سيصل تعداد سكان الرياض ل15 مليونًا في 2030 كحد أدنى، والمترو طاقته الاستيعابية اليومية بعد التوسع المستقبلي لن تتجاوز 3 ملايين و600 ألف راكب كل يوم، ويحتوى على 84 محطة وطوله 176 كلم، بينما مترو لندن ينقل 5 ملايين راكب في اليوم وعدد سكان لندن لا يتجاوز 9 ملايين، ويوجد بها 272 محطة تغطي 400 كلم.. ولا أجد نسبة وتناسبًا بين الرقمين السعودي والبريطاني.. في الربع الأول من العام الحالي نشرت صحيفة الرياض استطلاعاً مهماً تناولت فيه أسباب الازدحام المروري، وتحديدا في العاصمة السعودية، وكانت النتيجة أن 42 % حملوا المسؤولية على هندسة الطرق، و23 % على تأخر تشغيل النقل العام، و20 % على القصور في عمل جهاز المرور، و15 % على الحفريات والتحويلات، ورأي المشاركين فيه وجاهة وصدقية عالية، وعلى سبيل المثال، طريق الملك فهد في الرياض صمم ليستوعب 80 ألف سيارة في اليوم، وهو يتحمل في الوقت الحالي ما يفوق طاقته الاستيعابية، وبنسبة تصل إلى 300 %، والمعنى أنه لم يواكب الزيادة في السكان والمساكن والآليات، ولم يحدث فيه تغيير يرفع من قدرته الاستيعابية، والتصريحات الرسمية لأمانة الرياض أكدت أن جودة الطرق في الرياض تتوقف عند 55 درجة، بينما المعدل العالمي المقبول هو 70 درجة، والسابق ينتصر لمن يدخلون الحفريات والتحويلات في هذه الإشكالية. بالإضافة لذلك يطالب المختصون بمراجعة أمور، من أهمها، التصالح مع فكرة إلغاء مهام جهاز المرور الميدانية، ومواجهة من يحاولون تثبيتها والإبقاء عليها، وبالذات في الجانب التشغيلي والتنظيمي وإدارة الحركة، واستبدالها بحواجز إلكترونية وإشارات مرور ذكية، يتم التحكم بها عن بعد، وبما يحقق الحوكمة المالية الرشيدة، ويفيد في توجيه مصروفاتها المهدرة، لوزارتي الشؤون البلدية والنقل، ومعها التفكير في إدارة العملية المرورية باستخدام الذكاء الاصطناعي، وعن طريق عناصر مدنية محترفة في عملها، خصوصا أن البنية التحتية اللازمة موجودة في الكاميرات الأمنية ونظام ساهر، ومن يقول إن الازدحام سببه التأخر في تفعيل النقل العام فاتته مشكلة إخراج الناس من عاداتهم القديمة، والتي استمرت معهم لأكثر من خمسين عاماً، وهذا الأمر فيه صعوبة بالغة، وربما احتاج تعويدهم على استبدال النقل الفردي بالمترو والباص، إلى مرحلة انتقالية طويلة نسبياً. الرياض تتصدر المدن العربية الأكثر ازدحاما في قارة آسيا، وبمتوسط 52 ساعة مهدرة سنويا، وبنسبة ازدحام تصل ل23 %، ومع تحفظي على عدد الساعات، وأنها لا تعكس واقع معظم أهل الرياض إلا أني سأقبل بها، وفي دراسة حديثة لجامعة الملك سعود وجد أن من يزيد سنه على 60 عاماً ويقود سيارته في الزحام لمدة ساعتين في اليوم سيفقد من دورة حياته المتوقعة خمسة أعوام، بفعل المشكلات الصحية والنفسية المترتبة على ذلك، وبالأخص في حالة زحام الحوادث، والبريطانيون عالجوا المشكلة بوضع حواجز مرتفعة حول أماكن وقوع الحوادث على الطريق، وبما يمنع السائقين المتطفلين من السير ببطء، أو التوقف لمشاهدة الحادث، وهذا يحول دون حدوث الاختناقات المرورية وتعطيل الحركة، ولعلها مفيدة ومناسبة لمن يشابهونهم في الشوارع المحلية. تشغيل مترو الرياض يفترض أن يتم في أواخر العام الجاري، إلا أنه مبدئيا ووفق التوقعات، سيخفض مشاوير السيارات بنحو 250 ألف مشوار يوميا، وتشير إحصاءات شركة (توم توم)، المنشورة في 2021، إلى أن سكان الرياض يقومون ب16 مليون مشوار يومياً، وبنسبة 60 % لأغراض العمل والدراسة، و40 % للتسوق والترفيه، ما يعني أن المشاوير اليومية ستتراجع إلى 15 مليونا و750 ألف مشوار، والفارق بسيط، مع ملاحظة أن المشاوير تخص السكان الحاليين وعددهم قرابة 8 ملايين. عادات الناس وتحيزاتهم لوسائل النقل الخاص أو الشخصي جاءت لارتباطهم العاطفي والنوستالجي بها، وهم لا يهتمون بمنطقية قراراتهم من عدمها، ولا حتى بكلفتها المرتفعة عليهم، أو بأفضلية وميزات النقل العام كبديل، والمسألة قد تتطلب، أحياناً، معالجات استئصالية أو جبرية، كفرض ضريبة الزحام على الشوارع عالية الكثافة، وبمبالغ كافية لإجبار أكبر عدد من الأشخاص على استخدام النقل العام، ومعها ضريبة الكربون أو التلوث، على اعتبار أن المترو كهربائي، تماماً مثلما هو الحال مع متعاطي المخدرات والحكوليات. سيصل تعداد سكان الرياض إلى 15 مليونا في 2030 كحد أدنى، والمترو طاقته الاستيعابية اليومية بعد التوسع المستقبلي، لن تتجاوز 3 ملايين و600 ألف راكب كل يوم، ويحتوى على 84 محطة، وطوله 176 كيلومترا، بينما مترو لندن ينقل 5 ملايين راكب في اليوم، وعدد سكان لندن لا يتجاوز 9 ملايين شخص، ويوجد بها 272 محطة، تغطي مساحة بطول 400 كيلومتر، ولا أجد نسبة وتناسبا بين الرقمين السعودي والبريطاني، وبالتالي فالأنسب أن يتم العمل على مواجهة الكثافات المستقبلية، وتوظيف مجموعة من الحلول الهندسية كتغيير أشكال التقاطعات، والحلول الإنشائية كإضافة جسور أو مخارج أو طرق رديفة، والحلول التنظيمية كمنع الوقوف بجانب الطريق، وعدم الترخيص ببناء المنشآت الحكومية أو الخاصة، أو إقامة الفعاليات المختلفة، إلا بعد تقديمها لأرقام تقريبية، تكشف حجم المرور المترتب على إقامتها، وقدرة الشوارع على استيعابه، وإنشاء أحياء متكاملة أو (مراكز حضرية) لا يقل تعدادها السكاني عن 30 ألف شخص، وتضم كل الخدمات، وفروعا لمقرات العمل، ومدارس للتعليم العام بمراحله، وبطريقة تجعل الأشخاص لا يحتاجون لمغادرتها إلا نادرا.