كثير من الإشكاليات وكثير من الخذلان الذي يحدث في العلاقات البشرية وكثير من النفور والتهرب من مجالسة بعض البشر وقطع العلاقات هو نتيجة لعدم القدرة على التمييز بين العلاقات الصحية وغير الصحية، فيظل البعض حائرا مترددا يسأل نفسه: هل علاقتي بالشخص الفلاني علاقة مثالية وإيجابية صحية؟ هل اختياري له اختيار صحيح؟ وهل أظل على اتصال دائم به؟ أم أنها علاقة سلبية وسامة تحتم علي التخفيف من التواصل معه وعدم الحرص على الالتقاء به؟ هل لدي القدرة على إدارة مشاعري لمعرفة نوع هذه العلاقة لأستطيع أن أتخذ القرار الأنسب تجاهها؟ عندما تلاحظ أن الشخص الذي تصاحبه يريدك فقط ان تمجده وتذكر محاسنه، ويجعلك -بطريقة مباشرة أو غير مباشرة- تشعر بأنك أقل شأنا منه وقد تتهم نفسك بالنقص والدونية عندما تجالسه وكأنك لم تنجز أو تفعل أي شيئا يستحق الإشادة والتذكير في هذه الحياة، وأن ليس لديك حسنة تستحق أن يلتفت إليها رغم مجالسته لك سنوات طويلة! بل يجعلك محبطا مشكوكا في قدراتك وإمكانياتك وقد يسخر منك.. عندما تجد مثل هذه المؤشرات وتلاحظها فتأكد بأن هذا الشخص سلبي والعلاقة معه غير صحية وغير مجدية، والتخفيف من مجالسته والتواصل معه أمر لا بد منه حينما تستنفد كل الفرص والمحاولات في سبيل إرشاده لتقويم سلوكه ومعالجة أسلوبه المنفر لكل من يجالسه. والعكس من ذلك حينما تجد الشخص يتجاذب أطراف الحديث معك عن اهتماماتك ويسلط الضوء على إيجابياتك فيظهرها ويحتفي بالخصال الحميدة والصفات الجميلة التي تتمتع بها، فيعززها بداخلك وكل ذلك ربما ومعرفته بك من مدة قصيرة! فعلى سبيل المثال حين يسمع منك كلمة طيبة أو قول حسن سواء كنت معه لوحدكما أو أمام الملأ يثني عليه كقوله: (ماقلته يا فلان قبل قليل كلام جميل) (رأيك الذي ذكرته هو عين الصواب والأقرب للحقيقة) وهكذا.. أو حين يعجبه فكرك وشخصيتك يمتدحك قائلا: (ما شاء الله عليك لديك اطلاع بالمجال الفلاني) أو (أنت لديك شخصية جميلة وحضور لافت وتعبير جيد) (أنت في العلم الفلاني مبدع حاول تطور نفسك فيه أكثر لتكون أكثر تميزا) (أنا سمعت لك كلمات أعجبتني) (رأيت أسلوبك جميل عندما تحدثت مع فلان؛ أحسنت واستمر على هذا النهج) (قرأت لك كذا وكذا ونال على استحساني).. إلخ، شخص محفز وينبض بالصفاء والحيوية ويعزز فيك الإيجابية لأشياء أنت تعلمها وتعلم قيمة نفسك بها ومن خلالها وقد يذكرك بها حينما تنساها أو ربما تجهلها، شخص مشغول بنفسه وتطويرها لا بمقارنتها بالآخرين ومحاولة النيل منهم ومناكفتهم، إنسان يرفعك ويحلق بك عاليا لتلامس السماء، ويجعلك تزداد حبا لنفسك وفخرا بها، ويشعرك بالارتياح ويجعلك أكثر اطمئنانا وامتلاء بالمشاعر الطيبة حينما تفترقان، ومتلهفاً للقائه مجددا، وحينما تنتهي من مجالسته تكون أكثر ثقة ورضا عن ذاتك وعما تملكه من سمات ومميزات.. فحينما تجد مثل هذا النوع من البشر فعض عليه بالنواجذ وتأكد بأن العلاقة بينكما علاقة صحية. محمد عبدالله العتيبي