ليلى الدوسري: دور الأدب في تعزيز القيم الثقافية والتربوية للأطفال ندى المواش: من الشغف بالكتب إلى التأثير الرقمي على منصات التواصل الاجتماعي ريم السالم: ا لتحديات الثقافية في نقل الأدب السعودي إلى اللغات الأخرى ليلى العساف وناديها النسائي: بناء مجتمع قارئ من السيدات أريج العواد: تأثير تقنيات الذكاء الاصطناعي على تصميم الكتب في السنوات الأخيرة، شهدت المملكة حضورًا متزايدًا للمرأة السعودية في مختلف المجالات الثقافية والأدبية، حيث أصبحت تلعب دورًا محوريًا في إثراء المشهد الأدبي والترويج للقراءة. في هذا التقرير الميداني، نستعرض جوانب متعددة من مساهمات النساء السعوديات في عالم الأدب والثقافة، بدءًا من إسهامات الكاتبة ليلى الدوسري في أدب الطفل، وصولًا إلى تأثير المؤثرات السعوديات على وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الكتب والمحتوى الأدبي. كما نلقي الضوء على تجربة نادي القراءة النسائي الذي تقوده ليلى العساف، والذي يعزز ثقافة القراءة لدى النساء. بالإضافة إلى ذلك، نعرض مسيرة أريج العواد، التي برزت في مجال تصميم أغلفة الكتب، وتحدثنا عن كيفية استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في إبداعاتها الفنية. يتناول التقرير أيضًا دور المترجمة السعودية ريم السالم في نقل الأدب السعودي إلى العالم، وكيفية إسهامها في فتح آفاق جديدة للكتاب السعوديين. وفي نهاية التقرير، نرصد تفاعل النساء السعوديات في معرض الرياض الدولي للكتاب، واهتماماتهن المتنوعة بين الأدب، العلوم، والتنمية الاجتماعية، ما يعكس اتساع الأفق الثقافي وتطور دور المرأة السعودية في المجتمع. غياب أدب الطفل مؤخراً، برزت العديد من النساء السعوديات كمؤلفات رائدات في مجال أدب الطفل، ساعيات إلى تقديم محتوى هادف يجمع بين المتعة والتربية. في هذا التقرير، نسلط الضوء على إسهام الكاتبة السعودية ليلى الدوسري، التي نجحت في الوصول إلى قلوب الأطفال عبر أعمالها الأدبية. في لقاء خاص معها، تحدثت ليلى عن بدايتها قائلة: «بدأ اهتمامي بأدب الطفل عندما لاحظت غياب القصص التي تعبر عن بيئتنا وثقافتنا المحلية. لذلك قررت تأليف قصص للأطفال مستوحاة من تراثنا، مع مراعاة القيم الأخلاقية والتربوية». وأضافت: «أرى أن كتابة أدب الطفل مسؤولية كبيرة؛ فهي تسهم في تشكيل وعي الأطفال منذ الصغر، ولذا أسعى دائمًا لتقديم قصص تعليمية بأسلوب مبسط ومشوق». كما أشارت ليلى إلى أن ردود الفعل من الأمهات والآباء كانت إيجابية للغاية، إذ لاقت كتبها قبولًا واسعًا بين الأطفال. وأكدت أن المرأة السعودية اليوم تلعب دورًا محوريًا في دعم ثقافة القراءة لدى الأطفال، سواء من خلال الكتابة أو المبادرات التعليمية التي تركز على تشجيع القراءة في سن مبكرة. ختامًا، أكدت الكاتبة أن طموحها هو أن ترى أجيالًا من الأطفال يكبرون وهم يحبون القراءة، ويستمدون منها قيمًا ومهارات تعينهم على مواجهة تحديات المستقبل. منصات ترويج الكتب في السنوات الأخيرة، شهدت الساحة السعودية ظهور عدد كبير من المؤثرات اللواتي استغللن منصات التواصل الاجتماعي للترويج للكتب والمحتوى الأدبي. التقيت بالمؤثرة السعودية ندى الموَّاش، التي تعد من أبرز الأسماء في هذا المجال، إذ تتمتع بشعبية كبيرة بين عشاق القراءة، حيث يصل عدد متابعيها على منصات التواصل إلى مئات الآلاف. تحدثت ندى عن بداية رحلتها في الترويج للكتب، مشيرة إلى أن شغفها بالقراءة هو ما دفعها إلى مشاركة تجاربها مع جمهورها. تقول ندى: «لطالما كنت قارئة نهمة، وحين بدأت بمشاركة ملخصات الكتب والانطباعات عنها، لاحظت تفاعلًا كبيرًا من المتابعين. وجدت أن هناك عطشًا لمحتوى أدبي موثوق، وخاصة من مصادر محلية.» ندى تستعرض عادةً الكتب الأدبية والروايات، إلى جانب الكتب الفكرية والاجتماعية. كما تقوم بتقديم ترشيحات شهرية لمتابعيها مع مراجعات تفصيلية حول مضمون الكتاب، سواء كانت رواية عربية معاصرة أو عمل أدبي مترجم. وتضيف: «أحاول أن أقدم تنوعًا في الاختيارات لتشمل كتبًا تناسب مختلف الأذواق، فبعض المتابعين يفضلون الأدب الكلاسيكي، بينما يميل آخرون إلى الأدب الحديث أو كتب التنمية الذاتية.»