«هيئة الطرق»: مطبات السرعة على الطرق الرئيسية محظورة    هل اقتربت المواجهة بين روسيا و«الناتو»؟    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    الشاعر علي عكور: مؤسف أن يتصدَّر المشهد الأدبي الأقل قيمة !    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «السقوط المفاجئ»    الدفاع المدني: هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    ترمب يستعيد المفهوم الدبلوماسي القديم «السلام من خلال القوة»    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    أرصدة مشبوهة !    حلول ذكية لأزمة المواقف    التدمير الممنهج مازال مستمراً.. وصدور مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    فعل لا رد فعل    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    خبر سار للهلال بشأن سالم الدوسري    حالة مطرية على مناطق المملكة اعتباراً من يوم غدٍ الجمعة    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    عسير: إحباط تهريب (26) كغم من مادة الحشيش المخدر و (29100) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    أمير القصيم يستقبل عدد من أعضاء مجلس الشورى ومنسوبي المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    «المسيار» والوجبات السريعة    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    رسالة إنسانية    " لعبة الضوء والظل" ب 121 مليون دولار    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(البلاد) تبحر في فكر وعقل المفكر والشاعر صالح الزهراني.. منذ خمسين عاما وأنا مرابط على خط النار ببندقية الشعر
نشر في البلاد يوم 21 - 11 - 2014

صالح سعيد القرشي الزهراني , مفكر وشاعر وناقد سعودي معروف , وأستاذ جامعي , حصل على الدكتوراه في تخصص النقد الأدبي من جامعة أم القرى عام 1412 ه بتقدير ممتاز ، وتقلب في عدة وظائف منها رئيسا مكلفا لقسم الدراسات العليا 1429 ه . ثم عميدا لكليّة اللغة العربيّة 1430 ه . وشغل منصب أمين عام اللجنة التأسيسيّة للجمعية العلمية السعودية للأدب العربي .وعضوية مجلس إدارة الجمعية العلمية السعودية للأدب العربي . ورئيس تحرير مجلة الجمعية العلمية السعودية للأدب العربي . عضو بناديي مكة والباحة الأدبين .وعضو اللجنة العلمية المشرفة على كتاب مكة المكرمة الجمال والجلال . وعضو لجنة تحكيم مسابقة شاعر عكاظ 1430 ه .حاولنا في هذا اللقاء ل (البلاد) أن نقترب من فكره وعقله , حاورناه , وأجابنا .. فكانت هذه المحصلة .
كيف تقدم نفسك؟ .
- مواطن سعودي عربي مسلم يحاول منذ نعومة أظفاره أن يكون إنسانا يشاطر محبيه وجيرانه في هذا الكوكب فسحة الأمل واستشراف البهجة ، ليعيش معهم لحظات الرحلة قبل الإقلاع وقتا عامرا بالسعادة والتضحية ، ويترك في سجلات سفره ذكرى طيبة . دفعتني الأقدار ؛ لأكون أستاذا جامعياً ، وشاعراً فأقسمت منذ تعلمت النطق والكتابة أن أكون مع الإنسان أينما كان ، ومنذ خمسين عاما وأنا مرابط على هذه الجبهة ، قدري وقدر جيلي أننا منذ خمسين عاما ونحن على خط النار .
ماذا يتراءى في ذهنك من أيام الطفولة؟
قضيت طفولتي بمنطقة الباحة ، والباحة قبل خمسين عاما كانت مدينة أحلام ، حلم بالأرض ، وحلم بالغناء ، وحلم بالانعتاق أيضاً . لم تكن طفولتي مملؤة بملاعق الذهب والحلوى والفراشات الملونة . كنت كغيري من أبناء الأسر البسيطة التي تعيش معاناة الكدح والتعب ليلا ونهارا .ليس لدي حنين جارف لتلك الأيام إلا حينما أرى ما نحن فيه اليوم من الكآبة والذبح على الطريقة الإسلامية والتنافس على التراب . من أجمل ما يشدني إلى عالم الطفولة أنني خرجت بكامل جسدي وأرجو أن أكون بكامل عقلي .
