كان الخروج عن النص وأحيانا التفكير خارج الصندوق يرتبطان بالإبداع أو طرح أفكار أو حلول جديدة مفيدة، في هذا الزمن، زمن الإعلام المفتوح المتاح للجميع، أصبح الخروج عن النص أو التفكير خارج الصندوق وسيلة للإثارة والبحث عن الشهرة والمتابعين، لم تعد الشهرة تتحقق بالإنجازات، يكفي كلمات طائشة وأفكار منفلتة واتهامات جاهزة بدون أدلة وانكار لحقائق موثقة، يكفي ذلك للدخول في عالم النجومية. هكذا هو حال العالم اليوم، عالم أصبح أسرة واحدة من الناحية الشكلية التقنية، لكنه أسرة مضطربة متوترة تربط بين أعضائها جسور تقنية وتباعد بينها مشكلات سياسية وثقافية. عالم يتطور علميا ويعالج الأمراض بالعلم ويعجز عن حل مشكلاته الإنسانية والسياسية بذات الوسيلة. العالم إذن ليس قرية صغيرة لأن القرية يسودها الاستقرار والعلاقات الإنسانية والتكافل والسلام والأمن للجميع. جسور من الاتصالات تربط أجزاء العالم ولكن تخترقها أفكار وآراء تنشد الفتنة واشعال الحروب بين المجتمعات الإنسانية. يقول أصحاب تطوير الذات "فكر خارج الصندوق" ويبدو أن النصيحة ستكون عكسية، سيقال للإنسان بعد أن عمت الفوضى عد إلى الصندوق فلم تكن أهلا للثقة. العالم بحاجة إلى العودة إلى النص كفترة استراحة للتأمل، عالم سريع في كل شؤونه، لا يجد وقتا للصمت وصناعة السلام ووقف الحروب، عالم يجد كل الوقت للجدل والهجاء ونشر الاشاعات وتوجيه الاتهامات، هل أصبح المطلوب من الإنسان في عالم اليوم أن يخرج عن النص ويفكر خارج الصندوق ويتمرد على المبادئ ويهدم الأخلاق ليحقق الاثارة والشهرة ويصبح نجما كي يتابعه الملايين؟! في المقابل لا يزال في هذا الزمن خروج ايجابي عن النص وتفكير خارج الصندوق بهدف التوصل إلى حلول ومخترعات في مجالات تخدم المجتمعات الإنسانية وهؤلاء هم من يستحقون التقدير والمتابعة والأضواء الإعلامية وهم في الغالب لا يبحثون عنها.