غصة عبور، هو عنوان آخر مسرحية تم عرضها ضمن عروض مهرجان المسرح الخليجي الرابع عشر الذي نظمته هيئة المسرح والفنون الأدائية بوزارة الثقافة، والذي احتضنته العاصمة الرياض، حاملة مشعل الثقافة والفنون، مهرجان مسرح الخليج حمل عنواناً رئيساً لأعماله (البنية الأساسية في المسرح الخليجي) وكان خلال الفترة «10-17» سبتمبر الماضي، غصة عبور من دولة الكويت الشقيقة نالت الجائزة الكبرى من لجنة التحكيم كأفضل عرض متكامل، تأليف الكاتبة تغريد الداود وإخراج الفنان محمد الأنصاري، ناقشت المسرحية قضايا مهمة تخص أغلب المجتمعات، منها معنى الوطن الذي يراه البعض مكاناً أو شخصاً أو عائلة أو حباً، فكرة المسرحية هي عبارة عن قصة مجموعة من الأشخاص علقوا على جسر بعد الغلق المفاجئ للمنفذ، ليصبحوا غير قادرين على العبور إلى الوجهة المقصودة أو العودة مرة أخرى إلى المكان الذي جاؤوا منه، العرض المسرحي حمل رمزيات متعددة مارس بجرأة هجاء الواقع في نسقه الاجتماعي، وأيضاً السخرية منه بالوقوف بضدية لمجموعة من المتغيرات التي عصفت بالوطن، ضمن أحداث الرواية، كما أن العرض كشف طبيعة الصراعات التي حدث بين الشخصيات والمكان لاستفزاز الجمهور وتشويقه، ظهرت هذه الصراعات كمؤشرات على الحرب والموت المجاني والعنف والجريمة والانتحار والجنون والفساد، والتي أعلنها المخرج بوضوح من خلال العرض، كما أن المسرحية بينت واقع الحال كالضحك على الباكين والبكاء على الضاحكين، من أجل بناء الوعي لا أن يعطي وعياً جاهزاً لدى المتفرج، لذلك جاء العرض محاولة لإعادة صياغة وجود الإنسان، «غصة عبور» ناقشت أيضاً مصير الذين يغامرون بأرواحهم ويدفعون حياتهم ثمناً لأحلام غير مؤكدة بين الغربة والاغتراب والهجرة والتهجير والرحيل، حيث بات مصيرهم عالة على الجسر في لحظة حسم بين خيار الحياة والموت، ليصبح كل غالٍ رخيص وكل ثمين مبتذل، المسرحية ومن خلال أداء الممثلين استطاعت أن تتلاعب بمصائر الشخصيات وأن تعريهم جميعاً وأن تخضعهم ضمن إطار عبثي ذلك خدعة الجسر، صنعت كل ذلك التوترات والصراعات لتعلق بذهنهم أن العبور لم يتحقق ما دام وجود الجسر كعدمه، طالما أن جسر العبور لا يوجد إلا في الأذهان، مخرج العرض استطاع بذكاء لافت وبالاستناد إلى رؤية إخراجية للعرض المسرحي أن يؤسس لفهم العلاقة بين المنطقة الوسط وبين الجسر من خلال السينوغرافيا التي جاءت ضمن بعدين، أحدهما وظيفي والآخر جمالي مع الربط بينهما بانسجام، هذا ما جاءت به المسرحية الفائزة بالمهرجان (غصة عبور) في المقابل قابلها الجمهور بتصفيق أخذ وقتاً ليس بالقصي بعد نهاية العرض، وهذا يعني أنها نالت رضا الحضور واستحقت الجائز بجدارة، وبالفعل كان ختام المهرجان مسكاً عنوانه غصة عبور، التي هي أيضاً ختام مقالاتنا عن العروض الستة بمهرجان المسرح الخليجي الرابع عشر، فإلى المهرجان المقبل 15 بأبو ظبي بحول الله تعالى.