تعمل المملكة العربية السعودية على ترسيخ مكانتها كرائدة في دول مجلس التعاون الخليجي في مجال تطوير الموانئ، حيث تجاوزت الاستثمارات في القطاع البحري في المملكة 25 مليار ريال (6.66 مليارات دولار) بفضل التعاون الناجح بين هيئة الموانئ السعودية وشركاء القطاع الخاص. وتهدف الخطط إلى تحويل قطاعها البحري بموجب رؤية 2030، وتسهم المملكة بنسبة 68 % من إجمالي مشروعات الموانئ في دول مجلس التعاون الخليجي، وتعمل على تعزيز الموانئ الرئيسة مثل ميناء جدة الإسلامي وميناء الملك عبدالله لتعزيز طرق التجارة والقدرة والخدمات اللوجستية العالمية. وتتماشى هذه الجهود مع هدف المملكة العربية السعودية لتنويع اقتصادها إلى ما هو أبعد من النفط ووضع نفسها كمركز لوجستي عالمي، ودفع النمو الاقتصادي وزيادة الصادرات غير النفطية. وتم تحقيق الاستثمارات الكبيرة على مدى السنوات الأربع الماضية من خلال الشراكات مع شركات وطنية ودولية، وهذه الشراكات أدت إلى تنفيذ مشروعات كبرى في مختلف الموانئ السعودية مع شركات وطنية ودولية، بإجمالي استثمارات تجاوزت 25 مليار ريال. وتضمنت هذه المشروعات توقيع وتشغيل عقود محطات الحاويات، وإنشاء مناطق لوجستية، وتوفير مجموعة من الخدمات البحرية، والتي تعمل بشكل جماعي على تعزيز القدرة والكفاءة التشغيلية والقدرات اللوجستية في الموانئ السعودية. وخضع قطاع اللوجستيات في المملكة العربية السعودية لتحول مدفوع برؤية 2030 والاستراتيجية الصناعية الوطنية. وتتمتع المملكة بسكان يبلغ عددهم 36 مليون نسمة وناتج محلي إجمالي يبلغ 1.81 تريليون دولار، وتوفر فرص كبيرة للاعبين العالميين في مجال الخدمات اللوجستية، وتمثل مركزاً حيوياً على طرق التجارة الرئيسة، بدعم من البنية التحتية من الدرجة الأولى. وظفرت شركة ميرسك العملاقة للخدمات اللوجستية والشحن، بشراكة استراتيجية مهمة في السعودية، وقامت الشركة بأكبر استثمار عالمي لها في ميناء جدة، بإجمالي 1.3 مليار ريال سعودي، ويؤكد هذا الاستثمار على جاذبية الميناء كمركز إقليمي رئيس ويعزز دور المملكة العربية السعودية كمركز لوجستي عالمي رئيس يربط بين أوروبا وأفريقيا وآسيا. وأضاف ميناء جدة 47 مساراً جديداً للشحن، ليصل إجمالي عدد الخدمات الملاحية في الموانئ السعودية إلى 115 مساراً، وبالتالي تعزيز مكانة المملكة في الاتصال البحري العالمي، وقال محمد شهاب، الرئيس التنفيذي لشركة ميرسك السعودية، إن استثمار الشركة ضخ 250 مليون دولار في الاقتصاد المحلي ومن المتوقع أن يجذب 340 مليون دولار إضافية من الاستثمارات. وأكد الحريري أن هذه الخطوة تهدف إلى توفير خدمات لوجستية محسنة للمستوردين والمصدرين، وستعمل كمركز لإعادة التصدير إلى الأسواق الرئيسة. وأشار الحريري إلى وجود 17 منطقة لوجستية قيد التطوير حالياً في موانئ جدة والدمام، مسلطاً الضوء على الجهود الجارية لتطوير البنية التحتية والقدرات البحرية في المملكة. وشهد قطاع الموانئ السعودي قفزات غير مسبوقة في الكفاءة التشغيلية وتحقيق أرقام قياسية في المؤشرات الدولية، وهناك نمو ملحوظ في الخطوط البحرية وزيادة الاتصال البحري بالأسواق العالمية، مما يجعل قطاعي اللوجستيات والموانئ في المملكة منصات جاذبة للشركات العالمية الكبرى والاستثمارات الرأسمالية الأجنبية والمحلية. وتجاوزت الاستثمارات في هذا القطاع 10 مليارات ريال، ما ساهم في النمو الاقتصادي ونقل المعرفة وخلق أكثر من 10 آلاف وظيفة مباشرة وغير مباشرة، وتعزيز مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي. وستسهم المنطقة