شرطان وضعتهما للبربري لقبول انضمامه للنصر قلة باقية على قيد الحياة لا يتعدون أصابع اليد الواحدة من قدامى رموز نادي النصر ورعيله الأول من اللاعبين الذين ارتبطت أسماؤهم به منذ تأسيسه قبل 71 عاماً، متعهم الله بالصحة والعمر المديد، يعيشون اليوم في غياهب النسيان على ذكريات الماضي بعدما طواهم الزمن وضعف تواصل ناديهم معهم.. حالهم في ذلك كحال كثير من رموز الماضي وقدامى لاعبي الأندية الأخرى في زمن لم يعد فيه للوفاء مكان بابتعاد أنديتهم عنهم ولم تعد تذكرهم جماهيرهم، ولا يفلت من مسؤولية ذلك الإهمال "الإعلام الرياضي" الذي تناسى أسماءهم وغيب تاريخهم وتخلى عن نشر ذكرياتهم. الكابتن التسعيني (ابن نزهان) من بين تلك الرموز المهمشة أول كابتن في تاريخ نادي النصر ارتدى شعاره منذ عام 1375ه / 1955م الكابتن -التسعيني- عبدالله عبدالعزيز بن نزهان، ألبسه الله ثوب الصحة والعافية، الذي قدر لي زيارته لأسترجع ماضيه الرياضي وأرصد جانباً من تاريخ النصر وذكريات الأمس ل(فارس نجد)، ورفقني في الزيارة صاحب المتحف الرياضي الأستاذ منصور الدوس الذي حرص مشكوراً على تكريم (ابن نزهان) في منزله وبلمسة وفائية قدم له درع المتحف التذكاري بجانب اطلاعه على قميص نادر هو الأقدم لنادي النصر كان يرتديه (ابن نزهان) مع أول جيل مثل النصر منذ منتصف سبعينات القرن الهجري الماضي، فضلاً عن كرة قديمة مشابهة للتي كان يلعب بها أفراد النصر في تلك الحقبة. النصر ولد في بيت الجبعاء سألت أول كابتن نصراوي في مستهل الحديث عن أسماء جيل المؤسسين من رموز وشخصيات ناديه فأجابني قائلاً: «جيل تأسيس النصر عام 1375ه كان من أبناء حارة الحنبلي، الواقعة بين شارعي العطايف وآل سويلم، من أبناء الشيخ مطلق الجبعاء «زيد وحسين»، وذلك بدعم من شقيقهما الأكبر محمد -رحمهم الله- .. هؤلاء هم من قام النصر على أكتافهم، وأنا شخصياً ممن عاصروا بدايات النادي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، ورشحت كأول كابتن في تاريخ النصر. وكانت أمور أول رئيس للنادي زيد الجبعاء ميسرة من الناحية المادية، إذ كان يتحمل مسؤولية تأمين كافة احتياجات الفريق من كرات و»فانلات» وأحذية، وكان لدى أسرته الكريمة أربعة بيوت خصصوا لنا الأصغر منها ليكون أول مقر للنصر في تاريخه.. غير أن أخاهم الأكبر محمد وضع شرطاً لنا بقوله: (من يوم يؤذن العشاء وأنتم صاكين الباب وكلن يروح لبيت أهله)، وتمت الموافقة الجماعية على هذا. أول استقالة للرئيس زيد وبعد فترة اضطر زيد الجبعاء للتخلي عن رئاسة النادي بسبب ارتباطات أسرية وعملية استدعت مغادرته الرياض إلى هجرة أسرته بالقرب من الكويت. الوهيبي يدعم النادي بمرتبه الشهري ثم تعاقب على مسيرة رئاسة النصر أحمد البربري ومحمد سعد الوهيبي، أعقبهما عبدالله مختار بعد التسجيل الرسمي للنادي الذي أنهى إجراءاته الوهيبي لدى مكتب رعاية الشباب عندما كانت تابعة لوزارة المعارف عام 1380ه / 1960م، وكان الوهيبي معلماً آنذاك ورجلاً تربوياً فاضلاً بأخلاقياته العالية وتواصله مع الجميع، وكان يخصص راتبه الشهري ما بين 400 -500 ريال لتغطية مصاريف النادي. الجوكر أول المدربين وعن أول من درب النصر أوضح بن نزهان أنهم كانوا من الإخوان السودانيين، وذكر منهم أحمد الجوكر ثم عم