أقرت الكثير من الدراسات بالآثار الاقتصادية السلبية للمخدرات على الدول وعلى التنمية والنشاط الاقتصادي وزيادة مستويات البطالة والإنفاق العام وحجم عمليات غسل الأموال، وكذا مساهمتها في تشجيع تهريب العملة الصعبة إلى الخارج وحدها من قيمة الادخار والاستثمار الداخل في تكوين الناتج المحلي، وزيادة الجريمة ونفقات الأمن، وارتفاع كلفة النظام الإصلاحي، والصحي، وتدني مستوى الدخل للفرد والأسرة، وغيرها الكثير من الآثار المدمرة لتفشي المخدرات في المجتمعات. وتأتي الحرب على مشكلة تعاطي المخدرات بالمملكة بتوجيه وإشراف من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله- وبمتابعة من صاحب السمو الملكي وزير الداخلية الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف، استمراراً لتحقيق مستهدفات رؤية 2030 والمعتمدة على ثلاثة محاور رئيسة: المجتمع الحيوي، الاقتصاد المزدهر والوطن الطموح، وهذه المحاور تتكامل وتتّسق مع بعضها في سبيل تحقيق أهداف رؤية المملكة. "الرياض" في الجزء الثاني من ملفها "الحرب على المخدرات" تتناول مستهدف الاقتصاد المزدهر أحد مستهدفات رؤية المملكة 2030 وارتباطه بموضوع الحملة على المخدرات والتي أعلنتها المملكة مؤخراً على المخدرات، حيث أقرت الكثير من الدراسات بالآثار الاقتصادية السلبية للمخدرات على اقتصاد الدول وتأثيرها السلبي على التنمية والنشاط الاقتصادي وزيادة مستويات البطالة والإنفاق العام وحجم عمليات غسل الأموال، وكذا مساهمتها في تشجيع تهريب العملة الصعبة إلى الخارج وحدها من قيمة الادخار والاستثمار الداخل في تكوين الناتج المحلي، المستوجبة للحرب على المخدرات والقضاء عليها. المملكة قوة استثمارية رائدة ولقد أنعم الله على المملكة بمقومات جغرافية وحضارية واجتماعية وديموغرافية واقتصادية عديدة، تمكنها من تبوؤ مكانة رفيعة بين الدول القيادية على مستوى العالم، ولبناء مستقبل أفضل للوطن ارتكزت رؤية المملكة على ثلاث ركائز تمثل مزايا تنافسية فريدة من نوعها، إن مكانة المملكة مكنها من القيام بدورها القيادي في قلب الدول العربية والإسلامية، وفي الوقت نفسه، ستستخدم المملكة قوتها الاستثمارية لبناء اقتصاد متنوع ومستدام، كما ستستغل المملكة موقعها الاستراتيجي الذي يربط القارات الثلاث: أفريقيا وآسيا وأوروبا، لذا تعتمد رؤيتنا على ثلاثة محاور وهي: المجتمع الحيوي والاقتصاد المزدهر والوطن الطموح، وهذه المحاور تتكامل وتتّسق مع بعضها في سبيل تحقيق أهداف رؤية المملكة. ارتفاع الجريمة ونفقات الأمن وكلفة النظام الإصلاحي مستهدف الاقتصاد المزدهر وتعدّ مهارات وقدرات أبناء المملكة من أهم مواردها وأكثرها قيمة، لذا ستسعى المملكة إلى تحقيق الاستفادة القصوى من طاقاتهم من خلال تبنّي ثقافة التقدير وإتاحة الفرص للجميع وإكسابهم المهارات اللازمة التي تمكّنهم من السعي نحو تحقيق أهدافهم، ولتحقيق هذه الغاية، سوف تعزز المملكة من قدرة الاقتصاد على توليد فرص عمل متنوعة، كما ستفتح فصلاً