من المتوقع أن تشهد السنوات المقبلة ضخ استثمارات ضخمة في مجال إنشاء محطات شحن وصيانة السيارات الكهربائية في السعودية، حيث يواجه القطاع الواعد تحدياً أساسياً يتمثل في نقص محطات الشحن، والتي تعد ضرورية في زيادة الاعتماد على السيارات الكهربائية لتحقيق مستهدفات السعودية في خفض الانبعاثات الكربونية، ووفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء، فإن عدد السيارات الكهربائية التي تم استيرادها في السعودية خلال 2023 تصل إلى 779 مركبة، فيما لا يزيد عدد محطات الشحن حالياً في العاصمة الرياض على 8 محطات، وتبلغ في المملكة حالياً نحو 20 محطة فقط. وأطلق صندوق الاستثمارات العامة مع الشركة السعودية للكهرباء، في شهر نوفمبر 2023، شركة "إيفيك" التي تستهدف إنشاء شبكة من نقاط الشحن السريع، والتي يصل عددها إلى 5 آلاف شاحن للسيارات الكهربائية بحلول 2030، موزعة على أكثر من ألف محطة في المملكة، في الوقت نفسه تخطط العديد من الشركات العالمية والمحلية للتوسع في إنشاء محطات الشحن في السوق السعودية، وفي أكتوبر 2021، أعلنت السعودية أن 30 % على الأقل من السيارات في العاصمة الرياض ستكون كهربائية بحلول عام 2030، كما تخطط المملكة لإنتاج 500 ألف سيارة كهربائية بحلول نهاية العقد، من خلال مصانع "لوسيد"، و"سير" التي أُطلقت في نوفمبر 2022، ولا شك أن هذه الحاجة الماسة لعشرات محطات الشحن في المملكة، تشكل فرصة واعدة للشركات الوطنية والدولية، وبالفعل هناك لاعبون كبار في السوق السعودية على غرار شركتي "إيفيك" و"إلكترومين". أما عالمياً، فقد قفز حجم سوق شحن السيارات الكهربائية إلى 4.8 مليارات دولار خلال عام 2024، ومن المتوقع أن تقفز إيرادات سوق محطات شحن السيارات الكهربائية عالمياً بنسبة 250 % بحلول 2030، لتصل إيرادات السوق في عام 2030 إلى 17.4 مليار دولار، مدفوعة برغبة عالمية جامحة في اقتناء السيارات الكهربائية وتوفير محطات موثوقة للشحن عبر الطرق السريعة، ويمكن أن نعزو نمو السوق إلى ازدهار مبيعات المركبات الكهربائية، وزيادة الطلب على البنية التحتية للشحن العام. كلما زادت مبيعات المركبات الكهربائية، كلما توسع الطلب على البنية التحتية للشحن، ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية، بلغت مبيعات المركبات الكهربائية العالمية 14 مليون سيارة في عام 2023، وهذه تمثل زيادة بنسبة 35 ٪ مقارنة بعام 2022، ومع ذلك، فإن هذا النمو غير المسبوق في مبيعات المركبات الكهربائية يحتاج إلى دعم من بنية تحتية قوية للشحن تكفي لإجمالي عدد السكان الذين يستخدمون المركبات الكهربائية، وعلاوة على ذلك، فإن الافتقار إلى البنية التحتية للشحن العام ونقص المساحة الكافية ورأس المال يدفع الطلب على نموذج عمل الشحن كخدمة، وبالتالي يدفع نمو السوق. توفر خدمة الشحن نهجًا اقتصاديًا منخفض المخاطر لشحن المركبات الكهربائية، مما يوسع البنية التحتية للشحن في العديد من الأماكن، كما توفر لسائقي المركبات الكهربائية شبكة موثوقة للشحن أينما ذهبوا، مما يقلل من قلقهم بشأن مدى مركباتهم، وبسبب هذه المزايا، يتزايد