تعد مدينة فيينا عاصمة النمسا، وأكبر مدنها، مدينة ساحرة أشبه بالحلم أكثر من الحقيقة، حيث يتضافر الجمال والتاريخ والفن في مدينة تحتل قلب كل من يسكنها. فعلى الرغم من شهرتها بفخامة القصور والمباني، إلا أن ما يسحرك حقًا هو تلك اللحظات العامرة بالهدوء والصفاء، التي تداعب روحك وأنت تسير في شوارعها الفريدة وأزقتها الخفية، وتجعلك تقع في حب المدينة إلى الأبد. فلا عجب في أن نجد هذا السحر الأخاذ يجول ويطوف العالم ليستقر في قلب كل من لمس جمال المدينة. فغُزلَت لها كلمات الأغنية العربية الشهيرة، "ليالي الأنس في فيينا" وغنّتها الفنانة أسمهان بصوتها الدافئ المسحور بتأثير فيينا على الوجدان. تتغزل الأغنية بليالي المدينة الساحرة وهوائها العامر بالفن وتصفها وكأنها جنة على الأرض، وهو الشعور الذي يطغى على كل من أسره سحر فيينا. موتسارت: القلب النابض لفيينا: عندما تتجول في شوارع فيينا، تكون قد وطئت بقدميك عالم المؤلف الموسيقي الشهير فولفغانغ أماديوس موتسارت. ففي هذه المدينة الفنية، نشأ وشبَّ ونما، وأبدع موسيقاه التي لا يزال صداها حاضرًا في جميع أنحاء فيينا. أما عند زيارة متحف موتسارت بفيينا، وهو المنزل الذي عاش فيه الموسيقي النابغة، ستشعر وكأنك تراه أمام عينيك يعزف على البيانو معبقًا المكان بعبقريته الموسيقية الخالصة. وبالطبع ستجد روحه حاضرة في كل نغمة تُعزف في دار أوبرا فيينا، وكل لحن يُدندن في حديقة. وتفخر فيينا بفن موتسارت وتحتفي به إلى درجة تقرب من التبجيل، لتؤكد لكل زوار المدينة أن الإبداع الحقيقي والشغف العميق لا يبليان مع الزمن. فخامة الاستقبال: تستقبلك فيينا بذراعين مفتوحتين على المعنى الحقيقي للفخامة. فعندما تقيم في فندق (ألماناك باليه) في فيينا، تستيقظ لتجد أشعة الشمس الذهبية تحتضن غرفتك من حديقة (ستادبارك) وتدعوك للاستمتاع بهدوء المدينة وأجوائها الناعمة. ويكون فطورك أشبه بمأدبة عامرة بأطيب المأكولات التي تميز المدينة، من الخبز المخمر الدافئ إلى العسل الجبلي الشهي. وفي كل قضمة تتعرف على جوهر فيينا الذي يعكس الراحة التي تبهرك بتفردها. فن يخاطب الروح: الفن في فيينا ينفذ من مرأى العين إلى أعماق الروح. ففي متحف (تاريخ الفنون)، تنتقل إلى عالم آخر حافل بالقصص والحكايات، ترويها لك كل زاوية من زوايا المتحف المزدان بالأسقف الذهبية الباهرة. بل إنك ستعبر إلى زمن آخر مع لوحات (بروخل) الفريدة، بينما يخطفك السحر الذي تنضح به لوحة القبلة ل (كليمت) في متحف قصر بلفيدير.وما بين كل تفصيلة من تفاصيل العظمة والفخامة، سيكشف لك (متحف فيينا) لمحات من واقع الحياة اليومية التي عاشها أهل المدينة عبر العصور، لتتعرف عن قرب على جوهر فيينا. المدينة دائمة الاحتفال: لا تتوقف فيينا عن رقصاتها مع الطبيعة والفن. فلكل موسم في هذه المدينة الساحرة مظاهر احتفالاته؛ في الربيع، تزهر حديقة (ستادبارك) بالنباتات التي تتناغم مع ألحان النسيم. أما في الصيف، فتتحول المدينة إلى مسرح مفتوح أثناء إقامة مهرجان «السينما الصيفية» أو «الراتهاوس» الذي يعج بضحكات الحضور والأجواء الاحتفالية.فيما تتزين فيينا بحُلَّة مختلفة تمامًا في موسم الشتاء. وبحلول ليلة رأس السنة، تنبض المدينة بالحركة والحيوية في جميع أرجائها.. فيينا .. السحر الخالد: إن فيينا أكثر من مجرد وجهة سياحية تسعد بزيارتها وترحل عنها وترحل هي الأخرى عنك، فهي مكان يُحفَر في ذاكرة ووجدان كل من يعيش أجواءها. إذ ستجدها في ألحان (موتسارت)، وظلال (كليمت) الذهبية،هذه المدينة لا ترحب بك فحسب، بل تحتضنك في داخلها. تخبرك بأسرارها، وتشاركك جمالها، فتغادرها وأنت شخص آخر تمامًا ويصبح لها مكانًا أثيرًا في قلبك ما حييت. لذا إن لم تزر فيينا حتى الآن، فهي في انتظارك، لتأسرك بجمالها، وتلهمك بسحرها، وتكتبك بين سطور حكاياتها.