في لقائه مع قناة العربية ظَهر أحمد الشرع هادئاً جداً.. وكأنهُ لم يمرْ بأكثرَ شهرٍ عاصفٍ شكّلَ مفترق طرق مُهم في تاريخ سوريا، وتأثير هذا الحدث يتعدى الإقليم والدول المجاورة. ولو بدأنا من الأسئلةِ الأخيرةِ التي وجهها المحاورُ الهادئ طاهر بركة: هل تحنُّ للرياض التي ولدتَ بها؟ فيجيبهُ بالتأكيد ويذكرُ له ذكرياته من طفولتهِ الأولى في الرياض كيفَ لا! والرياضُ من المدن التي تسكننُا..كما قالت الكاتبة أحلام مستغانمي "ثمة جسوراً نعبرُها وأخرى تعبرنا كتلك المدن التي نسكنُها والأخرى التي تسكننا".. في الحقيقة لو تركنا الحنينَ الشخصي والذي يعتبرُ طبيعياً من أي إنسان.. للأرض التي ولد فيها وانتقلنا إلى الجانب السياسي لشعرنا بعودةِ سوريا بعد النصر إلى محيطها العربي وتحولِ بوصلتِها بشكلٍ سريع.. نحو الرياض.. بالإضافة إلى أنه لا يخفى على أيِّ مراقب للقاءِ الشرع وتصريحاتِ المسؤولين في حكومةِ البشير لتصريفِ الأعمال رغبتَهم الجادة بإعادة إعمار البلد من كلِّ النواحي الخدمية والاجتماعية والمؤسساتية والسياسية.. بل ويتعدى ذلك الطموح المشروع للتطوير والتطور.. إذ يتطلع الشرع ورفقاؤه ومن خلفهم أغلب الشعب السوري إلى تجربة التطور الهائل للمملكة العربية السعودية ورؤيتها الطموحة والناجحة ومحاولة اقتفاء منهجها مع الأخذ بعين الاعتبار مقدرات سوريا وإمكانيتها وظروفها المتراكمة منذُ ستة عقود، ولا يُنسى فضلَ المملكةِ العربيةِ السعودية على أشقائها السوريين والعرب عموماً من لبنان إلى فلسطين إلى اليمن، فهي البلد الوحيد التي لم تنصبْ خيمةً واحدةً للسوريين على أراضيها ولم يُستخدمْ مصطلح لاجئ سواء من جهةٍ حكومية أو شعبية أو حتى على نطاق أفراد على أي سوري في المملكة، إذ كانت التسمية الرسمية هي "الأشقاء السوريون الزائرون" وخصّهم بكثيرٍ من التسهيلات التي يعرفُها الجميع وفي هذا الوقت المفصلي في تاريخ سوريا كلُّ أعين السوريين تترقبُ وترنو إلى دعمِ الرياض ورعايتها في كلِّ المجالات، ومما يؤكدُ أن الرياض تتحسسُ دورها ومسؤوليتها التي لم تتنصل منها يوماً ما باتجاه القضايا العربية كلِّها هي دعوةُ سموِّ الأمير فيصل بن فرحان وزير خارجية المملكةِ العربية السعودية للسيد أسعد الشيباني وزير الخارجية السوري الذي لبّى الدعوة، وهي أول زيارة رسمية خارجية قام بها وزير الخارجية السوري وكانت بوابةً لانطلاق الزيارات إلى دول عربية أخرى مثل: الإمارات والأردن وقطر وربما دولاً أخرى.. وهذا مؤشر على الدعم السياسي من الرياض للعملية السياسية في سوريا وتأكيدها على سيادة سوريا واستقرارها ووحدة أراضيها، وقد شاهد الجميع حجم المعونات الإنسانية التي انطلقت من المملكة العربية السعودية باتجاه دمشق عبر جسرين جويٍّ وبريٍ، وكما صرح بعض القائمين على الحملة الإغاثية من مركز الملك سلمان للإغاثة أنها بداية، وأن الدعم للتخفيف من معاناة الأشقاء في سوريا، ولا يملك السوريون إلا الشكر الكبير والجزيل للشقيقة المملكة العربية السعودية بحكومتها وشعبها، وهذا يدلُّ أن الرياض أولاً في عيون الحكومةِ السورية كما هي أولاً في عيون شعبها، وأستذكرُ بعضَ الأبيات من قصيدةٍ لي في الرياض وأنا أسكنُها وتسكنُني منذُ أربعة عشر عاماً.. يا قبلةَ الإسلامِ ترنو كلُّ عينٍ نحوها ويرفُّ قلبٌ أُجهدا يهواكِ في تطوانَ قلبُ المغربيِّ ومنْ تدمشقَ في الهوى وتبغددا هذي الرياضُ هي التي من جفنها قبسَ الزمانُ لمقلتيهِ المرودا *شاعر سوري