ولادة المها العربي ال15 في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نجاح عملية جراحية دقيقة لطفل يعاني من ورم عظمي    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    المملكة تستضيف الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب .. غداً    فيصل بن بندر يرعى حفل الزواج الجماعي الثامن بجمعية إنسان.. الأحد المقبل    المملكة واليمن تتفقان على تأسيس 3 شركات للطاقة والاتصالات والمعارض    اليوم العالمي للغة العربية يؤكد أهمية اللغة العربية في تشكيل الهوية والثقافة العربية    "الوعلان للتجارة" تفتتح في الرياض مركز "رينو" المتكامل لخدمات الصيانة العصرية    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    القبض على ثلاثة مقيمين لترويجهم مادتي الامفيتامين والميثامفيتامين المخدرتين بتبوك    نائب وزير الخارجية يفتتح القسم القنصلي بسفارة المملكة في السودان    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    تنفيذ حكم القتل بحق مواطنيْن بتهم الخيانة والانضمام لكيانات إرهابية    طقس بارد إلى شديد البرودة على معظم مناطق المملكة    أسمنت المنطقة الجنوبية توقع شراكة مع الهيئة الملكية وصلب ستيل لتعزيز التكامل الصناعي في جازان    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    "مجدٍ مباري" احتفاءً بمرور 200 عام على تأسيس الدولة السعودية الثانية    إقبال جماهيري كبير في اليوم الثالث من ملتقى القراءة الدولي    إصابة 14 شخصاً في تل أبيب جراء صاروخ أطلق من اليمن    «عكاظ» تنشر توصيات اجتماع النواب العموم العرب في نيوم    التعادل يسيطر على مباريات الجولة الأولى في «خليجي 26»    «الأرصاد»: طقس «الشمالية» 4 تحت الصفر.. وثلوج على «اللوز»    ضبط 20,159 وافداً مخالفاً وترحيل 9,461    مدرب البحرين: رينارد مختلف عن مانشيني    فتيات الشباب يتربعن على قمة التايكوندو    «كنوز السعودية».. رحلة ثقافية تعيد تعريف الهوية الإعلامية للمملكة    وفد «هارفارد» يستكشف «جدة التاريخية»    حوار ثقافي سعودي عراقي في المجال الموسيقي    رينارد: مواجهة البحرين صعبة.. وهدفنا الكأس الخليجية    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    200 فرصة في استثمر بالمدينة    «العالم الإسلامي»: ندين عملية الدهس في ألمانيا.. ونتضامن مع ذوي الضحايا    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    سمو ولي العهد يطمئن على صحة ملك المغرب    التعادل الإيجابي يحسم مواجهة الكويت وعُمان في افتتاح خليجي 26    الحربان العالميتان.. !    رواية الحرب الخفيّة ضد السعوديين والسعودية    وزير الطاقة وثقافة الاعتذار للمستهلك    معرض وزارة الداخلية (واحة الأمن).. مسيرة أمن وازدهار وجودة حياة لكل الوطن    رحلة إبداعية    «موسم الدرعية».. احتفاء بالتاريخ والثقافة والفنون    هل يجوز البيع بسعرين ؟!    لمحات من حروب الإسلام    12 مليون زائر يشهدون أحداثاً استثنائية في «موسم الرياض»    «يوتيوب» تكافح العناوين المضللة لمقاطع الفيديو    السعودية أيقونة العطاء والتضامن الإنساني في العالم    مدرب الكويت: عانينا من سوء الحظ    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة المنورة    أمير القصيم يرعى انطلاق ملتقى المكتبات    ضيوف خادم الحرمين يشيدون بعناية المملكة بكتاب الله طباعة ونشرًا وتعليمًا    المركز الوطني للعمليات الأمنية يواصل استقباله زوار معرض (واحة الأمن)    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المعرض التوعوي "ولاء" بالكلية التقنية    شيخ شمل قبائل الحسيني والنجوع يهنى القيادة الرشيدة بمناسبة افتتاح كورنيش الهيئة الملكية في بيش    الأمير محمد بن ناصر يفتتح شاطئ الهيئة الملكية بمدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية    السيسي: الاعتداءات تهدد وحدة وسيادة سورية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأكلات التراثية أصالة وابتكار

الأكلات التراثية في المملكة العربية السعودية تعكس تنوعًا ثقافيًا عريقًا يجمع بين أصالة الماضي وكرم الضيافة، مما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية للمجتمع السعودي، وتمثل المائدة السعودية مرآةً لتراث غني، حيث تتنوع الأطباق التقليدية لتشمل الكبسة، التي كان يُطلق عليها الأولون اسم "طبيخ"، إضافة إلى الجريش، والقرصان، والمرقوق، والرغيد، والقرص، وغيرها من الأكلات التي تعكس أسلوب الحياة البسيط وتقاليد المجتمع التي انتقلت عبر الأجيال.