الطلب على خدمة الشحن كخدمة، مما يدفع نمو السوق، وتعمل الشركات على توسيع شبكات CaaS لتلبية هذا الطلب المتزايد، وعلى سبيل المثال، أعلنت شركة "إيفي كونكت" الأميركية في فبراير 2022 عن توسيع خيار الشحن المرن منخفض المخاطر مع دفعات شهرية صغيرة، وهو برنامج شحن تقدمه الشركة للمركبات الكهربائية. قانون الاستثمار وتعزز المبادرات الحكومية المواتية في دفع نمو السوق للأمام، وعلى سبيل المثال، يهدف قانون الاستثمار في البنية التحتية والوظائف في الولاياتالمتحدة إلى استثمار نحو 550 مليار دولار على مدى عشر سنوات، لتحسين البنية التحتية للبلاد، ويخصص هذا القانون نحو 7.5 مليارات دولار لإنشاء بنية تحتية لشحن السيارات الكهربائية سلسة وسهلة الوصول، ومن المتوقع أن يدفع هذا نمو السوق، وخاصة أن 72.5% فقط من أصل 657 شاحنًا سريعًا عامًا تعمل في منطقة خليج سان فرانسيسكو، وفي المملكة المتحدة توجد أكثر من 5 % من أصل 26 ألف شاحن عام للسيارات الكهربائية معطلة، وتتطلب شواحن السيارات الكهربائية صيانة عالية. تشكل البنية التحتية غير الكافية لشحن المركبات الكهربائية فرصة نمو لصناعة الشحن، وقد يكون السبب وراء العديد من أجهزة الشحن المعطلة هو افتقارها إلى الصيانة المناسبة حيث تتطلب جميع المركبات الكهربائية بنية تحتية مختلفة للشحن، والتي يصعب صيانتها، وهذا يخلق بدوره فرصة نمو للسوق، حيث يمكن لمقدمي خدمات الشحن كخدمة تقديم خدمة الشحن بمساعدة طرف ثالث يبحث في صيانة البنية التحتية، وقد استحوذ القطاع المستضاف على حصة سوقية كبيرة بلغت 43.3 % في عام 2024، حيث يمكن نشر خدمة الشحن المستضاف في مواقع مختلفة، بما في ذلك الوجهات السياحية والأراضي العامة والشركات والفنادق والمجمعات التجارية ومرافق النقل والمطاعم وغيرها، ويمكن أن يُعزى نمو القطاع إلى مجموعة متنوعة من الفوائد المقدمة للمضيفين، بما في ذلك كسب الإيرادات من رسوم المستخدمين أو إيجارات أراضي الشحن. من المتوقع أن يسجل قطاع الاشتراك أسرع نمو خلال السنوات المقبلة، وتوفر خدمة الشحن القائمة على الاشتراك للعملاء كفاءة وسهولة الشحن على أساس اشتراك شهري أو سنوي، لأنها تقلل من التكلفة الأولية لشراء محطة شحن، حيث لا يحتاج العملاء إلى شراء أو تثبيت محطات الشحن في مقارهم، ويمكنهم اختيار نموذج الاشتراك، ولا شك أن إمكانية الوصول التي توفرها خدمة الشحن القائمة على الاشتراك هي التي تدفع نمو القطاع، وعلى سبيل المثال، في فبراير 2022، أطلقت مجموعة "ليبرتي جلوبال فينتشرز" البريطانية خدمة Egg لتقديم مجموعة من حلول التكنولوجيا النظيفة، بما في ذلك شحن المركبات الكهربائية على أساس الاشتراك، حيث توفر الخدمة للعملاء في المملكة المتحدة الدعم والصيانة المستمرة، وكلها مشمولة في دفعة شهرية قدرها 30 جنيهًا إسترلينيًا (40.25 دولارًا)، وتعمل مثل هذه المبادرات على تعزيز نمو القطاع. سيطر القطاع التجاري على السوق في عام 2024، ويزيل الشحن كخدمة عبء الملكية والصيانة من الشحن من خلال توفير حل شحن أكثر سهولة في الوصول إليه، ويشمل القطاع التجاري نقاط صناعة الضيافة