تحرص الكثير من دول العالم على محاربة جرائم الفساد؛ لأنها تدمر التنمية الوطنية، حيث تنفق أموال الدول دون فائدة حقيقية مقابل منفعة بعض المستفيدين، وجريمة الفساد يرتبط وجودها في الطبيعة البشرية ببعض المسببات مثل وجود نوع من الخلل والفساد في عقيدة الإنسان وأفكاره وأخلاقه وفطرته وضعف التشريعات والعقوبات، ورغم قدم الصراع بين الخير والشر واختلافه باختلاف الأزمنة والمجتمعات، إلا أن بعض الشعوب لا تزال تظن أنه عندما يتحكم الفساد في بلد ما ويكون هو الأصل والنظام استثناء فإن محاربة الفساد تصبح نوعا من المهمة المستحيلة. والمملكة العربية السعودية نجحت بفضل الله، ثم بوجود قيادة سياسية حكيمة تمتلك القدرة والإرادة الجادة والرؤية الواضحة والعزيمة القوية لمحاربة الفساد الإداري والمالي وتعزيز الشفافية من خلال جهود الإصلاح التي طالت جميع مفاصل الدولة ضمن رؤية 2030، وهذه الجهود العظيمة بدأت بالجانب الوقائي بالتوعية ورفع ثقافة النزاهة في المجتمع وتطوير آليات الرقابة ورصد مؤشرات الفساد، وتحديث الأنظمة والتشريعات وأغلاق الثغرات التي قد تكون سببا في حدوث جرائم الفساد المالية والإدارية مثل تجريم الرشوة والاختلاس في القطاع العام والخاص وغير ذلك، وانتهاء بالجانب العلاجي الذي يتولى مهمة التحقيق ومعاقبة مرتكبي جريمة الفساد باعتباره فعل إجرامي وخيانة للأمانة. وهذه الجهود المباركة أكسبت المملكة العربية السعودية احترام دول العالم والمؤسسات والمؤشرات الدولية التي تُعنى بمكافحة الفساد على مستوى العالم، حيث حققت المملكة مركزا متقدما في دول مجموعة العشرين كنتيجة طبيعية لجهود محاربة الفساد وتعزيز الشفافية وتطوير التنظيمات القانونية التي تهدف إلى إيجاد قطاعات خالية من الفساد، دون التأثير في الوقت نفسه على زيادة وجودة الإنتاجية في كافة القطاعات الحكومية والاقتصادية والتنموية، إضافة إلى ما تتمتع به المملكة العربية السعودية من استقرار سياسي واقتصادي واجتماعي ووضع استثماري قوي وناجح يستقطب الكثير من الاستثمارات الأجنبية والشركات العالمية، ويعيش فيها ملايين الوافدين الذين يتمتعون بحق العمل والحياة الكريمة ويشاركون في تنمية بلدانهم بتحويلاتهم المالية، وتساعد المملكة الدول النامية والمتضررة وتنصر المستضعفين وتستقبل اللاجئين داخلياً، وتدعمهم خارجياً. وحيث إن ركائز رؤية المملكة العربية السعودية 2030 (مجتمع حيوي، اقتصاد مزدهر، وطن طموح)، ورغم ما يمر به العالم من أزمات سياسية وفترات اقتصادية غير ملائمة، فقد تخطت المملكة الأزمات الحالية والتحديات المستقبلية بإذن الله، ثم بعزم قيادتها الحكيمة ومواطنيها الأوفياء من خلال تعزيز وتحفيز وتنويع الإيرادات المالية غير النفطية بعيدا عن تقلبات أسواق الطاقة وتحقيق النمو الاقتصادي والاستدامة المالية كخيار استراتيجي للبقاء ضمن الأقوياء!. ونخلص إلى أن جهود المملكة العربية السعودية الرامية لاجتثاث الفساد المالي والإداري والتطرف الفكري من جذوره محل تقدير وثناء على المستوى المحلي والدولي، باعتبار جرائم الفساد باختلاف أنواعها آفة مدمرة للاقتصاد والأخلاق والمجتمع وعدالة تكافؤ الفرص، وهذه الجهود المباركة والمتواصلة ستعود على الوطن والمواطن والمستثمر والمقيم والزائر بالخير الكبير من خلال اقتصاد مزدهر وبيئة آمنة وجاذبة للاستثمارات، ومجتمع حيوي وفاعل وواع للتحديات، لتبقى مكانة هذا الوطن الطموح عالية بإذن الله تعالى. * المستشار القانوني