اللوجستية الجديدة بميناء جدة الإسلامي في دعم الأنشطة الاقتصادية للمملكة من خلال تقديم خدمات لوجستية عالية الكفاءة لدعم أنشطة التجارة والتصدير إلى الأسواق الخارجية وتعزيز عمليات سلسلة التوريد. وستواصل منظومة النقل واللوجستيات، تحقيق أهداف طموحة تتماشى مع الاستراتيجية الوطنية للنقل واللوجستيات ضمن رؤية 2030. وتعتبر المنطقة اللوجستية الجديدة هي امتداد للشراكات الاستراتيجية المتعددة التي أقامتها موانئ مع شركات عالمية ووطنية رائدة. وتغطي المنطقة اللوجستية مساحة 225 ألف متر مربع، وتضم مستودعًا للبضائع العامة، ومناطق للأغذية المبردة، ومنطقة لإعادة التصدير والشحن للحمولات الصغيرة، ومركزًا للتجارة الإلكترونية مزودًا بمخازن عالية الكثافة وحلول ميكانيكية متقدمة. وتضم المنطقة أيضًا أكاديمية نسائية داخلية تقدم برامج تدريبية متخصصة، حيث تهدف ميرسك إلى خلق فرص عمل للنساء السعوديات في منشآتها لإحداث تأثير ملموس على التنوع بين الجنسين في مكان العمل، وتعمل المنطقة بنظام إدارة مستودعات متقدم يطبق حلولًا رقمية حديثة لإدارة المخزون بكفاءة، بالإضافة إلى تنفيذ برنامج تدريبي متقدم لتدريب الكوادر الوطنية على المهارات الأساسية وأحدث التقنيات الأمنية لضمان سلامة المنطقة والعاملين فيها وبضائع العملاء. وفي قلب أحد أهم مسارات التجارة العالمية التي تربط ثلاث قارات ببعضها البعض، يقع ميناء الملك عبدالله على ساحل البحر الأحمر ويغطي مساحة 17,4 كيلومتر مربع من مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، ملبياً حاجة المملكة العربية السعودية لميناء سعودي عالمي يساهم في تحقيق رؤيتها الطموحة في بناء اقتصاد مزدهر يعزز من تنافسيتها ويقوم على تنويع مصادر دخلها. وإلى جانب موقعه الاستراتيجي على خارطة العالم، موقعه على المستوى المحلي لا يقل أهمية؛ حيث يقع ميناء الملك عبدالله على مقربة من الوادي الصناعي في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية التي تبعد 90 كم إلى الشمال من جدة، ثاني أكبر مدن المملكة وتشكل المركز التجاري الرئيس فيها. ويجسد ميناء الملك عبدالله عنصراً أساسياً في شبكة المواصلات المتكاملة في المملكة لارتباطه عن طريق شبكة طرق سريعة بالعديد من المدن الرئيسة والمدن الصناعية ومنها العاصمتان المقدستان، ورابغ وينبع اللتان تشهدان حركة تجارية ضخمة في مجال البتروكيماويات. ومنذ تأسيسه عام 2010 وحتى اليوم، تمكن ميناء الملك عبدالله من تعزيز قدراته بشكل كبير، إذ يحقق في الوقت الراهن إنجازات مهمة من حيث تطور المشروع بشكل عام، والعمليات التي تُجرى فيه من استقبال أحدث السفن العملاقة، واستيعاب العدد المتزايد من السلع والبضائع المستوردة، ودعم التزايد في صادرات المملكة إلى الأسواق العالمية، بالإضافة لجاهزيته الكاملة لمناولة كافة الصادرات والواردات من قطاعات عديدة ومنها قطاعا الأغذية والمنتجات الصيدلانية ومواد البناء؛ بفضل بنيته التحتية الحديثة، كما يعتمد الميناء على التحول الرقمي في عملياته. كل هذه العوامل ساهمت في تمركز ميناء الملك عبدالله على خارطة أكبر موانئ المملكة وأسرع موانئ العالم نمواً، والأهم من ذلك، ساهمت في تعزيز المكانة العالمية للمملكة في مجال التجارة والخدمات اللوجستية والشحن، خاصةً أن الميناء يعتبر نقطة رئيسة تتيح توزيع السلع إلى سوق يبلغ حجمه أكثر من 400 مليون مستهلك في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وشمال وشرق أفريقيا. تتماشى جهود توسعة القطاع البحري مع هدف المملكة لتنويع اقتصادها