وعن تفاعل جمهورها مع هذه الترشيحات، أوضحت ندى أن التأثير الذي تلحظه كبير للغاية. فقد أصبحت توصياتها الأدبية مرجعًا للعديد من المتابعين، وتقول إن بعض الكتب التي تروج لها عبر منصاتها تشهد ارتفاعًا في المبيعات بعد نشر مراجعتها. تضيف: «كثيرًا ما أجد رسائل من المتابعين الذين يشاركونني آراءهم حول الكتب التي رشحتها، ويطلبون المزيد من التوصيات بناءً على تفضيلاتهم الشخصية.» ندى تشير أيضًا إلى أن منصات التواصل الاجتماعي أصبحت وسيلة فعالة لتشجيع القراء الجدد على الانخراط في عالم الأدب. وتؤكد: «كثير من الأشخاص يأتون إليّ ويقولون إنهم لم يكونوا من محبي القراءة، لكن من خلال توصياتي وجدوا كتبًا تناسب اهتماماتهم وبدأوا بتبني القراءة كعادة يومية.»في النهاية، ترى ندى أن التأثير الإيجابي للمؤثرات السعوديات في الترويج للكتب يساهم في تعزيز ثقافة القراءة في المجتمع السعودي، وهو أمر حيوي في ظل التطور التكنولوجي الحالي. وتوضح: «المؤثرات يلعبن دورًا أساسيًا في ربط القراء بالكتب المناسبة لهم، ويعملن على تسهيل الوصول إلى المعرفة والأدب من خلال منصات التواصل الاجتماعي.» مجتمع قارئ وفي إحدى زوايا المعرض، التقيت بالسيدة ليلى العساف، وهي إحدى السعوديات المبدعات اللاتي يقدن مبادرات لتعزيز ثقافة القراءة بين النساء في المجتمع. أسست السيدة ليلى ناديًا نسائيًا يُعقد شهريًا، حيث يجتمعن السيدات المهتمات بالقراءة لمناقشة كتاب محدد تم اختياره مسبقًا. تقول العساف إن هدف هذه المبادرة هو تشجيع القراءة كعادة مجتمعية، وخاصة بين النساء اللاتي غالبًا ما تكون لديهن مسؤوليات أخرى تشغلهن عن هذه الهواية المهمة. يتم خلال الاجتماعات تبادل الأفكار حول الكتاب، وتحليل الشخصيات والأحداث، ومراجعة النقاط الأساسية التي تثير اهتمام الحاضرات. بالإضافة إلى النقاشات الأدبية، يُقدم النادي فرصة لتعزيز الروابط الاجتماعية بين النساء، ما يسهم في بناء مجتمع قارئ ومثقف. تتميز هذه المبادرة بأنها تخلق مساحة حرة للسيدات للتعبير عن آرائهن بحرية، ومشاركة تجاربهن الشخصية مع الكتب، ما يساعد في تعزيز الانفتاح الفكري وتوسيع آفاق التفكير. الغلاف مرآة للكتاب وفي أحد الأركان كانت اريج العواد، التي تعمل في تصميم أغلفة الكتب. تقوم بتصوير أحد الكتب المعروضة بأحد الأجنحة، بدأت أريج مسيرتها في هذا المجال منذ خمس سنوات، حيث لطالما كانت شغوفة بالفن والرسم منذ الصغر. وقد وجدت في تصميم أغلفة الكتب وسيلة مثالية لدمج حبها للفن مع شغفها بالقراءة. تستمد العواد أفكارها من محتوى الكتاب نفسه، حيث تقرأ أجزاء منه لتفهم الرسالة التي يرغب الكاتب في إيصالها، ثم تقوم بترجمة تلك الفكرة إلى تصميم بصري. مؤخراً، بدأت أريج بإدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي في عملية التصميم، مما ساعدها على استكشاف أفكار جديدة وتسريع تنفيذ التصاميم المعقدة. تقول إن بعض التصاميم تتطلب أسبوعًا كاملًا من العمل لتكون متقنة، بينما قد تستغرق بعض الأغلفة البسيطة يومين إلى ثلاثة أيام.