يسود في كل عصر مهنة ترتكز عليها الأجيال في معيشتهم، حيث يتكئون عليها كدخل مادي ثابت، وتختلف المهن باختلاف العصر، فمنها مهن تعتمد على الحس الفني والموهبة، كالتطريز؛ الذي يعد من أهم الصناعات التقليدية التي اعتمدت عليها أجيال كثيرة منذ العصور القديمة حتى هذه اللحظة، حيث إنها في الوقت الحالي تشكل نسباً أقل مما كانت عليه في السابق، وعلى الرغم من ذلك فإن لها مبدعين مازالوا متمسكين بها، وتنتشر في الأسواق الشعبية أيضاً، وتعبر هذه الحرف عن التراث القديم والحضارات والبلدان، كونها تشكل تاريخاً عريقاً بين تاريخ الفنون الحرفية، وتعتبر من الصناعات التقليدية الصعبة حيث إنها تحتاج إلى مدة طويلة للتعلم وتركز على الخيال والإبداع والفن. موهبة وإلهام وفي هذا السياق تتحدث المحامية أروى الغامدي عن موهبتها في فن التطريز قائلة: "اكتشفت هذه الموهبة تحديداً قبل سنة من الآن، دون أي مقدمات كان مجرد إلهام، ففي الوقت الذي كنت أتصفح فيه مواقع التواصل الاجتماعي لفتني عمل له علاقة بالتطريز، وراودتني في لحظتها الرغبة في تجربة هذا التطريز، قمت بالبحث وبدأت خطوة بخطوة بكيفية تطريز الوردة وهي ما تسمى ب"الغرزة العنكبوتية"، الحقيقة في بداية الأمر كان بالنسبة لي غير سهل خصوصاً أنها المرة الأولى التي أطرز فيها تطريزاً يدوياً، وهذا طبيعي جداً، المدهش بالأمر أنني استمررت في التعلم رغم الأخطاء إلى أن نجحت ولله الحمد، ونميت هذه الموهبة عن طريق التغذية البصرية بالتصفح لصور التطريز، أو أتعلم غرزة جديدة إلى أن أصبحت ماهرة فيها ولله الحمد". وتضيف أروى أنه من الصعب الاتكاء على هذه المهنة في الوقت الحالي كمصدر رزق آمن، حيث تعتبره عملاً جانبياً، مع عملها الأساسي، كما تؤكد أن كثرة انشغالها لم تمنعها من ممارسة موهبة التطريز بكل شغف وحرفية. منصات داعمة وتؤكد أروى الغامدي أنه يوجد الكثير من البرامج الداعمة لهذه الهواية والتي من ضمنها، منصة العمل الحر، وأنا شخصياً قمت بإصدار وثيقة عمل حر حتى أقوم بفتح متجر لأعمالي اليدوية، كذلك المعهد الملكي للفنون التقليدية (ورث) وهي جهة تقوم بإبراز الفنون التقليدية في المملكة العربية السعودية، وتقدم ورش عمل للحرف اليدوية والأعمال الفنية، وبعد صدور قرار الموافقة السامية من مجلس الوزراء على تسمية عام 2025 ب "عام الحرف اليدوية" نتطلع لوجود اهتمام كبير في هذا الشأن. أما عن الإقبال على هذه الحرف تؤكد "في الواقع، تفاجأت بوجود إقبال الكثير، حيث يتواصل معي الكثير من المهتمين بالحرف اليدوية "التطريز" وأكثر ما يلفت إعجاب الناس هو تطريز اسم أحد أفراد أسرته في إطار مزين بخيوط من الورود وتقديمها كهدية"، وتعبر أن "هذا الأمر يسعدها كثيراً". وتختتم أروى بأن هذا المجال يعتمد بشكل كبير على الشغف، والاستمرارية ووجود دخل مادي، وهذا ما تقوم به الآن، حيث "بدأت بها كهواية أستمتع بها كثيراً حتى بدأت بنشر تلك الأعمال على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث نالت إعجاب الكثير وتفاعلوا معها، بعد ذلك بدأت أتلقى طلبات التطريز اليدوي، فالشغف والاستمرارية من أهم الركائز في هذا المجال حتى نصل إلى المراد"، كما تضيف"إنه بفضل من الله ثم دعاء والدي وصلت إلى ما وصلت له الآن، وهذه من النعم التي أشكر الله دائماً عليها".