يشهد العالم تغيرًا جذريًا في مفهوم التأثير المجتمعي، حيث بات للمؤثرين دورٌ محوري في تشكيل الأفكار والسلوكيات والتوجهات في مختلف المجالات. في هذا السياق، يأتي ملتقى صناع التأثير في السعودية كحدثٍ بارز يجمع المؤثرين من شتى التخصصات، ليكون منصة لتبادل الخبرات، وتطوير الأدوات التي تُمكّنهم من إحداث تأثير إيجابي وملموس على المجتمع. يهدف الملتقى إلى تعزيز دور المؤثرين الحقيقيين كعناصر فاعلة في التنمية المجتمعية والاقتصادية، من خلال تزويدهم بالمعارف والمهارات اللازمة لتحقيق التأثير الإيجابي. وفي ظل رؤية المملكة العربية السعودية 2030، التي تسعى إلى تنمية الإنسان وتحقيق التنمية المستدامة، يمثل الملتقى خطوة مهمة نحو الاستفادة من قدرات المؤثرين في المساهمة بتحقيق هذه الرؤية. تؤكد الدراسات أن للمؤثرين قدرة كبيرة على إلهام الجماهير ودفعهم نحو تبني أنماط حياة جديدة، سواء في مجال الصحة، التعليم، التقنية، أو حتى الاستدامة البيئية. يشير تقرير صادر عن شركة Statista إلى أن حجم سوق التسويق عبر المؤثرين عالميًا بلغ حوالي 21 مليار دولار في عام 2023، وهو ما يعكس أهمية هذا القطاع. يلعب المؤثرون أدوارًا حيوية في مختلف المجالات، إذ لا يقتصر دورهم على الترفيه أو الترويج للمنتجات، بل يمتد ليشمل إحداث تغيير إيجابي في قضايا مهمة مثل الصحة العامة، التعليم والتنمية البشرية، البيئة والاستدامة، الاقتصاد وريادة الأعمال. ففي ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح بإمكان المؤثرين نشر رسائل توعوية حول أهمية الرياضة، الغذاء الصحي، والصحة النفسية. فعلى سبيل المثال، أسهم العديد من المؤثرين خلال جائحة كورونا في نشر المعلومات الموثوقة حول الفيروس واللقاحات. أصبح المؤثرون في مجال التعليم يقدمون محتوى تعليميًا يُثري معرفة الجمهور، مثل دورات تدريبية أو نصائح مهنية تسهم في تطوير المهارات الفردية. مع تزايد الوعي البيئي، يعمل المؤثرون على توعية الجمهور بأهمية حماية البيئة وتشجيع الممارسات المستدامة، مثل تقليل استهلاك البلاستيك أو دعم المنتجات الصديقة للبيئة. يشجع المؤثرون الشباب على الدخول إلى عالم ريادة الأعمال، من خلال تقديم تجاربهم الشخصية، ومشاركة نصائح عملية حول كيفية بدء مشاريعهم الخاصة. يمثل الملتقى فرصة ذهبية للمؤثرين وصناع القرار لتوحيد الجهود، والعمل معاً على إطلاق مبادرات تخدم المجتمع. ومن بين الأنشطة المتوقعة في الملتقى سيتم مناقشة استراتيجيات التأثير الفعّال، وكيفية الاستفادة من أدوات التكنولوجيا الحديثة لتعزيز الوصول إلى الجمهور، ويُعتبر الملتقى منصة تجمع بين مؤثرين من مجالات مختلفة، مما يتيح تبادل الأفكار والخبرات، وتطوير مشاريع مشتركة تعزز التأثير المجتمعي. رغم الإمكانيات الكبيرة التي يمتلكها المؤثرون، إلا أن هناك تحديات تواجههم، منها الحاجة إلى تعزيز المصداقية، وتجنب الانحياز التجاري الذي قد يضعف التأثير الحقيقي لمحتواهم، كما أن تحقيق التأثير المستدام يتطلب من المؤثرين تطوير مهاراتهم باستمرار، والتركيز على تقديم محتوى يتسم بالقيمة والجودة، ويشير أحد الخبراء في مجال الإعلام الرقمي إلى أن: "المؤثرين ليسوا مجرد أفراد يمتلكون عددًا كبيرًا من المتابعين، بل هم قادة رأي قادرون على توجيه المجتمع نحو التغيير الإيجابي إذا ما استُخدمت أدواتهم بذكاء". ويمثل ملتقى صناع التأثير في السعودية نقطة تحول في كيفية استثمار قوة التأثير الرقمي لتحقيق أهداف مجتمعية وإنسانية. ومع استمرار تطور وسائل التواصل الاجتماعي، تتزايد الحاجة إلى مؤثرين يدركون أهمية الدور الذي يلعبونه، ويعملون على تعزيز أثرهم بطريقة مستدامة ومسؤولة، وبالنظر إلى أهمية هذا الحدث، فإنه يتوقع أن يكون منصة تجمع بين الإبداع، الابتكار، والعمل الجماعي لتحقيق رؤية أوسع لعالم أفضل.