جديداً في استقطاب الكفاءات والمواهب العالمية، إضافةً إلى أن الانفتاح على التجارة والأعمال سيمكن المملكة من زيادة الإنتاج وتسهيل طريقها لتكون من أكبر الاقتصادات في العالم، وستعمل المملكة على تحسين بيئة الأعمال وإعادة هيكلة المدن الاقتصادية وتأسيس مناطق خاصّة وتحرير سوق الطاقة بما يسهم في رفع تنافسيته والتوسع في الاستثمار في قطاعات إضافية. إطلاق إمكانات القطاعات وبلغ متوسط نمو الاقتصاد السعودي خلال ال(25) سنة الماضية أكثر من (4 %) سنوياً، مما أسهم في توفير ملايين الوظائف وتعد المملكة من أقوى (20) اقتصاداً على مستوى العالم، إلاّ أنها تطمح للأكبر، حيث ستسعى إلى أن تتبوأ مكانةً أكثر تقدماً بحلول عام (1452ه - 2030م)، بالرغم من التباطؤ الاقتصادي العالمي، وهذا سيتطلب من المملكة الاستثمار في جميع مواردها من أجل تنويع الاقتصاد وإطلاق إمكانات القطاعات الاقتصادية الواعدة، وخصخصة عدد من الخدمات الحكومية، وتبنت المملكة أسلوب التخطيط الشامل منذ بداية عهدها بالخطط الخمسية، لكونه الإطار الأمثل لتوجيه مسارات التنمية نحو أهداف متسقة ومتكاملة، وراعى هذا التخطيط التنموي تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على القيم والموروثات العظيمة وتم التحرك خلال خطط التنمية المتعاقبة وفق نهجٍ علمي أتاح الاستخدام الرشيد للموارد الوطنية، وهو ما مكّن المملكة من تحقيق تطورات كبيرة، جسدها الارتفاع الكبير الذي شهدته بمختلف مؤشرات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأعلنت المملكة عن الكثير من البرامج والمشاريع لتحقيق مستهدف الاقتصاد المزدهر ومن ذلك برنامج صندوق الاستثمارات العامة وبرنامج الإسكان وبرنامج خدمة ضيوف الرحمن، وبرنامج الاستدامة المالية، وكذلك برنامج جودة الحياة، وبرنامج التحول الوطني، وبرنامج التخصيص، وبرنامج تحول القطاع الصحي، وبرنامج تطوير القطاع المالي، وبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، وجميع هذه البرامج الجبارة لا تتحقق بوجود المخدرات في المجتمع، لذا انطلقت حملة المملكة على الحرب على المخدرات. قوى بشرية ومادية كبيرة وأكدت غالبية الدراسات المتعلقة بالآثار الاقتصادية على الدول ومن أبرزها الدراسة الصادرة عن مركز المعلومات الجنائية لمكافحة المخدرات لمجلس التعاون لدول الخليج العربية من إعداد الدكتور خالد المهندي أنه باعتبار الفرد لبنة المجتمع وإنتاج الفرد يؤثر بدوره على إنتاجية المجتمع الذي ينتمي إليه، فمتعاطي المخدرات لا يتأثر وحدة بانخفاض إنتاجيته في العمل، لكن إنتاج المجتمع أيضاً يتأثر في حالة تفشي المخدرات وتعاطيها، فالظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تؤدي إلى تعاطي المخدرات تؤدي إلى انخفاض إنتاجية قطاع من الشعب العام، فتؤدي أيضاً إلى أنماط أخرى من السلوك تؤثر على إنتاجية المجتمع، ومن الأمثلة على ذلك السلوك كتشرد الأحداث وإجرامهم والدعارة والرشوة والسرقة والفساد والمرض العقلي والنفسي والإهمال