الالتزامات الاجتماعية كانت وما تزال جزءاً من حياتنا، لكن يبدو أن الزمن أضاف أعباء جديدة جعلت من "صاحبة الواجب" مهمة شبه مستحيلة. 24 ساعة في اليوم لا تكفي لتقسيمها بين العمل، والطموحات، والحياة الشخصية، فما بالك بتلبية الدعوات والمناسبات التي لا تنتهي؟ خذوا مثلاً الزواج: هل يكفي أن نحضر العرس فقط؟ بالطبع لا. لدينا قراءة الفاتحة، عقد القران، ليلة الحناء، توديع العزوبية، العرس، وثاني يوم العرس! وكل مناسبة تتطلب رداءً جديداً، وتجهيزات تستنزف الوقت والجهد. وإذا كنت من أصحاب "العشرين عزيزة"، فاضربوا هذه السلسلة من المناسبات في 20، وستكتشفون أن العمر يضيع حرفياً في حفلات ومظاهر اجتماعية. حتى الولادة، التي كانت يوماً مناسبة بسيطة للمباركة، تحولت الآن إلى سلسلة لا تنتهي من الاحتفالات. من البيبي شاور إلى حفل كشف جنس الجنين، حيث يجتمع الناس بترقب مصطنع لمعرفة ما لا يخرج عن احتمالين: ذكر أو أنثى. ماذا كنا نتوقع؟ كائناً فضائياً؟ ومع الإعلان عن النتيجة وسط مظاهر الحماس الزائد وصيحات الدهشة المفتعلة، يتبادر إلى الذهن سؤال منطقي: لماذا نصرّ على الاحتفال بأمر طبيعي تماماً، عرفناه منذ بدء الخليقة؟ ما الذي يدعونا لأن نكون بارعين في إهدار الوقت بتحويل البديهيات إلى طقوس استعراضية. كل مناسبة تتطلب وقتاً وتحضيراً، بينما أبحث أنا عن بقايا وقتي لتحقيق نجاحاتي، أو حتى لأخذ قسط من الراحة. اعذروني إذا لم أكن "صاحبة واجب". فأنا لا أملك وقتاً كافياً لأداء واجبي تجاه نفسي، فكيف أتفرغ للمظاهر التي تبتلع أعمارنا؟ لعل الوقت قد حان لإعادة التفكير في أولوياتنا، قبل أن نجد أنفسنا نعيش حياة مكرّسة للآخرين، وننسى أننا الأهم فيها.