صاحب البصمة الأكثر وضوحاً في حياتك . من , وكيف؟
أصحاب البصمة الأكثر وضوحا في حياتي كثر أولهم رسول الله صلوات الله وسلامه عليه فقد فتحت عيني على مختصر السيرة النبوية للشيخ محمد بن عبد الوهاب بطلب من والدي رحمه الله ، و رسمت سماحة النبي صلوات الله وسلامه عليه له في مخيلتي صورة لا تزداد إلا وضوحا وحبا . ووالدي رحمه الله الذي كان حبا يمشي على الأرض حتى إنه يوم وفاته رحمه الله كان حزنا جنوبيا غريبا .
وفي حياتي العلمية كثيرون من العلماء الذين تركوا في نفسي أثرا لا يمحى أذكر منهم سعة المعرفة عند الدكتور لطفي عبد البديع ، وبراعة الحديث عند الدكتور محمود فياض ، وعمق تحليل مقاصد الشعراء عند الدكتور محمد أبو موسى ، والصرامة العلمية عند الدكتور عبد الحكيم حسان وغيرهم كثير .
ماذا تعني لك العولمة , منهجا , وتأثيرا ؟
- العولمة هي عالمية الانتشار وكسر الحواجز تحت مد الانفجار المعلوماتي و الاتصالات المفتوحة والشركات العابرة للقارات ، واختلاط السياسي بالاقتصادي والثقافي والاجتماعي . العولمة تحد حضاري ومنحة إلهية لنا ، فقد أتاحت لنا المعرفة ، والتدفق المعلوماتي ، وسهلت حركة الاتصالات ، وتبادل السلع ، ولكنها تحد حضاري لأننا ما زلنا في موقف المستهلك العاجز عن المشاركة بفاعلية في العولمة ، وهذا معناه أنها ستزيد شمال العالم غنى وجنوبه فقرا .
والخوف من العولمة لن يكون موقفا واعيا لأننا لا نملك الانعزال عن العالم ، والتاريخ يعلمنا أن الخائفين يدفعون ثمنا باهظا ، والواجب الحضاري أن نشارك في العولمة بما لدينا من أفكار وتصورات وقيم العالم في حاجة إليها ، وهذا دور المؤسسات الثقافية والهيئات الوطنية والجامعات ومراكز البحوث مع وجود الإرادة السياسية ، وأعتقد أننا مقبلون على شيء من هذا .
وكيف نحافظ على هويتنا العربية في ظلها؟
- الهويّة لها محددات واضحة يمكن اختصارها في الدين والثقافة واللغة ولكي نندمج في العالم ونعيش العصر ونشارك فيه لن ننجح إلا بالحفاظ على هذه المحددات . فالدين هو قضية وجودنا ، والثقافة هي رأس مالنا ، واللغة هي لساننا الناطق ووعاء فكرنا . و لا يمكن أن يكون لأمة من الأمم هوية بمعزل عن هذه المحددات .
ديننا هو خاتم الديانات السماوية الذي جاء رحمة للعالمين فكنا أكثر الناس إساءة لهذا الدين بسلوكياتنا الخاطئة ، و تصرفاتنا الطائشة ، وثقافتنا هي التي أسست الوعي الغربي الحديث , ومناهجنا العلمية هي التي أسست المنهج التجريبي في الجامعات الغربية ، وقدمت لها أسس التفكير السليم , والرصيد العلمي الذي يثير الدهشة والإعجاب بشهادة المنصفين من مفكري الغرب وباحثيه .
ولغتنا هي أكثر لغات العالم ثراء في معجمها ودلالاتها وأطول اللغات في المدرج الصوتي الذي يساوي خمس لغات مجتمعة . اللغة التي تتسم بمنطق رياضي يؤهلها لأن تكون اللغة العلمية للجيل الجديد من الحواسيب الذكية واللغة الأكثر انتشارا في العالم 2500 % . واللغة المرشحة لأن تكون أحدى اللغات الأربع الخالدة في المستقبل .
لكن ليس معنى هذا أن ندعي أننا مكتفون ذاتيا بما لدينا فتعلم لغات الآخرين ، والتعلم من منجزاتهم ومناهجهم الصائبة ، ونجاحاتهم واجب ديني وحضاري لا مجال فيه لأنصاف المواقف والحلول .