تشير العواد إلى أن عملها تطور مع مرور الوقت، وأنها بدأت في البداية بتصميم أغلفة لأحدى صديقاتها بشكل مجاني، ثم لفتت أنظار دور النشر إلى مهاراتها، ما جعلها تتعاون مع عدد من الكتّاب المحليين والدوليين. ترى اريج أن التصميم ليس مجرد صورة على غلاف الكتاب، بل هو مرآة تعكس روح الكتاب وتشد القارئ لاقتنائه. الحفاظ على روح النص وفي أحد الأجنحة، التقيت بالمترجمة السعودية ريم السالم، التي أسهمت بشكل كبير في نقل الأدب السعودي إلى الساحة العالمية من خلال ترجمة العديد من الأعمال الأدبية من وإلى اللغة العربية. ريم، الحاصلة على درجة الماجستير في الترجمة الأدبية، لديها شغف قوي باللغات والثقافات، وهو ما دفعها لخوض تجربة الترجمة الأدبية والتخصص فيها. بدأت السالم رحلتها المهنية بترجمة أعمال أدبية عالمية إلى العربية، مما ساعد في تقديم الأدب الأجنبي إلى القارئ العربي وتعزيز التبادل الثقافي. ومع تطور مسيرتها المهنية، وجدت أن الأدب السعودي لا يزال بحاجة إلى نافذة أوسع على العالم، فقررت أن تكون جسرًا لنقل الروايات والشعر السعودي إلى لغات أخرى، مما يسهم في تعريف القراء الدوليين بالثقافة السعودية. تقول ريم إن التحدي الرئيسي في ترجمة الأدب يكمن في الحفاظ على روح النص وأصالته، حيث تسعى جاهدة إلى تقديم النص الأدبي بأسلوب يليق باللغة الهدف دون فقدان الجوهر الثقافي. أحد أهم الأعمال التي ترجمتها كان لرواية سعودية شهيرة، وقد لقيت الترجمة استحسانًا كبيرًا في المحافل الأدبية الدولية، حيث أسهمت في فتح أبواب جديدة للكتّاب السعوديين. تؤكد ريم أن الترجمة الأدبية ليست مجرد نقل كلمات، بل هي عملية ثقافية شاملة تستلزم فهمًا عميقًا للبيئة الاجتماعية والنفسية التي يعبر عنها الكاتب. وهي تعتقد أن الأدب السعودي يحتوي على الكثير من القصص والتجارب التي يجب أن تصل إلى جمهور أوسع، وأنه من خلال الترجمة يمكن للأدب السعودي أن يزدهر عالميًا. أصبحت ريم اليوم مرجعًا مهمًا في مجال الترجمة الأدبية، حيث تعمل بالتعاون مع دور نشر دولية، وترى أن المستقبل يحمل فرصًا واعدة للأدب السعودي للوصول إلى قلوب القراء حول العالم. wتنوع وتطور ثقافي في جولة ميدانية داخل أروقة المعرض، كان لافتًا الدور الحيوي الذي تلعبه المرأة السعودية كجمهور رئيسي لهذا الحدث الثقافي البارز. الزائرات لم يكنّ مجرد متلقيات للمعرفة، بل كنّ أيضًا مساهمات في إثراء المشهد الثقافي بأفكارهن واهتماماتهن المتنوعة. خلال اللقاءات مع العديد من السيدات، اتضح أن اهتماماتهن تجاوزت حدود الأعمال الأدبية لتشمل المجالات العلمية، الاجتماعية، والتنموية، مما يعكس تنوع وتطور الأفق الثقافي لدى المرأة السعودية. في حديثي مع مريم السويد، التي تعد من عشاق الأدب، أشارت إلى أن الرواية هي نافذة تطل بها على عوالم وتجارب إنسانية متعددة. مريم، التي تقرأ بمعدل ثلاث روايات شهريًا، أوضحت أن الأدب المحلي يشكل لها جاذبية خاصة. تقول: «أرى أن الأدب السعودي يعبر عن هويتنا وقيمنا بطريقة أصبحت تنافس الأدب العالمي». وتضيف أن تفاعلها مع الشخصيات الأدبية المحلية يمنحها فرصة لفهم أعمق للواقع السعودي وتحدياته الاجتماعية والثقافية. من ناحية أخرى، جاءت نورة الشامان، الباحثة في المجال الطبي، إلى المعرض بهدف البحث عن إصدارات علمية جديدة. نورة تؤمن أن التطور المهني يتطلب مواكبة دائمة للتغيرات العلمية، وأشارت إلى أن المعرض يوفر فرصة نادرة للحصول على مراجع علمية متخصصة. قالت: «اهتمامي بالكتب العلمية ليس مجرد هواية، بل هو ضرورة لمواكبة التطورات في مجالي. أبحث دائمًا عن كتب تفتح آفاقًا جديدة في مجال الأبحاث الطبية والابتكارات العلمية». أما سارة العتيبي، فهي تفضل الكتب الاجتماعية والتنموية. تعمل سارة في مجال الموارد البشرية، وترى أن تلك الكتب تساهم في تطوير الذات وتحسين مهارات التواصل والقيادة. توضح سارة: «الكتب الاجتماعية توفر لي رؤى جديدة حول التحديات التي نواجهها في المجتمع، وتساعدني في تحسين أساليب التعامل مع الآخرين سواء على المستوى الشخصي أو المهني. أبحث عن كتب تقدم حلولًا عملية لتحسين الحياة اليومية وتعزيز دور المرأة في المجتمع».