مع قرب استلام الرئيس دونالد ترمب السلطة رسمياً، تحاول الدول الآسيوية تحديد ما يمكنها فعله من أجل استرضائه بشتى الطرق، سواء عبر مشتريات إضافية من الصادرات الأميركية، أو ضخ استثمارات جديدة في الولاياتالمتحدة بهدف تجنب الكابوس المزعج للرسوم الجمركية، وهي تصرفات قد تمنحهم علاقة جيدة مع سيد البيت الأبيض، إلا أن الصعوبة التي تواجهها هذه الدول تتلخص في معرفة ماإذا كانت الحزم التي أطلقتها كافية لتجنب التعريفات الباهظة أم لا؟، خاصة وأنها تعلم أن إدارة ترمب تبحث عن انتصارات قوية خلال المائة يوم الأولى. تركت الرسائل التي تم تبادلها أثناء الانتخابات الرئاسية العديد من الآسيويين في حالة من عدم اليقين بشأن ما إذا كان ترمب على استعداد لإبرام أي اتفاق على الإطلاق، أو ما إذا كانت هذه الضرائب المحتملة على الواردات سوف تصبح الوضع الطبيعي الجديد، وبطبيعة الحال، تختلف العلاقات الطيبة بين الولاياتالمتحدةواليابانوكوريا الجنوبيةوتايوان، عن تلك العلاقات المتوترة بين واشنطنوبكين، ولكن إذا أصبحت التعريفات الجمركية أمراً لا مفر منه، بغض النظر عما إذا كانت الواردات قادمة من أصدقاء أميركا أو أعداءها، فعلى هذه الدول أن تعتبر العروض التي قدمتها ميتة، لأنها لم تنجح في إعفائها من الرسوم المشددة. تعتبر اليابان أكثر الدول الآسيوية التي تحاول استرضاء ترمب، حيث يطرح المسؤولون وقادة الصناعة في طوكيو بعض الأفكار التي تعجب الرئيس، مثل زيادة استيراد السلع الأميركية بشرط أن تتوافق مع أولويات اليابان، ومنها استيراد المزيد من أشباه الموصلات الأميركية، والطائرات، والأمونيا، والهيدروجين، والغاز الطبيعي المسال، ويراهن المسؤولون في كلا البلدين على إمكانية تحويل اليابان إلى مركز تصدير للغاز الطبيعي المسال الأميركي، مما يسمح بتطوير البنية الأساسية للغاز الطبيعي المسال في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. أما كوريا الجنوبية، فتريد توسيع الإنتاج المشترك مع الولاياتالمتحدة في مجال بناء السفن، فيما تستعد تايوان لتقديم عرض جذاب لشراء أسلحة أميركية بمليارات الدولارات، وأحد الأسباب التي تجعل التعاون الدفاعي حاضراً بقوة في أذهان العواصم الآسيوية، هو أنها تتوقع من ترمب مطالبتها بزيادة إنفاقها الدفاعي، على الرغم من أن اليابانوكوريا الجنوبيةوتايوان تفعل ذلك، ومع ذلك، سيكون من الصعب على قادة آسيا زيادة الإنفاق الدفاعي المنتظم، بسبب أولوياتهم الاقتصادية الراهنة، إلا أنه من الواضح أن الإنفاق الدفاعي والتجارة والاستثمار تبدو عناصر مترابطة بالنسبة لمن يأملون في التوصل إلى اتفاق مع ترمب. يكتسب العرض الصيني جاذبية خاصة بالنسبة لإدارة ترمب، ولعل الجميع يتذكر أن بكين وافقت، في إطار الاتفاق المرحلي الذي أبرمته مع إدارة ترامب في 2020، وافقت على تخفيف بعض القيود المفروضة على الشركات الأميركية في الصين وشراء سلع أميركية بنحو 200 مليار دولار، وهذه المرة، قد تعرض الصين إنفاق أكثر من 200 مليار دولار على الواردات من الولاياتالمتحدة، وربما يزيد الإغراء الصيني عبر التعهد بشراء واردات أميركية بقيمة تريليون دولار على مدى عدة سنوات، وقد تعرض أيضاً زيادة الاستثمارات في مصانع السيارات الكهربائية وإنتاج البطاريات في الولاياتالمتحدة.