يلعب العقد الموحد للمقاولات الذي بدأت المملكة في تطبيقه مؤخراً دوراً بارزاً في حل العديد من النزاعات القائمة في المحاكم بين المقاولين والملاك، بعدما وصل عدد القضايا التجارية في المحاكم السعودية إلى 20600 قضية خلال العام 2023، فيما تجاوزت 27 ألف قضية في العام الذي سبقه، وشهدت النزاعات في قطاع البناء والتشييد نسبة كبيرة ضمن هذه القضايا. لا شك أن العقد الموحد يمثل نقلة نوعية في إدارة العلاقة التعاقدية بين الأطراف المعنية في المشاريع، حيث كان تعدد صيغ العقود واختلاف بنودها من أبرز التحديات التي تواجه قطاع المقاولات في الماضي، مما يؤدي إلى نشوء العديد من الخلافات والنزاعات القانونية بين المقاول والمالك، والتي غالبًا ما تستغرق وقتًا طويلاً لحلها وتكلف الأطراف المعنية خسائر مادية ومعنوية كبيرة. ويأتي العقد الموحد لحل هذه المعضلة، ويقدم نموذجاً موحداً للعقد يتميز بوضوح بنوده وشروطه، مما يضمن حقوق جميع الأطراف ويقلل من الخلافات، ويحمل العقد بصيغته الجديدة العديد من الفوائد أبرزها تحديد المسؤوليات، فهو يحدد بوضوح دور كل طرف من الأطراف المعنية في المشروع، مما يقلل من فرص سوء الفهم والاختلاف حول هذه المسؤوليات، كما يزيل الغموض الذي قد ينشأ عن صياغة العقود التقليدية، حيث يتم توضيح جميع الشروط والبنود بشكل واضح وجلي. ويوفر العقد الموحد آليات لحل النزاعات التي قد تنشأ بين الأطراف، وذلك من خلال تحديد إجراءات التحكيم أو اللجوء إلى القضاء في حال عدم التوصل إلى حل ودي، كما يسهم في تسريع الإجراءات القضائية، ففي حالة اللجوء إلى القضاء، فإن وجود عقد موحد يسهل على القاضي فهم القضية والحكم فيها بشكل سريع، وعندما ينشأ نزاع بين المقاول والمالك، يمكن الرجوع إلى بنود العقد الموحد لتحديد أسباب النزاع وحلّه، وفي حالة عدم التوصل إلى حل ودي، يمكن اللجوء إلى الآليات التي حددها العقد لحل النزاع، مثل التحكيم أو القضاء. وتلعب الهيئة السعودية للمقاولين دورًا حيويًا في دعم العقد الموحد، حيث تقوم بتطويره وتحديثه بشكل دوري، وتقديم الدعم الفني للمقاولون، وحل النزاعات التي قد تنشأ. كما تعمل الهيئة على نشر الوعي بأهمية العقد الموحد بين جميع الأطراف المعنية في قطاع المقاولات. وبكل تأكيد يعتبر العقد الموحد للمقاولات خطوة مهمة نحو تطوير قطاع البناء والتشييد في المملكة، ويسهم في توفير بيئة عمل أكثر استقرارًا وشفافية، ويقلل من النزاعات القانونية، ويضمن حقوق جميع الأطراف.