بالتزامن مع إعلان العمل برؤية 2030، في العام 2016، ركزت المملكة على إعادة صياغة الاقتصاد الوطني، ودعمه بأفكار وبرامج جديدة، تُعلي من شأنه إقليمياً ودولياً، وعلى رأس هذه الأفكار، العمل على تعزيز التخطيط المالي للاقتصاد، من خلال توفير آلية للتنبؤ بالتحديات المالية المستقبلية، ووضع سياسات قادرة على التعامل معها بفعالية، ومن هنا، كان انطلاق «برنامج الاستدامة المالية»، باعتباره نموذجًا رائدًا في إدارة الاقتصاد الحديث، والتخطيط المالي الدقيق، وتنفيذ الإصلاحات الشاملة، وتطوير البنية المؤسسية. ومع مرور الوقت، أصبح برنامج الاستدامة المالية، أحد أهم الأدوات لتحقيق الأهداف الاستراتيجية الاقتصادية للمملكة، كما أصبح إطارًا شاملاً، يهدف إلى بناء نظام مالي متزن ومستدام، يضمن استقرار الاقتصاد المحلي، ويعزز مناعته أمام التحديات العالمية، من خلال التخطيط المالي متوسط المدى، وتطوير البنية المؤسسية، وإطلاق إصلاحات مالية شاملة، للسعي نحو تحقيق استدامة اقتصادية طويلة المدى. وفي بداية العمل ببرنامج الاستدامة المالية، انصب التركيز على تحسين كفاءة الأداء الحكومي، وتعزيز الشفافية، عبر تطوير منهجيات جديدة لإدارة المالية العامة، تعتمد على ممارسات دولية ناجحة، ما ساهم في تحسين تصنيف المملكة في مؤشرات التنافسية العالمية، وحققت البلاد تقدمًا كبيرًا في مؤشرات التنمية المستدامة، ويعكس هذا النجاح التزام الحكومة بتطبيق سياسات مالية واقتصادية متوازنة ومدروسة. ولم يمر وقت طويل، إلا وحصدت المملكة ثمار برنامج الاستدامة المالية، من خلال تنفيذ حزمة من الإصلاحات المالية الرئيسة، التي تهدف إلى تحقيق استدامة طويلة المدى للاقتصاد الوطني، وشملت هذه الإصلاحات تحسين كفاءة الإنفاق الحكومي، وتطوير السياسات الضريبية، وتعزيز الشفافية والمساءلة في الإدارة المالية، وتعزيز الانضباط المالي، من خلال إنشاء كيانات مؤسسية متعددة، تهدف إلى تطوير المالية العامة، أبرزها صندوق الاستثمارات العامة الذي نجح في تحفيز النمو الاقتصادي، وتنويع مصادر الدخل، والإشراف على استثمارات استراتيجية في قطاعات جديدة وواعدة، الأمر الذي عزز من قدرة الاقتصاد السعودي على التكيف مع التغيرات العالمية. وبلغت ذروة نجاح برنامج الاستدامة المالية، في تحقيق العديد من الإنجازات، من بينها زيادة الإيرادات غير النفطية بنسبة كبيرة، وتحقيق التوازن بين الإنفاق الحكومي والإيرادات، كما ساهم في تحسين الأداء المالي للمملكة على المستويين المحلي والدولي، ما أدى إلى تعزيز التصنيف الائتماني للمملكة، وحصولها على تقييمات إيجابية من وكالات التصنيف الائتمانية العالمية.