منذ عقود مضت والمملكة تعد من أهم الوجهات التي يقصدها ملايين المقيمين الذين جاؤوا من أنحاء دول العالم للعمل والعيش الآمن فيها، هؤلاء ساهموا بخبراتهم وجهودهم في الاقتصاد الوطني، وتعزيز النهضة التنموية والعمرانية التي تشهدها مناطق البلاد بشكل متتابع وسريع. ومن هنا، ليس من المستغرب أن تنظر المملكة إلى المقيمين فيها على أنهم شركاء نجاح حقيقيون، يستحقون الشكر والتقدير على عطاءاتهم المتواصلة، وبالتالي، لا تتردد في تفعيل أي مبادرة من شأنها الارتقاء بتجربة المقيم، وهو ما تحقق على أرض الواقع في صورة مبادرات عدة تهتم بالمقيم وتوفر له فرص عمل جيدة، ومعيشة آمنة ومستقرة، وأنظمة وقوانين تحمي حقوقه، وتصون كرامته، وتوفر حياة كريمة له ولأفراد أسرته. وفي عهد الرؤية 2030 حرصت الحكومة على الارتقاء بمكانتها أكثر وأكثر، باعتبارها سوق عمل ضخم يستقطب المقيمين للعيش فيها، وذلك من خلال برامج علمية كثيرة، تستهدف تحسين بيئة العمل للمقيم، وتعزيز التعايش والانسجام بين المقيمين أنفسهم والمواطنين رغم اختلاف الثقافات، مع تقديم أفضل الخدمات لهم، وآخر مبادرات الرؤية في هذا الشأن مبادرة «تعزيز التواصل مع المقيمين»، وهي إحدى مبادرات برنامج «جودة الحياة» لتحقيق مستهدفات الرؤية تحت شعار «انسجام عالمي». وتستمد المبادرة أهميتها من أهدافها النبيلة، بتسليط الضوء على حياة المقيم في المملكة بمختلف جوانبها، بدءاً من حياته المهنية والعائلية ونشاطاته الاجتماعية ومساهمته في اقتصاد المملكة، وصولاً إلى سرد قصص نجاحاته، إضافة إلى هدف تنوع وثراء ثقافاته المختلفة وأوجه التكامل والانسجام مع المجتمع، فضلاً عن الجهود المبذولة من القطاعات الحكومية والخاصة لرفع جودة الحياة في المدن السعودية، ولتفعيل هذه المبادرة ونشرها جاء إطلاقها على هامش موسم الرياض. ومع جهود المملكة لإثراء تجربة المقيم فيها، يمكن التأكيد على أن مستقبل هذا المقيم بات مشرقاً إلى أقصى مدى، خاصة مع مساعي المملكة لإيجاد بيئة متكاملة الخدمات توفر للمواطن والمقيم فرص العمل المستدام، والدخل الجيد، والإمكانات المختلفة لتحقيق النجاح والاستقرار، وهو ما يفسر وجود مقيمين في المملكة يعيشون فيها منذ عقود طويلة، يفضلون البقاء فيها، وإن غادروها، فيودعونها وأبناؤهم بحزن عميق وأسى على فراقها.