من طبيعة اللاعب الذي يفقد الكرة فجأة وبشكل خاطف وسريع تأتيه ردة فعل غاضبة وقوية من اللاعب الذي ضغط عليه، فهنا ردة الفعل تكون بحالتين لا ثالث لهما إما أنه يفكر سريعاً في استعادة الكرة أو يتسبب بمخالفة وبإصابة في آن واحد. هذا الأمر يفهمه ويَعيه من مَارس كرة القدم في داخل الميدان، ويجهله المَنْظر الذي لم يلبس في عمره قميصا رياضيا، ولم يرتد حذاء رياضيا، ولم يَرْكل في حياته كرة، ويتكلم وكأنه آخر خبير في كرة القدم! وغالباً التدخلات القوية التي تحدث من قبل اللاعبين في الملعب تكون بطريقة عفوية ولحظية ولا إرادية، ونستبعد فيها التعمد والتقصد والدخول في النوايا. طبعاً يتحسر ويندم اللاعب الذي ارتكب سلوكا عنيفا ضد زميله، وما بعد الضربة إلا الندم والحسرة! وإلى الآن هذا الكلام الأكثر تداولاً في الرياضة السعودية، والحدث المتصدر في التواصل الاجتماعي والبرامج الرياضية هو تدخل مدافع الاتفاق مشعل الصبياني على مفصل قدم لاعب الهلال سالم الدوسري الذي تسبب في إصابة الأخير بإصابة بليغة أخرجته من ملعب المباراة مباشرة، وحرمت المنتخب من خدماته ومهارته الفنية في واحدة من أهم فترات المنتخب الصعبة في تصفيات كأس العالم، ترتب على ذلك ردة فعل غير عادية نظراً لشعبية اللاعب وجماهير وإعلام ناديه الذين تعاملوا بعاطفة جياشة مع الحدث، فهم محقون ليس لنا الاستطاعه في إلغاء العتب والَّلوم عليهم، ويُلام اللاعب مشعل نظير تدخله العنيف، وكان حقيقة يستحق عليها الطرد بالبطاقة الحمراء على أقل تقدير، ولكن لا يَسعُنا الظَّن في نية اللاعب ونتهمه بالتعمد في إحداث الإصابة، والجميل في الأمر أن مشعل خرج من الملعب وقَبَّل رأس سالم مواساة له على ما بَدر منه، والشيء هذا انتهى بين اللاعب واللاعب، ولكن الحدث الإعلامي والجماهيري لم يهدأ إلى الآن! أنا هنا لا أوجه اللوم على بعض الجماهير المتعصبة وغير الواعية في كلامها وسلوكها وتصرفاتها، فهذه فئة عاطفية ومتقلبة، ولكن ألوم وبشدة بعض الإعلاميين الذين من المفترض أن تكون رسالتهم الإعلامية هادفة وبعيدة عن التعصب المُقيت والأعمى، ولكن للأسف خيبوا الظن بإظهار الشماتة ولو بطريقة مُبطنة منهم من خلال تغريداتهم على إصابة سالم، واحتفاليتهم بتدخل مشعل وكأنهم فرحين وتحقق مرادهم.