في السنوات الأخيرة، أحدثت التحولات الرقمية تغييرات جذرية في سوق العمل حول العالم أجمع، فالمملكة التي استثمرت أكثر من 24.8 مليار دولار في البنية التحتية الرقمية خلال السنوات الست الماضية، وأصبحت واحدة من الدول الرائدة في تسريع التحول الرقمي، مما ساعدها بشكل كبير في نمو قطاعاتها الرقمية مثل التجارة الإلكترونية والخدمات التقنية. تشير توقعات صادرة عن شركة "McKinsey" إلى أن 41 % من الوظائف الحالية في السعودية قد تكون قابلة للأتمتة باستخدام التقنيات المتاحة حاليًا. ومن المتوقع أن تتأثر الوظائف التقليدية بنسبة تفوق 50 % بسبب الأتمتة، مما يجعل التحول نحو وظائف جديدة أمرًا ضروريًا. رؤية 2030، تعمل على تعزيز التقنية مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، وهو ما أوجد فرصًا ومجالات جديدة. الذكاء الاصطناعي على سبيل المثال متوقع أن يصل الصرف عليه إلى 1.9 مليار دولار بحلول عام 2027، وهذا ليس فحسب بل إنترنت الأشياء والبيانات الضخمة وغيرهما. التحول الرقمي لا يقتصر فقط على السعودية، بل يمتد تأثيره إلى منطقة الشرق الأوسط بأكملها، فتقرير البنك الدولي يؤكد أن اعتماد التقنيات الرقمية يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية هائلة للمنطقة، مع إمكانية خلق وظائف جديدة تعتمد على التقنيات المتقدمة مثل الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، تواجه المنطقة تحديات في تطوير المهارات المطلوبة لمواكبة هذه التحولات. على الصعيد العالمي، التحول الرقمي يعيد تشكيل سوق العمل بسرعة كبيرة. تقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي يتوقع أن يختفي نحو 85 مليون وظيفة بحلول 2025، ولكن سيوجد في المقابل 97 مليون وظيفة جديدة مرتبطة بالابتكار والتقنية. هذه الأرقام تعكس تحولًا كبيرًا في نوعية المهارات المطلوبة، مع ارتفاع الطلب على المهارات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات. التخوف الرئيس يتعلق بقدرة الأفراد على التكيف مع هذه التحولات. هناك حاجة ملحة لتأهيل القوى العاملة وتزويدهم بالمهارات المطلوبة لمواكبة التطورات. يمكن أن يكون هذا التغيير مخيفًا لبعض الفئات، خاصة من يفتقدون التدريب الكافي أو الفرص للوصول إلى المهارات الرقمية، لكن البرامج الحكومية مثل "دروب" و"مسك" في السعودية تسعى إلى سد هذه الفجوة. إذاً، هل ستختفي الوظائف ويتأثر سوق العمل؟ الإجابة بالتأكيد ستختفي بعض الوظائف، خاصة تلك التي تعتمد على المهام الروتينية التي يمكن أتمتتها بسهولة، مثل الوظائف في قطاعات التصنيع والبيع بالتجزئة. لكن ستنشأ وظائف جديدة وغالبًا تتطلب مهارات عالية. والتحدّي هو التكيف والاستعداد للمستقبل عبر الاستثمار في التعليم والتدريب المستمر.