ومن المؤكد أن الأجداد برعوا في ابتكار أساليب ذكية لحفظ الطعام، خاصة في ظل غياب وسائل التبريد الحديثة «الثلاجات»، وكان من أبرز هذه الأساليب تجفيف اللحوم أو ما يُعرف ب"القفر" أو "القديد". ويُعد القفر أحد الموروثات الغذائية التي تعبّر عن مهارات الأجداد في التكيّف مع الظروف البيئية القاسية، خصوصًا خلال مواسم مثل عيد الأضحى، حيث كان تجفيف لحم الأضاحي وسيلة أساسية لضمان توفر الطعام لفترات طويلة، ذكر لي بعض كبار السن أن القفر كان يُعد بطريقة دقيقة تبدأ بتقطيع اللحم إلى شرائح طولية بحجم الإصبع تقريبًا لتسهيل عملية التجفيف، ثم تُترك الشرائح في مكان ظليل ومرتفع يسمح بمرور الهواء، مع وضع شبكة أو قماش تحتها لتصريف السوائل الزائدة. بعد ذلك، يُضاف الملح الناعم بكميات كبيرة لضمان توزيعه بالتساوي على اللحم، ويُعاد وضعه في مكان جيد التهوية بعيدًا عن أشعة الشمس المباشرة. أعتقد أن عملية التجفيف كانت تستغرق بين ثلاثة أيام وأسبوع، حسب الظروف الجوية، ليصبح اللحم جاهزًا للتخزين في أكياس قماشية خفيفة يسمونها «شاش» تسمح بمرور الهواء وتحفظ جودته.
وعندما يحين وقت الطهي، يتم نقع القفر في ماء دافئ للتخلص من كمية الملح الزائدة، ثم يُضاف إلى أطباق تقليدية مثل المرقوق والقرصان، أو يُطبخ مع الأرز، مما يضفي على الأطعمة نكهة مميزة وفريدة.
ومن المثير للاهتمام أن بعض الأولين كانوا يتناولونه نيئًا بعد تجفيفه، حيث يُعتبر جاهزًا للأكل نظرًا لأن عملية التجفيف تكسبه نكهة خاصة وتحافظ على صلاحيته، وقد ذكر لي بعض كبار السن أيضًا أن اختيار اللحم المناسب كان أمرًا أساسيًا لضمان نجاح هذه الطريقة، حيث كانوا يفضلون لحم الغنم قليل الشحوم، مؤكدين أن الدهون تؤخر عملية التجفيف وقد تؤثر على جودة اللحم عند التخزين. والغريب أنه لم تُسجل محاولات كثيرة لتجفيف لحوم الجمال أو الطيور، وربما كان ذلك لصعوبة التجفيف أو اختلاف الطعم، وهو أمر أعتقد أنه يستحق مزيدًا من البحث لفهم أسبابه، ومن المؤكد أن القفر لم يكن مجرد وسيلة لحفظ الطعام، بل جزءًا من ثقافة غذائية عريقة تعكس براعة الأجداد وحسن تدبيرهم في مواجهة تحديات الحياة، ولعل أبرز ما يميز القفر هو طابعه التراثي ونكهته الفريدة، التي جعلته مرتبطًا بالأطباق التقليدية مثل المرقوق والقرصان، ليصبح رمزًا للابتكار والاستدامة، ورغم تطور تقنيات حفظ الطعام في العصر الحديث، ما يزال القفر حاضرًا في ذاكرة المجتمع السعودي، كجزء لا يُنسى من تراث الطهي الذي يجمع بين أصالة الماضي وحنين الذكريات، حيث يحكي قصص الأجداد ومعاناتهم وابتكاراتهم التي استمرت عبر الأجيال.
عبدالعزيز بن سليمان الحسين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.