أكدت الدكتورة نوف الزغيبي، المختصة في إدارة الأدوية وسلاسل التوريد الصحية، أن الهدر الدوائي يمثل تحديًا كبيرًا يواجه القطاع الصحي، ويؤثر على استدامة الموارد وجودة الرعاية المقدمة. وأوضحت أن ضعف إدارة المخزون، وغياب أنظمة فعالة للتنبؤ بالاحتياجات، بالإضافة إلى الطلب الزائد وسوء التخزين، كلها عوامل رئيسية تؤدي إلى انتهاء صلاحية الأدوية دون الاستفادة منها. وأشارت الزغيبي إلى أن تحسين إدارة المخزون الدوائي يمكن أن يتم من خلال استخدام أنظمة رقمية متقدمة تربط بيانات المخزون بالطلب الفعلي. وشددت على ضرورة تدريب الكوادر الطبية على التخطيط الجيد لتحديد الكميات المناسبة واعتماد سياسة "First Expired, First Out"، التي تضمن استخدام الأدوية الأقدم أولًا. وأضافت د. الزغيبي أن التقنيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي، توفر حلولًا مبتكرة للحد من الهدر الدوائي، من خلال التنبؤ الدقيق بالاحتياجات المستقبلية، ومراقبة مستويات المخزون، وتنبيه الجهات المعنية عند قرب انتهاء الصلاحية، مما يساهم في تحسين إدارة سلسلة التوريد. ونوهت بأهمية التوعية المجتمعية لمواجهة هذه الظاهرة، من خلال إطلاق حملات تثقيفية تسلط الضوء على الآثار الاقتصادية والبيئية للهدر الدوائي، وتقديم نصائح للمستهلكين حول طرق تخزين الأدوية بشكل سليم وتجنب شراء كميات تفوق الحاجة، كما دعت إلى ضرورة استشارة الأطباء قبل استخدام الأدوية لتقليل الاستهلاك غير الضروري. وفيما يتعلق بالسياسات المحلية، قالت د. الزغيبي إن هناك حاجة إلى تطوير لوائح أكثر صرامة، تلزم المنشآت الصحية بتقديم تقارير دورية عن الأدوية المهدرة، وتطبيق أنظمة رقابة تضمن الالتزام بإدارة المخزون بشكل أكثر كفاءة. وأشارت د. الزغيبي إلى أن برامج إعادة توزيع الأدوية الفائضة تُعد خطوة فعالة، لكنها بحاجة إلى تنظيم ودعم أكبر. وأوصت بإنشاء منصات رقمية متخصصة تسهل عملية إعادة توزيع الأدوية، بالإضافة إلى توفير نقاط تجميع مخصصة للتخلص الآمن من الأدوية غير المستخدمة أو منتهية الصلاحية. واختتمت د. الزغيبي حديثها بالتأكيد على أن تقليل الهدر الدوائي يتطلب جهودًا مشتركة بين الجهات الصحية والقطاعات الأخرى مثل البيئة والتعليم، إلى جانب الحاجة لإجراء أبحاث متعمقة تركز على تحسين إدارة المخزون ودراسة سلوك المستهلكين. وشددت على أن هذه الجهود ستساهم في تحقيق استدامة الموارد الصحية وتوفير رعاية صحية ذات جودة عالية.