ومرائب السيارات والمباني المكتبية والوحدات متعددة المرافق وغيرها، ويمكن أن تتمتع هذه الأماكن العامة بالشحن كخدمة إما على أساس الاشتراك أو الاستضافة في المبنى أو التمويل من خلال طرف ثالث، وهذا الأمر يسهل إمكانية وصول هائلة لمستخدمي المركبات الكهربائية، مما يقلل من قلقهم، ويعزز استخدام المركبات الكهربائية لتحسين الصحة البيئية والمجتمعية، ويمكن للأماكن التجارية الاستفادة من خدمة الشحن من خلال زيادة الاحتفاظ بالعملاء وتوفير التجربة الأكثر إرضاءً وراحة لعملائها. البنية التحتية للشحن على الرغم من ازدهار مبيعات السيارات الكهربائية خلال السنوات الماضية، إلا أن البنية التحتية للشحن تفتقر إلى نفس النمو، ويمكن أن يوفر الشحن كخدمة حلولاً سهلة وخالية من المتاعب، ويمكن للمستهلكين شحن مركباتهم دون عناء تركيبها أو صيانتها، مما يقلل بشكل كبير من التكلفة الأولية لشراء مركبة كهربائية، وتؤدي كفاءة التكلفة وسهولة الوصول إلى خدمة الشحن على دفع نمو القطاع، وقد سيطر قطاع الشحن بالتيار المتردد على السوق في عام 2024، حيث تستخدم معظم البنى التحتية الشحن بالتيار المتردد بقوة عادية تبلغ 22 كيلوواط، اعتمادًا على نوع السيارة والبنية التحتية المتاحة، وتتطلب شواحن التيار المتردد وقتًا أطول للشحن؛ وبالتالي يتم استخدامها كخيار فعال في الأماكن السكنية أو التجارية مثل المباني المكتبية أو الفنادق. تخزن المركبات الكهربائية الطاقة على هيئة تيار مستمر؛ وبالتالي، يتعين تحويل الطاقة من البنية التحتية للشحن الكهربائي من تيار متردد إلى تيار مستمر، وهو ما يستغرق وقتًا أطول، ومع ذلك، فإن الشحن بالتيار المتردد متاح بسهولة وهو خيار أكثر أمانًا، مما يدفع نمو قطاع محطات الشحن بالتيار المتردد في صناعة الشحن، ومن المتوقع أن يسجل قطاع محطات شحن التيار المستمر أسرع نمو، وعلى عكس محطات شحن التيار المتردد، تحتوي شواحن التيار المستمر على محول داخل الشاحن نفسه، ويشق شحن التيار المستمر طريقه إلى مساحة الشحن نظرًا لقدراته على الشحن السريع ثنائي الاتجاه، ويفضل مزودو CaaS شواحن التيار المستمر، حيث يوفرون الكثير من الوقت في الشحن، ممايزيد من كفاءة البنية التحتية وتلبية احتياجات العملاء خلال وقت محدد. يسجل سوق الشحن في أميركا الشمالية نموًا كبيرًا، حيث تعد المنطقة موطنًا للاعبين بارزين في السوق، وعلاوة على ذلك، تستثمر الشركات بقوة في المركبات الكهربائية، مما يدفع نمو المنطقة، وسيكون الشحن مفيدًا في تحقيق أهداف انبعاثات الكربون الصفرية في الولاياتالمتحدة وكندا، حيث حددت الحكومة الفيدرالية هدفًا مفاده أن نصف سيارات الركاب والشاحنات الخفيفة الجديدة المباعة في عام 2030 يجب أن تكون ZEV، بما في ذلك المركبات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات والمركبات الكهربائية الهجينة القابلة للشحن. تخلق مثل هذه المبادرات المزيد من فرص النمو للسوق في أميركا الشمالية، وعلى سبيل المثال، تشهد سوق الشحن الأميركية توسعًا كبيرًا، مدفوعًا بالحاجة المتزايدة إلى حلول شحن المركبات الكهربائية المريحة وسهلة