شكلت المنازل الحجرية قيمة تاريخية وإرثا ثقافيا في الحفاظ على أروع نماذج البناء القديم؛ لتكشف بجلاء عن ارتباط الإنسان مع الطبيعة وتوظيفه لمكوناتها بما يتوافق مع المناخ واحتياجه، ولعل قرية ود المتمركزة على جبل بثرة في بني مالك جنوب محافظة الطائف من القرى التاريخية الضاربة في القدم والتي تأخذ الزائر في رحلة إلى الماضي بما تحويه من خصائص مختلفة وتفاصيل تمنحه تجربة تجمع بين الوقوف على التاريخ والأصالة فضلاً عن تكامل جماليات الطبيعة مع التراث ما يؤهلها لتكون وجهة سياحية فريدة من نوعها. يقول الدكتور عبدالله عيضة المالكي قرية ود من أكبر القرى الواقعة على جبل بثرة يعود تاريخها إلى مئات السنين وتمتد على مساحة واسعة على ارتفاع 2000 م فوق سطح البحر وبقطر 3 كم وهي أرض شبه منبسطة وخصبة وغنية بالأراضي الزراعية ويقدر عدد الأبيار فيها بنحو 33 بئرا وتحيط بها إحدى عشرة قرية. وعن منازلها التي تمثل نماذج فريدة من فن العمارة الحجرية قال تم استخدام الحجر وهو ما عكس النمط المحلي لعملية البناء واتساقه مع طبيعة المكان والحياة على الجبل ليحقق بذلك التناغم مع البيئة المحيطة. وأضاف تعتبر قرية ود من أكبر القرى سعة في المكان ويقدر عدد المنازل فيها نحو 28 منزلاً، والمنطقة ذات أرض خصبة وتنتج جميع أنواع الفواكه واللوز البجلي، وكان يعمل أهلها في الزراعة والرعي لافتاً أن الصعود إليها بواسطة "الدواب" وهي الطريقة الوحيدة للوصول إلى القرية نظراً لطبيعة المكان الوعرة. ولكن منذ فنرة طويلة استقر الأهالي في أسفل الجبل، وأصبحت القرية خالية من السكان غير أن البعض منهم يقوم بزيارتها بين الحين والآخر لاسترجاع الذكريات. وعن جبل بثرة قال: سمي الجبل بثلاث أسماء جبل بثرة أي "الجبال المبثورة"، والجبل الأخضر، وجبل إبراهيم، وأوضح المالكي أن المسمى الصحيح هو جبل إبراهيم وفيه خلاف حيث كان ينسبه الأجداد إلى سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام ولكن بعد الاطلاع اتضح أنه يُنسب إلى العابد الزاهد إبراهيم بن أدهم الذي استقر في جبال الحجاز وتوفي فيها. مشيراً أن الجبل يتميز بوجود صخور الجرانيت بأحجام كبيرة والتي من الممكن استثمارها لتكون رافداً اقتصادياً مهماً كما وأنه منبع للمياه العذبة ويتفرع منه بعض الشلالات الصغيرة، كما ويصب في الأودية والمنطقة بشكل عام تكسوها الأشجار والخضرة. ولفت المالكي لتأهيلها لتكون وجهة سياحية لا بد من بنية تحتية وتلفريك وربط المنطقة بخط سياحي وعلى اعتبار أنها منطقة جبلية وبها أعلى قمة تسمى "القليب" والضباب يغطيها ستكون مكانا مميزا لهواة رياضة الهايكنج ووجهة للزوار ومحبي الطبيعة. وأكد المالكي أن المنطقة تملك مقومات تؤهلها لتصبح وجهة سياحية بالتنوع الجيولوجي والتكوينات الصخرية وطبيعتها الخلابة ومنازلها الحجرية التي ما زالت صامدة منذ مئات السنين لتجسد تراث المنطقة ونحن على استعداد للتعاون مع هيئة السياحة لتعزيز السياحة بالمملكة. قرية ود في بني مالك طبيعة خلابة في جبل إبراهيم في بني مالك