابتها برصاص الاحتلال، في قرية مثلث الشهداء بجنين شمال الضفة الغربيةالمحتلة. وأعلنت وزارة الصحة عن استشهاد الطفلة ليلى محمد أيمن الخطيب (عامان ونصف)، متأثرة بجروح حرجة أصيبت بها برصاص الاحتلال في رأسها. كما أعلن الهلال الأحمر عن إصابة سيدة، بالرصاص الحي في يدها وشظايا رصاص برأسها، في مثلث الشهداء. واقتحمت قوات خاصة من جيش الاحتلال مثلث الشهداء في وقت سابق من الليلة الماضية، وحاصرت منزلا فيها، ونشرت قناصتها في محيطه. وأطلقت قوات الاحتلال الرصاص الحي، وسط اندلاع مواجهات، كما احتجزت عددا من الشبان وحققت معهم ميدانيا. وباستشهاد الطفلة ليلى يرتفع عدد الشهداء في جنين، منذ بدء عدوان الاحتلال المتواصل لليوم السادس على التوالي إلى 18 شهيداً. وفي السياق، أشار مركز معلومات فلسطين "معطي" إلى أنه رصد خلال ال24 ساعة الماضية 24 عملا مقاوما في الضفة الغربية، تنوعت ما بين 5 عمليات إطلاق نار واشتباكات مسلحة، و3 عمليات تفجير عبوات ناسفة، و9 مواجهات وإلقاء حجارة، و7 مظاهرات شعبية. وشهد مخيم جنين الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي واسع، اشتباكات مسلحة وتفجير عبوة ناسفة، أدت إلى إصابة ثلاثة جنود من جيش الاحتلال، إضافة إلى اشتباكات مسلحة أخرى وتفجير عبوات ناسفة ومظاهرات في مدينة قباطية. وفجّر مقاومون فلسطينيون عبوة ناسفة في قوات الاحتلال وآلياته العسكرية خلال اقتحام بلدة السيلة الحارثية، فيما دارت اشتباكات مسلحة وتفجير عبوة ناسفة في ميثلون. وخرجت مظاهرات منددة بجرائم الاحتلال وعدوانه الواسع بحق شعبنا الفلسطيني في جنين، وبلدة عرابة. وفي نابلس، استشهد الشاب أحمد محمود حشاش (42 عاما)، الليلة الماضية، متأثرا بإصابته برصاص قوات الاحتلال، في مخيم بلاطة. وأصيب الشاب حشاش بالرصاص الحي خلال اقتحام قوات الاحتلال مخيم بلاطة، نقل على إثرها إلى أحد مستشفيات مدينة نابلس، وقد وصفت إصابته بالخطيرة، حيث أعلن عن استشهاده لاحقا. وكانت قوات الاحتلال قد اقتحمت منطقة دوار الاتصالات في محيط مخيم بلاطة، وشارع القدس شرق المدينة، ونشرت قناصتها على أسطح البنايات، وأطلقت الرصاص الحي، وقنابل الغاز السام المسيل للدموع. ترحيل سكان غزة قال وزير المالية في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش إن "فكرة مساعدة سكان غزة للعثور على أماكن بديلة لبدء حياة جديدة هي فكرة عظيمة". كما رأى سموتريتش -وفقا لوسائل إعلام إسرائيلية- أن "إقامة دولة فلسطينية طرح غير قابل للتطبيق". وأردف قائلا: "سأعمل بشكل وثيق مع رئيس الوزراء والحكومة لضمان وجود خطة تشغيلية لتنفيذ ذلك في أقرب وقت ممكن". وطرح الرئيس الأميركي، الأحد، خطة ل"تطهير" غزة، قائلا إنه يريد من مصر والأردن إخراج الفلسطينيين من قطاع غزة في محاولة لإحلال "السلام في الشرق الأوسط". وصرح ترمب للصحفيين: "نتحدث عن مليون ونصف مليون شخص لتطهير المنطقة برمتها"، واصفا غزة بأنها "مكان مدمر"، وقائلا إن هذه الخطوة قد تكون "موقتة أو طويلة الأجل". نازحون يأملون العودة سريعًا