الوصول، ويشهد قطاع السيارات في الولاياتالمتحدة زيادة في تبني نماذج خدمة الشحن، مع التركيز على تحسين تجربة المستخدمين، وتقوم الشركات ومرافق وقوف السيارات والمؤسسات التجارية، بدمج هذه الخدمة لتلبية احتياجات العدد المتزايد من مستخدمي المركبات الكهربائية. يزدهر السوق في أميركا الشمالية من خلال الشراكات الاستراتيجية مع مقدمي الخدمات العامة والتعاون بين مقدمي خدمات الشحن ومصنعي السيارات، جنبًا إلى جنب مع إطلاق المنتجات، وعلى سبيل المثال، في سبتمبر 2023، أطلقت مجموعة "دايملر للشاحنات" الأميركية، أكبر مصنعي المركبات التجارية في العالم، خدمة توفير وقود كهربائي نظيف بشكل موثوق وبأسعار معقولة في أميركا الشمالية، والهدف هو مساعدة العملاء في الانتقال إلى النقل المستدام. في المقابل، سيطرت سوق خدمة الشحن في منطقة آسيا والمحيط الهادئ على الصناعة في عام 2024، وبلغت حصة الإيرادات فيها 31.28 ٪، بفضل وجود العديد من اللاعبين البارزين، والتبني المتزايد للسيارات الكهربائية في البلدان ذات الكثافة السكانية الكبيرة، مثل: الصين والهند وكوريا الجنوبية، مما يخلق طلبًا كبيرًا على البنية التحتية للشحن، وعلاوة على ذلك، تساهم المبادرات الحكومية المواتية في نمو المنطقة، مثل خارطة طريق وكالة الطاقة الدولية بحلول عام 2050 والتي تروج لاستخدام المركبات الكهربائية ووجود شبكة أفضل للبنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية. من المتوقع أن تظهر أوروبا باعتبارها أسرع الأسواق الإقليمية نموًا حتى نهاية العقد الحالي، وتنظر الحكومات الأوروبية إلى الشحن كخدمة باعتباره المفتاح لتسريع استخدام المركبات الكهربائية. ولتسريع التبني، تقدم الحكومات في جميع أنحاء أوروبا حوافز مختلفة، وعلى سبيل المثال، في هولندا، تصل نسبة الخصم على شراء وتركيب محطات الشحن إلى 36 % للكيانات والشركات العامة، وتدفع مثل هذه المبادرات نمو السوق، ويمكن ربط توسع سوق الشحن في المملكة المتحدة بالاعتماد المتزايد على المركبات الكهربائية والتزام الدولة بحلول النقل المستدامة، ويشهد عدد تسجيلات المركبات الكهربائية في المملكة المتحدة زيادة بنسبة 40 ٪، وقد دفعت أهداف الحكومة البريطانية الطموحة للحد من انبعاثات الكربون وتعزيز التنقل الصديق للبيئة في زيادة الطلب على إنشاء بنية تحتية شاملة ومريحة للشحن. وبما أن ألمانيا قوة عظمى في صناعة السيارات، فهناك تركيز متزايد على التحول نحو حلول نقل أكثر نظافة، وتعمل المبادرات الحكومية والسياسات البيئية القوية على دفع توسع صناعة الشحن، مع دعم الإعانات والمنح واللوائح الداعمة التي تشجع على تطوير البنية الأساسية الشاملة للشحن، ويتماشى وضع محطات الشحن بشكل استراتيجي في المناطق الحضرية، وعلى طول الطرق السريعة، وفي الأماكن العامة مع الطلب المتزايد على خيارات الشحن المريحة والمتاحة، ومعالجة مخاوف السائقين بشأن عدم وجود محطات لتزويد المركبات بالوقود اللازم. المملكة انطلقت في صناعة السيارات الكهربائية تزايد عالمي للسيارات التي تعمل بالطاقة الكهربائية تقرير - د. خالد رمضان