كيف نجسر الهوة التي تحجب البعض عن فهم القرن القادم؟
- لن نستطيع تجسير الفجوة وردم الهوة إلا بالتخطيط السليم ، والعمل الجاد . العمل قدرة وإرادة , ولابد أن تجتمع القدرة المالية والعلمية وهي موجودة والإرادة السياسية , وحين تجتمع نستطيع أن نصنع مثل ما صنع السنغافوريون والأتراك والماليزيون والبرازيليون والفنلنديون . فقط يجب أن يكون العلم هو أولويتنا في النهوض وخادم الحرمين الشريفين أدرك هذا الأمر , فانتشرت الجامعات ومراكز البحوث ومدن المعرفة وبرنامج الابتعاث ، وتنويع مصادر الدخل ، وتطوير التعليم ، ومحاربة الفساد ، وتغيير العقل الساكن الحدي ، وتحقيق الكرامة الإنسانية للمواطن .
لذلك لا نستغرب عندما نسمع كثيرا من المفكرين العرب يتحدثون عن الزمن السعودي القادم . اليوم شبابنا يحققون معجزات في جامعات العالم ، ونحن أكبر دولة عربية في الحصول على براءات الاختراع ، ونشر الأوراق العلمية في المجلات العلمية العالمية ذات المصداقية الكبرى . وحدة الهجوم على بلادنا ومحاولة إغراق شبابنا في المخدرات والتوافه والحروب الخارجية , محاولة لصرف هذه الطاقات وتجفيف منابعها , وهو ما ينبغي التصدي له بمنطق التخطيط الإستراتيجي الجاد .
يعتقد البعض أن مصير الكلمة المكتوبة إلى انقراض ما رأيك؟
- هذا وهم من الأوهام التي تعشش في عقول كثير من الناس . زمن ثقافة الصورة لم يلغ المذياع واليوم تجد متابعي الإذاعات ربما يتفوقون على متابعي القنوات الفضائية ، ومن الغريب أن إذاعة صوت القران دائما تحصد السبق في هذا الباب مع حاجتها الملحة للتطوير في المبنى والمعنى . والصحافة الورقية ستظل مع وجود الصحافة الإلكترونية ، والكتاب الورقي سيبقى مع وجود الكتاب الرقمي .
قد يكون هناك تأثير نعم هذا وارد , لكن القول بالانقراض محال . سيظل للكلمة المكتوبة والصحيفة الورقية والكتاب حميميتها التي لا ينافسها فيها أحد . و معارض الكتب في العالم خير دليل .
كيف تتشكل المرأة في حياتك؟
- المرأة في حياتي لها حضور كبير ، فهي أمي التي ولدتني وربّتني وسهرت عليّ في مرضي وصحتي ، واذكر أنني تعرضت لعدد من الحوادث في صغري فرضت على أمي رحمها الله وأسكنها فسيح جناته مسئولية مضاعفة ما زلت أذكر مشاهدها القاسية حتى اليوم , كلما رأيت واحد من أولادي حفظهم الله ، والمرأة هي زوجتي التي قاسمتني وعثاء السفر وغربة الطريق ، والمرأة هي أختي ، وابنتي وخميرة المعجزات التي ما زالت تعاني من عجز مؤسساتنا عن منحها حقها اللائق بها .
كيف تنظر للرجل وللمرأة في الواقع المعاصر؟
لكل زمان دولة ورجال , وقيم العصر الحديث انعكست على كل شيء ، وأول ما يظهر هذا الانعكاس على العلاقة بين الرجل والمرأة . كانت العلاقة بين الرجل والمرأة في مجتمعنا قائمة على الإذعان والاستعباد , وأنا من جيل شاهد معاناة المرأة الجنوبية وجهادها الذي تعجز الكلمات عن وصفه ، فهي منفية داخل المنزل ، تصنع فيه كل شيء ولا تنال منه إلا التجهم والازدراء في أغلب الأحوال .
فإذا ذكرت قيل : أكرمكم الله ، وإذا أكل أهل البيت تظل تنتظر ما ذا يبقى لها بعد الرجل ، فهي مواطن من الدرجة الثانية . الزوجة يريدها قوية للخدمة , والأهل يريدونها غنية للدعم المالي .
هل هناك أمل لأن ينفض الاشتباك بين الرجل والمرأة خلال القرن القادم؟
- المرأة قضية مركزية في كل التحولات الاجتماعية عبر التاريخ ؛ لأنها نصف المجتمع ومشكلتنا اليوم مع المرأة هي مشكلة تربوية بالدرجة الأولى ، تربيتنا القمعية العشائرية تربينا على أن الرجولة لا تقوم الا على أنقاض الأنوثة . فالرجل هو الذي يطوع المرأة لأفكاره وسلوكياته ، ويجبرها على الإذعان ومنذ تعلمنا أول بيت في الشعر الجاهلي تعلمنا قول الشاعر العربي : (بنونا بنو أبنائنا ، وبناتنا ... بنوهن أبناء الرجال الأباعد ) .