واللامبالاة، وأنواع السلوك هذه تأتيها مجموعة من الأشخاص في المجتمع ولكن أضرارها لا تقتصر عليهم فقط، بل تمتد وتصب في المجتمع بأسره وجميع أنشطته، وهذا يعني أن متعاطي المخدرات لا يتأثر وحده بانخفاض إنتاجيته في العمل، لكنه يخفض إنتاجية المجتمع بصفة عامة، وذلك للأسباب التالية، وهي انتشار المخدرات والاتجار بها وتعاطيها، مما يؤدي إلى زيادة الرقابة من الجهات الأمنية، حيث تزداد قوات رجال الأمن ومطاردة المهربين والسجون والمحاكم والعاملين في المصحات والمستشفيات، ومطاردة المهربين للمخدرات والمروجين ومحاكمتهم وحراستهم في السجون ورعاية المدمنين في المستشفيات تحتاج إلى قوى بشرية ومادية كبيرة للقيام بها، وكذلك يعني أنه لو لم يكن هناك ظاهرة للتعاطي والاتجار وانتشار وترويج المخدرات لساعدت تلك القوات إلى الاتجاه نحو إنتاجية أفضل ونواحٍ صحية وثقافية بدلاً من بذل الجهود للقيام بمطاردة المهربين والمروجين والمتعاطين ومحاكمتهم ورعاية المدمنين وعلاجهم. تدني مستوى الدخل للفرد والأسرة وضعف الإنتاجية في المجتمع إعاقة تنمية المهارات العقلية ويؤدي تعاطي المخدرات وانتشارها إلى خسائر مادية كبيرة بالمجتمع ككل، وتؤثر عليه وعلى إنتاجيته، وهذه الخسائر المادية تتمثل في المبالغ التي تنفق وتصرف على المخدرات ذاتها، فمثلاً إذا كانت المخدرات تزرع في أراضي المجتمع الذي تستهلك فيه، فإن ذلك يعني إضاعة قوى بشرية عاملة وإضاعة الأراضي التي تستخدم في زراعة هذه المخدرات بدلاً من استغلالها، أمّا إذا كانت المخدرات تهرب إلى مجتمع المستهلك للمواد المخدرة، فإن هذا يعني إضاعة وإنفاق أموال كبيرة ينفقها أفراد المجتمع المستهلك عن طريق دفع تكاليف السلع المهربة بدلاً من أن تستخدم هذه الأموال فيما يفيد المجتمع كالتعليم أو الصحة، إن تعاطي المخدرات يساعد على إيجاد نوع من البطالة وذلك لأن المال إذا استغل في المشاريع العامة النفع يتطلب توفر أيدٍ عاملة، وهذا يسبب للمجتمع تقدماً ملحوظاً في مختلف المجالات، ويرفع معدلات الإنتاج، أما إذا استغل هذا المال في الطرق غير المشروعة كتجارة المخدرات، فإنه لا يحتاج إلى أيدٍ عاملة؛ لأن ذلك يتم خفية عن أعين الناس بأيدٍ عاملة قليلة جداً. ومن الآثار الاقتصادية للمخدرات أن الاستسلام للمخدرات يجعل مستخدمها يركن إليها، وبالتالي فهو يضعف أمام مواجهة واقع الحياة، الأمر الذي يؤدي إلى تناقص كفاءته الإنتاجية فيها ويعوقه عن تنمية مهاراته وقدراته، وكذلك الاستسلام للمخدرات يؤدي إلى إعاقة تنمية المهارات العقلية، والنتيجة هي انحدار إنتاجية الشخص، وبالتالي المجتمع الذي يعيش فيه كماً وكيفاً. كساد وتخلف وفوضى ومن آثار المخدرات الاقتصادية أثرها على الأمن العام مما لا شك فيه أن الأفراد هم عماد المجتمع، فإذا تفشت المخدرات وظهرت بين الأفراد انعكس ذلك على المجتمع فيصبح مجتمعاً مريضاً بأخطر الآفات، يسوده الكساد والتخلف وتعمه الفوضى ويصبح مجتمعاً مريضاً بأخطر الآفات، ويصبح فريسة سهلة للأعداء للنيل