أعلن وزير الاتصالات القطري منذ أشهر إطلاق نموذج الذكاء الاصطناعي فنار المتخصص في اللغة العربية، وهو مبني على قاعدة بيانات من 300 مليار كلمة. سبق فنار نموذج علام الذي أطلقته سدايا وقد بني على 500 مليار وحدة نصية عربية. الاهتمام الكبير بالذكاء الاصطناعي التوليدي الذي نشهده دليل على الإرادة القوية في هذا المجال. ومع ذلك، إذا كانت الجهود المحلية ضرورية وهي بداية الطريق، هل حان الوقت لبناء نموذج كبير مفتوح المصدر للغة العربية؟ من شأن بناء نموذج تعاوني أن يوفر فوائد كبيرة، فباعتباره مفتوح المصدر، فهو يسمح بمشاركة بيانات اللغة العربية من مناطق مختلفة تبعا للهجات التي تتميز بها المنطقة العربية على اتساع امتدادها الجغرافي، على عكس اللغة الإنجليزية، التي تهيمن على تطوير النماذج الحالية، تتمتع اللغة العربية بتنوع كبير في اللهجات والاستخدام، وتقدم تحديات فريدة من نوعها. إضافة إلى ذلك، يمثل تبني نموذج المصدر المفتوح فرصة ذهبية لإعادة تعريف ابتكار الذكاء الاصطناعي. حيث إن المصدر المفتوح يعزز الشفافية، متيحا فرصة أوسع للتدقيق وتطوير الذكاء الاصطناعي الأخلاقي مع السماح للباحثين والشركات والحكومات بتخصيص النموذج لتلبية الاحتياجات الإقليمية المحددة. علاوة على ذلك، فإنه يضفي طابعا تنمويا لإتاحة الوصول إلى التقنية المتطورة إلى نطاق أوسع اجتماعيا، مما يخفض تكاليف تبني الذكاء الاصطناعي ويمكن الشركات الناشئة والمؤسسات العامة من سرعة تبني الذكاء الاصطناعي، فمن المعروف أن تدريب النماذج اللغوية والحفاظ عليها يتطلب موارد وبيانات حسابية ضخمة، فتقسيم الأعباء المالية وأعباء البنية التحتية يعد خيارا ضروريا على المدى الطويل بدلا من تكرار الجهود. هذا المنهج هو المتبع حاليا في عدد من الممارسات العالمية، مثل مبادرات أبحاث الذكاء الاصطناعي المشتركة للاتحاد الأوروبي. لا شك أن تحديات التعاون موجودة. يمكن أن تثير اتفاقيات مشاركة البيانات مخاوف بشأن الخصوصية والأمن. قد تتعارض الأهداف المحلية غير المعلنة أحيانا مع الأهداف المشتركة، حيث إن العمل مع المجموعة قد يفقد حرية اتخاذ القرار الفردية، لكن هذه العقبات يمكن التغلب عليها، فقد نجح نموذج المصدر المفتوح عالميا لأنه يمثل مساحة حرة الابتكار، وقد استفاد الذكاء الاصطناعي خصوصا تاريخيا من هذه المساحة وتقدم بسببها، بل إن من اللافت، أن الذكاء الاصطناعي انطلق أولا من منصات المصدر المفتوح، وما زالت أدواته مفتوحة كما هو معروف. لن يكون نموذج اللغة العربية مفتوح المصدر مجرد إنجاز تقني؛ بل سيرمز إلى الوحدة والابتكار الإقليميين. من خلال العمل معا، يمكن لدول المنطقة أن تقود تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي التي تمكن شعوبها تقنيا، وتعزز التنويع الاقتصادي، وترفع اللغة العربية في المجال الرقمي العالمي. ففي مشهد الذكاء الاصطناعي الذي يتطور سريعا، لا بد أن نقف معا أمام التطور السريع لتحقيق التقدم والاستدامة.