فحفيدك هو ابن ابنك وليس ابن ابنتك ، وهذا فصل عنصري بغيض ، يخالف تعاليم الدين ويكفي ما ورد عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه بشأن الحسن والحسين ابني فاطمة سيدي شباب أهل الجنة صلوات الله وسلامه عليهما . وظلت المرأة في التفكير العشائري من الدرجة الثانية في كل شيء . حتى أنها صارت عند كثير من الناس كلمة نابية يترفع عنها الرجل ، ويردفها بمقولة أكرمك الله عند الحديث عنها .
اليوم التحول كبير والمرأة استطاعت بفعل الوعي أن تنتصر لذاتها ، فقد استقلت اقتصاديا ، وشاركت في قيادة التنمية ، ولكن النظرة الذكورية مازالت حاضرة في ذهن الرجل . فأكبر مشكلة تواجه المتزوجات العاملات اليوم هو مسألة استيلاء الزوج على مرتب الزوجة فأصبحت جابية بطريقة عصرية ، وما زالت بعض قبائل المملكة ترى مطالبة المرأة بحقها من ميراث والديها خارما من خوارم المروءة فالتي تفعل ذلك ليست ( بنت رجال ) .
لكن المرأة بجهادها ضد هذا التفكير ستنال كامل حقوقها . في الجانب الآخر فهم بعض النساء أن المطالبة بالحقوق بحث عن التفاضل وليس رغبة في التكامل , فتبنى بعض نسائنا تصورات دخيلة على ثقافتنا لا يقبلها الإنسان المسلم وهذه ضريبة التحولات الثقافية في مجتمع مغلق يجد نفسه أمام رياح العصر العاتية ، وفي النهاية سيحصل نوع من الوفاق ويدرك الجميع أن المرأة والرجل بالأمس ليس هما اليوم , ولكل عصر رجاله ونساؤه وعلاقاته .
الزوجة و الأبناء , عبء يضاف إلى هموم العمل, كيف توفق بين هذين الهمين؟ .
- الزوجة والأبناء لا يمكن أن يكونوا هموما , هم مسئولية , والإنسان بطبعه يحب حقوقه كاملة ، ولا يريد أن يقوم بأداء شيء من واجباته . لا يمكن أن تقوم الحياة وتستقر الطبيعة الإنسانية بدون هذا التكامل , لذلك جعل الله الزواج آية من آياته يمر عليها كثير من الناس وهم معرضون .
المرأة جزء من كل ، والرجل كل ينقص منه جزء , فلا يكتمل الكل إلا بجزئه ، ولا يقوى الجزء إلا بانتظامه في الكل , وهذه هي علاقة المودة والرحمة التي أشار إليها القران . ومن يعاند هذا القانون يفكر بخلاف منطق الحياة وقانون الوجود , لذلك قال رسول الله صلوات الله وسلامه عليه : من رغب عن سنتي فليس مني . وقال الصاحبي بعد ذلك : ليتني أخذت برخصة رسول الله .
من تجربتي الخاصة السكينة والرحمة والمودة والقابلية للإبداع والعطاء كلها تولد في البيت , فالبيت أهم من المحاضن التربوية ، وكل نجاح أو إخفاق ينطلق من البيت . ولذلك قال أحد الصالحين : ما رأيت ناجحا في حياته إلا ولبر الوالدين من نجاحه نصيب .
كانت حياتنا بسيطة وكانت قيمنا أكثر حياة وحيوية ، وانفتحت علينا الدنيا فأصبحت علاقاتنا محكومة بالأشياء , وهذا ما حذرنا منه رسول الله صلوات الله وسلامه عليه عندما قال : والذي نفسي بيده لا أخشى عليكم الفقر ولكن أخشى أن تفتح عليكم الدنيا فتتنافسوها كما تنافسها من كان قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم .
والآن نحن في حمأة هذا التنافس ، حتى أصبح الولد يتعامل مع والده على أنه صراف , متى انتهى رصيده أصبح لا معنى له إلا من رحم ربك .