منه وفي عقيدته وثرواته، فإذا ضعف إنتاج الفرد انعكس ذلك على المجتمع وأصبح خطراً على الإنتاج والاقتصاد القومي، إضافةً إلى ذلك هناك ما هو أخطر وأشد وبالاً على المجتمع نتيجة لانتشار المخدرات التي هي في حد ذاتها جريمة، فإن مرتكبها يستمرئ لنفسه مخالفة الأنظمة الأخرى فهي بذلك المخدرات الطريق المؤدي إلى جرائم أخرى. جهود وطنية جماعية ومن خلال وضوح الآثار الاقتصادية لتعاطي المخدرات على الفرد والمجتمع، ونجاح المملكة في حربها على تجار المخدرات دولياً ومحلياً تكون -بإذن الله- حققت مبادئ الرعاية الاجتماعية، ونجحت في بناء مجتمع قوي ومنتج، وعززت دور الأسرة في قيامها بمسؤولياتها، ونجحت في توفير التعليم القادر على بناء شخصية الأطفال، وساهمت في إرساء منظومة اجتماعية وصحية، إضافةً إلى بناء وطن مبني على الجهود الوطنية الجماعية بمساهمة جميع المواطنين فيه، وتم إنجاح برنامج جوده الحياة الذي بدأت المملكة في تحقيقه ضمن مستهدف «بناء المجتمع الحيوي» من خلال تحسين جودة حياة الفرد والأسرة، وتهيئة البيئة اللازمة لدعم واستحداث خيارات جديدة تُعزّز مشاركة المواطن والمقيم والزائر في الأنشطة الثقافية والترفيهية والرياضية والسياحية والأنماط الأخرى الملائمة التي تساهم في تعزيز جودة حياة الفرد والأسرة، وتوليد الوظائف، وتنويع النشاط الاقتصادي، وتعزيز مكانة المدن السعودية في ترتيب أفضل المدن العالمية بإذن الله تعالى. الحد من ارتكاب الجرائم كذلك تكون المملكة حدت من الآثار الاقتصادية لتعاطي المخدرات في المجتمع، والتي كان من أبرزها قلة الإنتاجية وهجرة الأموال دون عوائد، وبالقضاء على المخدرات يتم الحد من مشكلة زيادة الفقر، حيث يعد تعاطي المخدرات من أسباب الفقر والحاجة والضائقة المالية لكثير من الأسر، والحد أيضاً من مشكلة ترك العمل وتقليل نسبة البطالة في المجتمع، والحد من ارتكاب الجرائم بأنواعها كجرائم السرقة، النهب، التزوير، والقتل بغرض الحصول على المال لشراء المخدرات، وبمحاربة المخدرات نكون عملنا على المحافظة على الوضع الاقتصادي الناتج بسبب كثرة التهريب، وهجرة العملة الصعبة دون عوائد أو فائدة، وكذلك ساهمنا بالقضاء على المخدرات في رفع الإنتاجية للأفراد، وبالتالي رفعنا مستوى الدخل وقللنا من تكاليف المعيشة والحد من تردي مستواها بين طبقات المجتمع، إلى جانب أنه بالقضاء على المخدرات يتم منع اختلال الأمن، حيث قد يؤدي التعاطي إلى الثراء غير المشروع للمهربين والمروجين في مقابل ضعف اقتصاد الدولة وزيادة الفروق الاجتماعية بين أفراد المجتمع، ويؤدي إلى نقص إيرادات الخزانة العامة من الرسوم والضرائب، وينعكس ذلك في اختلال الأمن، وفي فرض ضغوط اقتصادية على العملة المحلية. ارتفاع كُلفة النظام الإصلاحي - السجون ضبط كميات كبيرة من المخدرات يؤكد أهمية الحذر والتوعية القبض على المهربين وتقديمهم للعدالة ارتفاع نفقات الرعاية الصحية والطبية للمدمنين انخفاض كفاءة الأداء في العمل ثم ضعف الإنتاجية د. مناحي الشيباني