حققت المملكة نقلة نوعية في مجالات النقل والخدمات اللوجستية بعد توقيع عقدين وإعلان شراكات وتوقيع مذكرة تفاهم، وتأتي هذه التحركات التي وصفها خبراء اقتصاديون ب"المهمة جدا" لتعزيز الاقتصاد السعودي في ظل سعي المملكة لتطبيق أهداف الرؤية السعودية 2030 التي وضع أسسها عرّاب الرؤية ولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-، فيما شدد م. صالح الجاسر وزير النقل والخدمات اللوجستية على السعي الحثيث لتحقيق ذلك، مؤكدا أننا نتخذ خطوات راسخة تجاه تحقيق رؤية 2030، وتحقيق أهدافها لتحويل المملكة إلى مركز حقيقي عالمي للوجستيات. وشهد المنتدى اللوجستي العالمي إعلانات وشراكات واتفاقيات تم توقيعها، ما يعزز تحول المملكة إلى مركز عالمي للوجستيات وشمل توقيع مذكرة التفاهم ثلاثة محددات مهمة تتضمن تشغيل ساحة للحاويات في مشروع مركز الخدمات اللوجستية بمدينة ينبع الصناعية، ولبناء مستودعات متطورة داخل المنطقة الاقتصادية الخاصة بمدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية، ولتعزيز التعاون في مجال النقل البحري. وتم توقيع عقدين لنقل البضائع بين ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام ومحطتي الخرج وحرض، وتشغيل وتطوير محطة للخدمات اللوجستية في كل من محطتي الخرج وحرض، فيما أعلن عن تأسيس شراكة لتعزيز التطوير المهني للشباب في قطاع النقل، وتعاون استراتيجي لإنشاء منطقة الخدمات اللوجستية السعودية الصينية، ومنح تراخيص تجارية ل4 شركات من الهيئة العامة للطيران المدني لممارسة الأعمال التجارية واللوجستية في المنطقة اللوجستية المتكاملة بالرياض. وشدد خبراء في مجال النقل البحري والخدمات اللوجستية على أهمية هذه التحركات التي تعزز من نمو الاقتصاد السعودي وتضع المملكة على خارطة الخدمات اللوجستية كمركز عالمي، وعن التعاون الصيني السعودي في المجال الاقتصادي واللوجستي قال حسين المعلم رجل الأعمال: "إن ذلك يمثل خطوة تؤكد عمق العلاقات الاستراتيجية والاقتصادية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية، فتأسيس منطقة الخدمات اللوجستية السعودية الصينية، يمثل نقطة تحول مهمة في مسار التعاون الثنائي بين البلدين، وهذا التعاون يشير إلى اعتراف متبادل بالقدرات والإمكانات الكبيرة التي تحملها الدولتان في مجال البنية التحتية والخدمات اللوجستية، ومدى قدرتهما على تعزيز النمو الاقتصادي وتشجيع الاستثمارات عبر القطاعات المختلفة". وشدد على أن إنشاء منطقة الخدمات اللوجستية ليس فقط خطوة نحو تعزيز التعاون السعودي الصيني، بل هو استثمار في مستقبل الاقتصاد السعودي، من خلال الاستفادة من الخبرة الصينية في مجال الخدمات اللوجستية والبنية التحتية، يمكن للمملكة تسريع عملية تنويع اقتصادها، فالقطاع اللوجستي هو عنصر حاسم في السياسة الاقتصادية للمملكة، حيث إنه يربط الصناعات بالأسواق العالمية ويمهد الطريق لزيادة التجارة والاستثمار. وتابع "تكمن أهمية هذا التعاون في قدرته على تعزيز التجارة البينية بين أسواق آسيا وأوروبا وأفريقيا، معتمدًا على الموقع الاستراتيجي للمملكة. ستصبح منطقة الخدمات اللوجستية بوابة رئيسة للبضائع الصينية نحو هذه الأسواق، وفي المقابل، وله في مسار العلاقات الثنائية بين البلدين وخطوة استثنائية نحو تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري على مستوى عالمي". وقال: "إن إنشاء هذه المنطقة اللوجستية يعد إشارة واضحة إلى النية المتبادلة لدى كل من المملكة والصين لتعميق شراكتهما الاستراتيجية من خلال الخبرة الصينية الواسعة في مجال البنية التحتية والتكنولوجيا، بالإضافة إلى الموقع الجغرافي الاستراتيجي للمملكة ورؤيتها الطموحة 2030، يمكن