متى قلت (لا) ثم ندمت؟
- بعض الحكماء قال : لا تندم على الماضي فلو كان جيدا فهو شيء رائع ، ولو كان سيئا فهو خبرة . الندم نتيجة الخطأ , وكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون . وعمر بن الخطاب كان يقول : ما ندمت على سكوتي مرة ولقد ندمت على الكلام مرارا . ما أكثر المرات التي ندمت فيها على لا وعلى نعم .. ولكن هذه هي الحياة رحلة بين الخطأ والندم والصواب والرضا , المهم ألا نندم بعد ذلك يوم لا ينفع الندم .
رأيك في الإنترنت وكيف ترى جيله؟
-الإنترنت أداة مثل السكين هناك من يقطع بها تفاحة ، وهناك من يقطع بها يده . فيه منافع كثيرة ومفاسد للناس , ومنافعه أكبر من مفاسده . وقد هدم دولا وبنى أخرى ، وغير قرارات ، وأحدث تحولات ، وقد أصبح اليوم سلطة قوية تخشاها أعتى الدول والجيوش . جيله مختلفون فيهم من يأكل مما أنهر الدم ، ومنهم من يأكل من المتردية و النطيحة وما أكل السبع ، وكل حزب بما لديهم فرحون .
هل كنت ممن راودهم خوف ولو يسير من مشكلة الصفرين ؟
- لا ..لم يراودني خوف بحمد الله ؛ لأني لا أملك أرصدة أخاف عليها ، ولست من تجار الأسهم , فأنا أطلب الله أن أكون آمنا في سربي ، معافى في بدني ، عندي قوت يومي . لست بيل جيتس ولا أمانسيا أورتيغا . قيل للإمام أحمد هل يمكن أن يبيت الرجل مؤمنا ومعه ألف درهم قال : نعم إذا بات وهي في يده وليست في قلبه . لم يكن مشغولا الإمام رحمه بمشكلة الصفرين فنام قرير العين !!! .
موقف لا يزال بالذاكرة ؟
موقف لن انساه ما حييت ، عندما استخرجت والدي رحمه الله وأسكنه فسيح جناته من ثلاجة الموتى بمستشفى الملك فهد بالحياة إثر حادث مروري على طريق الباحة . موقف لا أعتقد أنني يمكن أن أنساه ما حييت .
قرار ندمت على اتخاذه؟
- قرارات كثيرة ، ولكن حينما أراجع نفسي أجد أنني تعلمت منها أشياء كثيرة فتهدأ النفس ، وترضى بما قسم الله .
كاتب تحرص على متابعته . ومن يلفت انتباهك منهم ؟ .
- في التحليل السياسي أتابع عبد الرحمن الراشد . وفي التحليل الاقتصادي سمير أمين ، وفي التحليل الثقافي محمد الجابري ، وفي المقال العلمي الاجتماعي خالص جلبي .
شاعر لا تمل من قراءة شعره .. وكيف حال الشعر عموما ؟
- الشاعر الذي لا أمل من قراءته هو المتنبي . أما حال الشعر فهو كحال أمتنا اليوم بين النوم واليقظة . لدينا شعراء ولكن لا يوجد حركة شعرية جادة ، لانصراف الناس للشعر الشعبي والرواية بسبب انصراف شعراء الفصحى عن الناس . لكن الشعر باق إلى أن تقوم الساعة .
كيف هو طقسك في كتابة الشعر , وهل أنت تكتب القصيدة أم هي التي تكتبك ؟
تبدأ كتابة القصيدة بفكرة تأخذ وقتا يختلف من قصيدة إلى أخرى ، تطول أو تقصر ، وحالة الولادة كذلك تختلف . أحب الهدوء التام ساعة الكتابة ، وقد تأتي القصيدة وأنا في السيارة فأسجل بعض أبياتها أو أمليها ، وكثيرا ما تأتي قبل النوم . وهكذا الشعر نكد صلف تيّاه .
القصيدة ليس لها موعد محدد , ومتى فرضت عليها ساعة الولادة خرجت مصابة بالتوحد , أو فرط الحركة , وماتت ساعة ولادتها .
في أمسياتك الشعرية الكثيرة , امنحنا فرصة العودة معك لأبرز أربعة منها مثلا , مناخا وتفاعلا ومشاعر ؟
أمسياتي كثيرة خارج الوطن وداخله . أميز أمسياتي خارج الوطن في سوريا والأردن ومصر وتونس والكويت والأمارات .. وفي الداخل في جازان و الدمام لأن جمهور هاتين المدينتين فوق التوقعات .
