من عنوان كتاب الكاتب طارق بن محمد بن ناصر العبودي "أحكي لكم عن أبي – شيء من حياته، شيء من أعماله"، تعتقد للوهلة الأولى أنه كتاب عاطفي عن الأب مع ما يفرضه من خواطر وذكريات وما إلى ذلك، لكننا نكتشف أنه كتاب بحثي رصين، بالإضافة إلى العاطفة بطبيعة الحال، ينطوي على مناقشات فكرية وأدبية، واستقصاء وتاريخ، ذلك أن والده الشيخ محمد بن ناصر العبودي، أحد أبرز جيل الرواد السعوديين، ولد عام 1925 وتوفي عام 2022، وهو رحالة وأديب وشاعر ومؤرخ غزير الإنتاج، متنوع، موسوعي، ألف الكثير من الكتب في الرحلات والسير والتراجم والأدب والشعر والأنساب واللغة العربية، ترك للمكتبة العربية إرثاً كبيراً بلغ 216 كتاباً في موضوعات مختلفة، منها كتاب في 23 مجلداً، وآخر في 13 مجلداً، مثل: مشاهدات وانطباعات وأحاديث عن الإسلام والمسلمين، وذكريات أفريقيا، ونفحات من السكينة القرآنية، وأخبار أبو العيناء اليمامي، والمعجم الجغرافي لبلاد القصيم، وكذلك معاجم أنساب، والكثير من الكتب غير المطبوعة ألزم الكاتب نفسه بنشرها تباعاً، ويروي الكتاب سيرة العبودي الأب الحياتية والعائلية والوظيفية. قال عنه السفير الإعلامي تركي الدخيل في تغريدة على منصة (x): عندما يختار طارق بن محمد العبودي، في كتابه الجديد: (أحكي لكم عن أبي)، غلاف كتابه، فماذا يريد أن يقول؟ غلاف (أحكي لكم عن أبي)، يحمل صورة العلامة البحر الفهامة، الشيخ محمد بن ناصر العبودي (1345- 1443 ه)، (ت 2023م)، رحمه الله، وهو في سنوات شبابه، مرتديا قميصًا مخططًا ذو ياقة وقد فتحت ثلاثة أزرار من القميص، وبدا العبودي مرتديًا كعادته، نظّارته ذات الإطار الأسود، ناظرًا إلى الأمام بتركيز، أظهرته لنا تقاسيم وجهه، إذ لم تُظهر الصورة التي التقطت من زاوية شبه جانبية عينا العبودي بوضوح. وبدا في جيب القميص العلوي الأيسر، حسب الصورة، بطاقة صعود الطائرة، وكأنها دُسّت وسط جواز سفر العبودي. والقول بأن الجواز يعود للعبودي، بغلبة الظن، إذ لا يتوقع أن يحمل المرء في مكان مهم وبارز، مثل الجيب العلوي للقميص، إلا جوازه الشخصي، وبخاصة عندما يكون على سفر. هذا ما بدا لي بداية، ثم توصلت بمعلومة أكيدة، وهي أن ما في جيبه ليس إلا مذكرة العبودي، التي يقَيِّد بها مشاهداته، والتي كان يحملها، رحمه الله، في سفره وحضره، وليله ونهاره، وكانت عماد مصنفاته الكثيرة الماتعة، ومؤلفاته الجليلة النافعة، رحمه الله. يذكر أن الشيخ محمد بن ناصر العبودي، (1345- 1443ه / 1926- 2022 م)، هو رحالة سعودي، أديب وداعية، ومؤلف ومؤرِّخ. ولد في مدينة بريدة، وتلقى تعليمه الأولي فيها على يد عدد من العلماء أبرزهم الشيخ عبدالله بن حميد، ثم عمل مدرسًا، ثم مديرًا للمعهد العلمي في بريدة ، ثم أصبح الأمين العام للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة لثلاثة عشر عامًا، وفي وقت لاحق أصبح وكيلاً للجامعة نفسها ثم مديرًا لها، ثم شغل منصب الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي أتاح له عمله في الرابطة وقبلها في الجامعة الإسلامية بالمدينة أمينًا عامًا لها زيارة معظم أصقاع العالم، فكان لمشاهداته واطلاعاته العديدة أن تثمر أكثر من مئة وستين كتابًا في أدب الرحلات ويكون بهذا قد حقق رقمًا قياسيًا في كتب الرحلات العربية. منح ميدالية الاستحقاق في الأدب عام 1394ه/ 1974م.