القول إن المستقبل يحمل إمكانيات هائلة لتحقيق نقلة نوعية في عالم الخدمات اللوجستية والشحن الدولي"، مضيفا "أن الأهمية الاقتصادية لهذه الشراكة لا تقتصر على البعد الثنائي فحسب، بل تتجاوزه إلى البعد الإقليمي والعالمي. تعتبر منطقة الخدمات اللوجستية السعودية الصينية بمثابة ركيزة لإنشاء ممر تجاري ولوجستي يربط الشرق بالغرب، مما يسهل حركة التجارة الدولية ويعزز النمو الاقتصادي العالمي"، مشيرا إلى أن الشراكة تأتي في وقت يشهد تحولات عالمية كبيرة وسط توترات تجارية واقتصادية، ما يجعل من هذا التعاون نقطة استقرار ومحفزا للنمو الاقتصادي، كما أنه يعكس الثقة المتبادلة بين البلدين ورغبتهما في العمل المشترك لتحقيق أهدافهما الاقتصادية والتنموية. وعن تعزيز التعاون في مجال النقل البحري قال م. إبراهيم آل سعيد الخبير بمجال النقل البحري: "إن تطور النقل البحري في المملكة يشكل استراتيجية قوية لدعم النمو الاقتصادي، إذ تحتضن المملكة موقعًا استراتيجيًا يجعلها قلبًا للتجارة البحرية بين ثلاث قارات هي آسيا، وأوروبا، وأفريقيا، مستفيدة من هذا الموقع، تعكف المملكة في الآونة الأخيرة على تطوير قطاع النقل البحري الخاص بها، وذلك كجزء من خططها الواسعة لتنويع مصادر الاقتصاد الوطني بعيدًا عن الاعتماد على النفط. في هذا الإطار، تأتي جهود التطوير في قطاع النقل البحري لتُسهم بشكلٍ كبير في تحقيق رؤية السعودية 2030، التي تسعى من خلالها المملكة إلى أن تصبح مركزًا لوجستيًا عالميًا يربط بين القارات الثلاث". وأضاف "كجزء من هذه الجهود، أبرمت المملكة مذكرات تفاهم واتفاقيات مع دول ومنظمات دولية لتعزيز قطاع النقل البحري. هذه المذكرات تشمل مجالات عدة مثل تطوير الموانئ، واللوجستيات، والسلامة البحرية، وحماية البيئة البحرية. من خلال توقيع هذه المذكرات، تسعى المملكة إلى تحسين جودة الخدمات اللوجستية وتسهيل التجارة البحرية، مما يؤدي إلى زيادة تنافسيتها في السوق العالمي". وتابع "إن التطوير في مجال النقل البحري لا يقتصر على توسيع الشراكات الدولية فحسب، بل يشمل أيضًا تحديث البنية التحتية البحرية. يتضمن ذلك توسعة الموانئ الرئيسة وتجهيزها بأحدث التكنولوجيات لزيادة القدرة على استيعاب السفن الضخمة". وأبان بأن السنوات الأخيرة شهدت تطوير قطاع النقل البحري، وذلك بالسعي إلى تعزيز مكانة المملكة كمركز عالمي للخدمات اللوجستية والشحن، في سبيل دعم النمو الاقتصادي للبلاد وتحقيق رؤية 2030 الرامية إلى تنويع مصادر الدخل بعيدًا عن الاعتماد على النفط، مضيفا "جزء من هذه الاستراتيجية يتضمن توقيع مذكرات تفاهم وإقامة شراكات مع هيئات ومنظمات دولية تعنى بالنقل البحري، بهدف تطوير البنية التحتية للموانئ في المملكة وتحسين جودة الخدمات اللوجستية المقدمة. وقد شملت هذه الجهود توسعة الموانئ القائمة وإنشاء موانئ جديدة مزودة بأحدث التقنيات لاستيعاب السفن العملاقة وتسريع عمليات التحميل والتفريغ، بما يقلص أوقات التوقف ويزيد من كفاءة سلاسل التوريد، بالإضافة إلى التطوير البنيوي، تركز المملكة كذلك على الجانب التنظيمي للنقل البحري. فقد سعت إلى تحديث التشريعات والقوانين الخاصة بالقطاع لجعل بيئة الأعمال أكثر جاذبية للاستثمارات الدولية والشراكات العابرة للقارات، كما تعمل على تعزيز معايير الأمان والأمن وحماية البيئة في كافة عملياتها البحرية. وتابع "من ناحية أخرى، يشكل التدريب وبناء القدرات عنصرًا حيويًا في استراتيجية المملكة لتطوير النقل البحري. إذ تسعى إلى إعداد كوادر وطنية مؤهلة قادرة على مواكبة أحدث المستجدات في هذا القطاع الحيوي، مما سيسهم في تحسين الكفاءة وتعزيز القدرة التنافسية للمملكة على المستوى العالمي".