ماذا تقول لوزارة الثقافة والإعلام . ولوزيرها ؟
-أقول لوزارة الثقافة ووزيرها أين دعم المثقف السعودي ؟ .. أين صندوق المثقف السعودي ؟ .. أين المؤسسات التي تقوم بإيصال صوته للخارج وتترجم أعماله ؟ .. هناك دول فقيرة تقدم للمثقف من الدعم ما لا نجده في بلادنا . والثقافة اليوم صناعة وليست ترفا .. وكم من بلد لم نعرفه إلا من مبدعيه ومثقفيه ، وبلادنا فيها من المثقفين والمبدعين ما نحسد عليه , لكنهم بلا دعم .
كلمة مختصرة لرأيك في الاندية الادبية . وأيضا المنتديات أو الصالونات الثقافية . ومن لفت انتباهك اشخاصا ومؤسسات ؟
الجهود التي تقدم جيدة , وإن كانت مكررة ومحكومة بالعلاقات والولاءات أكثر من احتكامها للقدرات والكفاءات ، وهي مؤسسات لا تجرؤ على الكلام لذلك زهد فيها الناس لأنها تعمل بمنطق الوجه الأملس , الذي لا يريد ان يخسر أحدا والثقافة موقف .
الصالونات أغلبها وجدت لتكون نكاية بالأندية الأدبية , ولذلك لم تنجح . ويلفت انتباهي في الأندية الأدبية الأستاذ حسن الزهراني رئيس نادي الباحة الذي استطاع أن يكسب محبة الجميع بلا استثناء . والدكتور راشد المبارك بعمق نظره وصفاء تفكيره .
كلمة جميلة , لحن , يتردد في ذهنك؟ .
- كلمة محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه لأهل مكة : اذهبوا فأنتم الطلقاء .
لاعب كرة تحرص على مشاهدته؟
- النجم العالمي ميسي الذي أعتقد أنه ولد ليكون نجما.
هل أنت من أصحاب القرارات السريعة , أم العكس ؟ .
-السرعة شيء والتسرع شيء آخر ، السرعة في اتخاذ القرار مهم جدا ؛ لأن الإيقاع سريع ويجب أن تكون القرارات مواكبة للعصر ، شريطة أن يكون القرار قائما على رؤية علمية ومؤسسية .
الغيرة سلوك قد يصل إلى حد النزق, كيف نجعل لذلك حدوداً؟
- بالوعي نرشد الوحش الرابض في أعماقنا . الرسول صلوات الله وسلامه عليه ذكر أن أكثر الموت في آخر الزمان يكون بسبب الحسد . والغيرة سلوك إنساني يمكن تقليم أظافره بالوعي والتربية وإدارة الخلاف مع اصحابه بالشفقة أكثر من التشفي منهم . وهذا شاق على المربي تحمل تبعاته ، ومجاهدة أصحابه .
أسماء لا تزال مطبوعة في ذاكرتك , من , وكيف ؟
- أسماء كثيرة منها : والدي ووالدتي رحمهما الله لسعة صبرهما ، وتفانيهما في تربيتي وتربية إخواني وأخواتي بموارد شحيحة ،. الملك فيصل رحمه الله بذكائه وقوة إرادته . الدكتور عبد الرحمن السميط رحمه الله بعظيم همته ، محمد يونس بتفكيره المتوقد ، أردوغان ومهاتير محمد بإنجازاتهما العظيمة ، خالد الفيصل برؤيته الخلاقة وفكره التطويري .
كيف تنظر لماهية الحب؟
الحب هو : الانصات لنداء الفطرة .
وكيف نصبغ به حياتنا؟
بألا نمنح الكراهية مقعدا في قلوبنا .
آخر مرة خفق فيها قلبك ؟ولمن؟
- للمرأة التي خفق لها قلبي قبل ثلاثين عاما أم مازن متعها الله بالصحة والعافية ... ( أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى ... فصادف قلبا خاليا فتمكنا )
شخص بلا أيديولوجيا! بماذا تصفه؟
- لن أجده حتى أصفه .
في وجه من تغلق بابك؟
- للذي لن يطرقه .
لو وقفت على بئر , فما هو السر الذي تبوح به له وحدك؟
- لن أبوح له بسرّ لأن جدي العربي يقول :
( إذا ضاق صدر المرء يوما بسره ... فصدر الذي يستودع السر أضيق )
..قبل الوداع ماذا تقول؟
إلى اللقاء .
