اعتاد الأب أن يقول لأبنائه في حالة النقاش حول موضوع معين (أنا أبخص) أي أنا أدرى منك، أنا أملك المعرفة والخبرة والحكمة، وما عليك إلا الاستماع. نعم للكبار الاحترام والتقدير وهم أدرى في أمور كثيرة، في هذا الزمن، أصبح الشباب يملكون المعرفة والخبرة وخاصة في العلوم الحديثة ومنها التقنية، حتى الحكمة يمكن أن تأتي من الطفل أو الشاب مثلما تأتي من كبير السن، ولهذا السبب من المهم داخل الأسرة مشاركة الجميع في الرأي وأن نثق بالشباب والأطفال وندعوهم للمشاركة عبر طرح هذا السؤال (ما رأيك؟). يقول أحد الآباء أنه شعر بالغيرة عندما لاحظ أن زوجته لم تعد تكتفي برأيه في حالة بحث موضوع معين أو مشكلة بل تقول له: دعنا نسأل ابنتنا عن رأيها في هذا الموضوع. شعر الأب بوجود منافس وتفاجأ بآراء وحلول منطقية تصدر من هذا المنافس، الأب يحب هذا المنافس ويفتخر به ويسعد بمشاركته، إنها ابنته، قلبه وعقله، فلا يجد حرجاً أن يقول لها: (أنت أبخص). ابنك وتلميذك ومرؤسك ليسوا منافسين لك، الأب يفتخر بابنه عندما ينجح، المعلم يفتخر بتلميذه عندما يتفوق عليه، المدير يحتفي بالموظف المبدع ويكافئه، هؤلاء ليسوا منافسين بل مصدر فخر، نجاح الابن نجاح للوالدين، نجاح التلميذ نجاح للمعلم، نجاح الموظف نجاح للمدير. على عكس عنوان المقال، أقول: إن الابن لا ينظر له كمنافس لوالده، وكذلك التلميذ مع معلمه، والموظف مع مديره، وإذا أطلقنا عليهم هذا المصطلح فهي منافسة جميلة فيها افتخار واحترام وأمنيات بأن يتفوق الابن والتلميذ والموظف، لن يتقدم الابن خطوة إلى الأمام إذا كان والده يتعامل معه بأسلوب الإحباط والانتقاد والفوقية، وكذلك التلميذ والموظف، في الإدارة يفشل المدير إذا تعامل مع المرؤوسين كمنافسين له، هم فريق عمل ونجاحهم يعكس نجاحه وقدرته على استثمار قدراتهم واكتشاف مهاراتهم القيادية التي تعبر عن ثقته بنفسه، ولذلك فهو يفتخر بالقيادات الجديدة ولا يستبعدهم خوفاً على منصبه.