بعد أن غادر البيت الأبيض مهزوما وغاضبا في يناير 2021، عاد دونالد ترمب الأربعاء إلى مقر الرئاسة الأميركية حيث استقبله الرئيس جو بايدن الذي وعد بتسليم سلس للسلطة إلى خصمه اللدود. وكان جو بايدن تعهّد، بعد الفوز الساحق الذي حققه دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية، بضمان انتقال "سلمي ومنظم" للسلطة مع الرجل الذي وصفه مرارا بأنه يشكّل خطرا على الديموقراطية الأميركية. وقالت الناطقة باسمه كارين جان بيار الثلاثاء إن الرئيس المنتهية ولايته "يؤمن بالمعايير والمؤسسات". ويُنظر إلى الزيارة على أنها نكسة للرئيس الديموقراطي الثمانيني الذي يعلم أن جزءا كبيرا من سجله السياسي قد يتبدّد على يد الفريق الذي يشكّله منافسه ويضمّ أسماء تتسّم بطابع راديكالي في مواقع بارزة. ومن آخر هذه التعيينات، أكد ترمب الثلاثاء وعدا قطعه خلال حملته الانتخابية بتعيين أغنى أغنياء العالم إيلون ماسك على رأس وزارة "الكفاءة الحكومية" المستحدثة فيما يعكف على اختيار أعضاء إدارته الجديدة. وأعلن الرئيس المنتخب أنه سيعهد إلى ماسك، رئيس شركة تيسلا ومنصة إكس الذي لعب دورا غير مسبوق في حملته الانتخابية، ورجل الأعمال فيفيك راماسوامي، مهمة قيادة وزارة مستحدثة تعنى ب"الكفاءة الحكومية" مهمتها خفض الهدر. وقال ترمب في بيان "هذان الأميركيان الرائعان سيمهدان معا الطريق أمام إدارتي لتفكيك البيروقراطية الحكومية وتقليص الاجراءات التنظيمية المفرطة وخفض الهدر في النفقات وإعادة هيكلة الوكالات الفدرالية (...)، وهو أمر ضروري لحركة "إنقاذ أميركا". وكتب إيلون ماسك عبر منصة "إكس" أن نشاط الوزارة سيدرج عبر الإنترنت "من أجل شفافية مطلقة"، مضيفا أن "قائمة بالنفقات حتى السخيفة منها" ستنشر أيضا. رد اعتبار خلال الحملة، ألمح إيلون ماسك إلى أن وزارة "الكفاءة الحكومية" قد تجري اقتطاعات تصل إلى ألفي مليار دولار من الميزانية الفدرالية، وهو مبلغ يتجاوز ميزانيات الدفاع والتعليم والأمن الداخلي مجتمعة. كما أن الاسم المختصر الذي اختير للهيئة "DOGE" أي Department of Government Efficiency (دائرة الكفاءة الحكومية)، يتضمن إشارة متعمدة إلى عملة "دوجكوين" Dogecoin المشفرة المفضلة لدى إيلون ماسك. وفي دلالة على أهميته المكتسبة لدى دونالد ترمب، رافق إيلون ماسك الفائز في الانتخابات الرئاسية في مراحل عدة . وكان معه اليوم خلال زيارته الى مبنى الكابيتول. وحصل الحزب الجمهوري على الأغلبية في مجلس الشيوخ في الانتخابات الأخيرة. ويُتوقّع أن يحتفظ الجمهوريون أيضا بالسيطرة على الجزء الآخر من الكونغرس الأميركي، أي مجلس النواب. وخلال خطابه أمام نواب من الحزب الجمهوري في فندق في واشنطن، تطرّق ترمب إلى فرضية الترشّح مجدّدا للرئاسة، علما أن الدستور الأميركي يمنع الترشح لولاية ثالثة. وقال الرئيس المنتخب أمام جمع انفجر ضاحكا "أظنّ أنني لن أترشّح إلا إذا اعتبرتم أنني جيّد ولا بدّ إذن من التفكير في شيء آخر". بالنسبة لدونالد ترمب، اللقاء مع جو بايدن بمثابة ردّ اعتبار بعد هزيمة عام 2020. فقد أُغلق باب البيت الأبيض أمامه في 20 يناير 2021، قبل ساعات قليلة من دخول جو بايدن إليه، من دون أن يحضر حتى حفل تنصيب منافسه الأكبر. ولم ينظّم ترمب زيارة المجاملة هذه بين الرئيس المنتهية ولايته والرئيس المنتخب، في أحد سلوكيات كثيرة كسر فيها السبعيني الذي لا يمكن التنبؤ بتصرفاته العادات المعمول بها في واشنطن منذ عقود. ويعتبر دونالد ترمب أن انتخابات 2020، رغم التصديق عليها من جانب محاكم عدة، قد سُرقت منه. وكان ترامب اعتمد خلال حملته الانتخابية خطابا حادا وعد فيه بطرد جماعي للمهاجرين غير القانونيين وبتحوّل جذري في سياسات الحماية في المسائل الاقتصادية.