يلاحظ من خلال ما يطرحه الكثير من كتاب الأعمدة الصحفية وبالأخص كتاب اليوميات,أن الكتابة تتحول بالنسبة إليهم إلى استهلاك كتابي يهدف من وراءه إلى تعبئة الفراغ والحرص على التواجد دون أن يكون هناك هم أو قضية تستحق الطرح..ما هو رأيكم في ذلك؟ .
أنت تعلم أن المتابعة الصحفية عمل مرهق ، ومهما كانت قدرة الكاتب ومتابعته وأفكاره ستجد أنه يتعب ويمل ، وهذا يتجلى فيما يكتب . ولكن الكتاب متفاوتون في هذا بحسب القدرات والمواهب .واليوم مع الانفتاح المعرفي صار لدى كثير من الناس أحكام عامة بأن كثيرا مما يكتب لا جديد فيه , وهذا حكم عام لا يقبل على إطلاقه .
الإنتاج العلمي للدكتور صالح
الغموض والبلاغة العربية .
مآخذ البيانيين على النص الشعري حتى نهاية القرن الرابع الهجري – دراسة نقدية
الإيقاع والدلالة .
بلاغة الرؤيا الشعرية .
إشكالية الاحتذاء في المعنى الشعري .
سفينة تبحر في شرارة – في الرؤيا الجديدة للعالم عند أدو نيس .
الغموض في القصيدة العربية الجديدة .
جماليات القلب في البلاغة العربية .
المصباح والصولجان – في نقد الأكاديميين السعوديين للشعر السعودي ( الغذّامي والحامد ) .
اللغة الكونية – في الفكر الشعري لبائية ذي الرُّمة .
العقل المستعار – في إشكالية المنهج في النقد العربي الحديث – المنهج النفسي نموذجاً .
مستويات الكلام البليغ عند عبد القاهر الجرجاني .
سياسة البلاغة عند عبد الحميد الفراهي .
الفلسفة الجمالية عند حمزة شحاتة .
البحث عن الجوهر – قراءة في قصيدة أبيس لحمزة شحاتة
الخروج من ثقب الإبرة _ قراءة في ثقافة الخوف ..
البحث عن الكنز المدفون – غموض الرؤية أو عجز التخطيط .
الباحة سيرة وعي : قراءة في ثقافة القبيلة .
جمهرة البلاغة قراءة وتقديم .
جماليات القناع في القصيدة السعودية الحديثة سحيم القصيبي .
ملامح المستقبل في خطابنا الثقافي .
عبد الوهاب المسيري الفلسفة والمنهج .
البلاغة والفنومنولوجيا.
الإبداع الشّعري للدكتور صالح
فصولٌ من سيرة الرّماد - نادي القصيم الأدبي 1419 ه .
حارس الكلأ المباح - نادي الباحة الأدبي 1419 ه .
ستذكرون ما أقول لكم - نادي جازان الأدبي 1420 ه .
أبكم مهمّتُه الكلام .
ورقة من سِفْر الرؤيا .
الحروفُ لها أجنحة.
الدراسات النقدية عن التجربة الشعرية للدكتور صالح
كتب عنه عدد كبير من النقاد العرب والسعوديين مثل :د: حسن الهويمل ، د: ناصر الرشيد ، أ : عبد الله الشريف ، أ : عبد الرحمن المالكي ، د : أحمد حنطور ، د : زهير المنصور ، د : محمد الشنطي ، د: صلاح إبراهيم ، د : شوقي أبو زهره ، د : عبد الحميد القط ، د : فوزي خضر ، د : جودت كساب . وعرض كثير من الباحثين في الأدب السعودي المعاصر لتجربته الشعرية .
- يترجم عدد من قصائده إلى الفرنسية والإنجليزية ضمن مشروع وزارة الثقافة والإعلام لترجمة الشعر السعودي المعاصر .
_ دراسة مطولة بعنوان رثائيات الفارس المغيب ومقوماتها الفنية في شعر صالح الزهراني د : كاميليا عبد الفتاح
- رسالة ماجستير بجامعة مؤتة : شعر صالح الزهراني _ الأسلوب والمضامين . فهد البقمي .
- رسالة ماجستير تحت التسجيل بجامعة الملك خالد : شعر صالح الزهراني _ الرؤية والأداة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.