أظهر تقرير حديث صادر عن الهيئة العامة للإحصاء تحولات ملحوظة في أداء التجارة الدولية للمملكة العربية السعودية خلال شهر نوفمبر 2024، حيث شهدت الصادرات غير البترولية نموًا ملحوظًا في مقابل تراجع الفائض التجاري بسبب انخفاض الصادرات البترولية وزيادة الواردات. وسجلت الصادرات غير البترولية، بما يشمل إعادة التصدير، نموًا بنسبة 19.7% مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي. وأوضح التقرير أن السلع المعاد تصديرها شهدت ارتفاعًا قياسيًا بنسبة 82.9%، بينما ارتفعت الصادرات الوطنية غير البترولية بنسبة 2.1%. وكانت "منتجات الصناعات الكيماوية" الأكثر مساهمة في الصادرات غير البترولية، حيث مثلت 24% من إجمالي هذه الصادرات، تليها "اللدائن والمطاط ومصنوعاتهما" بنسبة 21.7%. يعكس هذا الأداء التقدم في استراتيجية المملكة لتنويع اقتصادها وتقليل الاعتماد على النفط، أحد الأهداف المحورية لرؤية 2030. انخفاض الصادرات البترولية يثقل كفة الميزان التجاري على الرغم من أداء الصادرات غير البترولية، فإن الصادرات البترولية شهدت انخفاضًا بنسبة 12.3%، مما أدى إلى تراجع حصة الصادرات البترولية في إجمالي الصادرات الكلي إلى 70.3% مقارنة ب76.3% في نوفمبر 2023. ونتيجة لذلك، تراجعت الصادرات السلعية بنسبة 4.7% على أساس سنوي، مما شكل ضغطًا على الميزان التجاري. زيادة في الواردات ومحدودية في الفائض التجاري شهدت الواردات ارتفاعًا بنسبة 13.9% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وهو ما يعكس تزايد الطلب المحلي على السلع المستوردة، لا سيما الأجهزة والمعدات الكهربائية التي شكلت 28.1% من إجمالي الواردات، تلتها معدات النقل وأجزاؤها بنسبة 14.2%. وهذه الزيادة في الواردات، إلى جانب تراجع الصادرات البترولية، دفعت الفائض التجاري السلعي للانخفاض بنسبة 44.3% مقارنة بشهر نوفمبر 2023. ورغم ذلك، ارتفعت نسبة الصادرات غير البترولية إلى الواردات من 34.8% في نوفمبر 2023 إلى 36.6% في نوفمبر 2024، مما يعكس توازنًا نسبيًا في هيكل التجارة الخارجية. الصين الشريك التجاري الأول للمملكة احتلت الصين مكانة الشريك التجاري الأكبر للمملكة خلال نوفمبر 2024، حيث استحوذت على 14.9% من إجمالي الصادرات السعودية، وكانت أيضًا المورد الأول للواردات بنسبة 27.3%. تلتها الولاياتالمتحدة بنسبة 10.2% من الواردات، ثم الإمارات العربية المتحدة بنسبة 5.3%. هذه الأرقام تؤكد على أهمية العلاقات الاقتصادية بين المملكة وشركائها الدوليين، مع استمرار الصين كوجهة رئيسية للصادرات والمصدر الأكبر للواردات. المنافذ الجمركية: بوابات الاقتصاد الوطني لعبت المنافذ الجمركية دورًا حيويًا في حركة التجارة الدولية، حيث استحوذ ميناء الملك عبد العزيز بالدمام على النصيب الأكبر من الواردات بنسبة 24.7%، يليه ميناء جدة الإسلامي بنسبة 23.9%. وأسهمت هذه الموانئ الرئيسية في تعزيز التدفق التجاري وضمان انسيابية استيراد السلع. استنتاجات ودلالات تكشف أرقام التجارة الدولية لشهر نوفمبر 2024 عن تقدم ملحوظ في أداء القطاعات غير البترولية، بما يعكس نجاح السياسات الاقتصادية الداعمة للتنويع. ومع ذلك، فإن انخفاض الصادرات البترولية وتراجع الفائض التجاري يسلطان الضوء على الحاجة إلى تسريع جهود تنويع مصادر الدخل وتوسيع قاعدة الصادرات غير البترولية. إن التحديات الراهنة، إلى جانب التغيرات في الأسواق العالمية، تستدعي مزيدًا من التركيز على تعزيز الإنتاجية الوطنية وتطوير شراكات تجارية جديدة لضمان تحقيق الاستدامة الاقتصادية.