استمعت في إذاعة (إم بي سي اف إم) إلى حوار ممتع مع المستمعين عن مستجدات الحياة الحديثة وكيف أن الكبار صاروا يتعلمون من الصغار وخاصة في مجال التقنية ووسائل الاتصالات الحديثة، والخدمات الإلكترونية والترجمة.. موضوع جميل حفزني للمشاركة بهذه السطور. الكبار كبار في العمر والخبرات ويستحقون التقدير فهم الذين قاموا بمسؤوليات التربية ووفروا الاحتياجات الضرورية وهيؤوا الظروف التي تساعد الأبناء على التعلم والعمل والاندماج في المجتمع. تعلم الكبار من الصغار فخر للكبار، ونجاح الصغار هو في الأصل نجاح للكبار.. الآباء والأمهات كان لهم بعد الله الفضل في نجاح الأبناء والبنات، وإذا كان بعضهم فاته التكيف مع زمن مختلف اتسم بالتطورات المتسارعة فإن الأبناء الذين كانوا تلاميذ لآبائهم أصبحوا المعلمين المساندين ماديًا وعاطفيًا وعلميًا، وهي المسؤولية التي كان يقوم بها الآباء والأمهات. في كلتا الحالتين، تعلم الصغار من الكبار أو العكس، فإن العامل المشترك بينهما هو الحب والاخلاص والأخلاق الجميلة المنتقلة من جيل إلى جيل. في هذا الموضوع لن يكون مفاجئًا أن بعض الكبار بما لديهم مع علم وخبرات سابقة يعتزون بها لن يكون سهلا عليهم تقبل التوجيه والمساعدة من الشباب وخاصة في الأمور الاجتماعية والتربوية، وفي هذا الجانب تحصل مواقف طريفة في الحوار بين الآباء والأبناء، فإذا حصل نقاش بينهما فإن الأب قد ينهي الجدل برأي حاسم مع عبارة مشهورة (أنا أبخص)، أما في هذا الزمن فيستطيع الابن أن يقول لأبيه في بعض الأمور (أنا أبخص)، والمعروف أن هناك كبارًا في السن يلتحقون بدورات تدريبية مع الشباب لاكتساب معارف ومهارات جديدة ولا يجدون حرجًا في ذلك.. إنه شيء جميل أن يستشير الأب ابنه قبل اتخاذ قرار أو يكتسب منه معلومة أو مهارة جديدة. من العوامل المساعدة في تعزيز الحوار وعلاقة التعلم بين الجيلين أن يتفهم جيل الشباب الظروف النفسية للكبار وتقدير علمهم وخبراتهم وأخذها في الاعتبار في نقل المعرفة لهم، وهذا يختلف عن تعليم الصغار لأن خبراتهم قليلة وبالتالي سيكون تقبلهم للمعارف الجديدة أكثر سلاسة. بشكل عام عملية التعلم وتبادل المعرفة والثقافة بين الكبار والصغار هي بمثابة تعاون وتواصل معرفي مستمر مفيد للجميع، فالصغار يساعدون الكبار في بعض العلوم الحديثة لكنهم لا يستغنون عن ثقافة وخبرة الكبار في شؤون الحياة المختلفة.. هذه حقيقة تشجع على تكثيف التواصل العائلي بين أفراد العائلة مهما كبر حجمها بحضور كل الأعمار، وليتها تكون بدون حضور الهاتف الجوال.. الاجتماعات العائلية مدرسة تضم الصغار والكبار فقد ولى ذلك الزمن الذي يطلب فيه الآباء من الصغار مغادرة المجلس خاصة مع وجود ضيوف كبار، فالصغار بحاجة لمجالس الكبار.