أحمد عبدالله والد النجم الكبير ماجد عبدالله، وكان يعمل قبل مجيئه للنصر مدرباً للثغر بجدة (الأهلي) عام 1378ه / 1958م إبان فترة رئاسة الشيخ عبدالرحمن بن سعيد للأهلي إلى جانب رئاسته للأولمبي (الهلال) في الرياض. شرطان لأحمد البربري وبسؤال أول كابتن للنصر عن قصه مجيء أحمد عبدالله البربري -رحمه الله- للنصر قبل 71 عاماً أجاب: «جاء البربري لملعبنا في القشلة قبال حديقة الفوطة بالمربع، وكنت جالساً عند صندقة الملعب التي نحفظ بداخلها كوراتنا وأدواتنا الرياضية، انتظرُ مجيء بقية زملائي اللاعبين لبدء التمرين، وكان برفقته الأخوان سعد بن خليف وسعود بن جارالله، وكلاهما لعبا للنجمة فيما بعد، وطلبا من البربري الالتحاق بفريقنا، وقال: (يا عبدالله أبغى أنتمي لكم، فقلت على عيني وراسي لكن بشرطين الأول ان اسم النصر لا يتغير وشعاره الأصفر والأزرق لا يتغير أيضاً، فقال أبداً والله ما يتغير).. واستمر مع النصر حتى أخذ الله أمانته. أول جيل نصراوي وعن أول جيل من اللاعبين ارتدى شعار النصر أجاب ابن نزهان: «أذكر منهم المدافع سعود أبو حيدر وعبدالرحمن بن حوبان وعلي بن حوبان وميزر أمان وعبدالله أمان كان مهندس كورة، والاسمان الأخيران التحقا بالنصر عن طريق أحمد البربري». أبو حيدر ثاني الكباتنة ويضيف: «بعد صعود النصر لمصاف أندية الدرجة الأولى توقفت عن اللعب وانتقل شارة القيادة من بعدي إلى الراحل سعود أبو حيدر وكان مدافعاً لامعاً بمعنى الكلمة بجانب زميله الموهوب عبدالرحمن الحوبان الذي كان يمتعنا بأدائه ولمحاته الفنية التي تشبه لمحات يوسف الثنيان». (ابن سعيد) أنقذ النصر من ضائقته ومن المواقف الشهمة التي يتذكرها أول كابتن لنادي النصر باعتزاز عن مؤسس الهلال الشيخ عبدالرحمن بن سعيد -رحمه الله- قوله: «تراكمت علينا إيجارات مقرنا في شارع السويلم ولم نستطع سدادها خلال ثلاث سنوات، إذ لم تكن لدينا القدرة المادية آنذاك وبلغت 600 ريال، وكان صاحب المقر يتردد علينا مبدياً استعداده للتنازل عن الإيجار مقابل إخلائنا المقر، ولم أجد أمامي غير (أبو مساعد) فذهبت إليه وشرحت له معاناتنا والضائقة المالية التي أدت إلى ارتفاع فاتورة الإيجار، وبادرني ابن سعيد بطلب إحضاري أحمد البربري، فضحكت لهذا الطلب وقلت: (يعني ما تصدقني يا أبو مساعد؟)، ولم يرد، وحين أحضرت البربري سأله أبو مساعد عن صحة مبلغ الإيجار، فأجابه بنعم، عندها التفت إلي ابن سعيد قائلاً: (أجل خذ هذا المبلغ 600 ريال يا عبدالله). وحين ذهبت لتسديد الإيجار المتأخر استغرب مالك المقر وسألني ممن أحضرت المبلغ؟ فأجبته أعطانا إياه عبدالرحمن بن سعيد، فضحك قائلاً: (هذا الذي ضيع حلال أبوه). عبدالرحمن بن سعود انتشل النصر لقد كنا نواجه صعوبات قاسية وأمورنا المالية متردية كانت تعيق مسيرة نادينا كثيراً في تلك الحقبة حتى جاء طيب الفال والرمز الأول الأمير عبدالرحمن بن سعود -رحمه الله- وأنقذ النصر من الهاوية بدعمه السخي وإدارته المحنكة. مواقف شهمة لرجال التاريخ حقيقة مثل تلك المواقف الرجولية الشهمة لا يعرفها الكل وتستحق أن نذكرها للتاريخ، ولا أنسى جميل ماضينا الرياضي، إذ كان المنتسبون للأندية بعيدون عن التعصب وروحهم مع بعضهم كانت قوية ويقفون معاً في أزماتهم والتقارب كان متيناً بين رجالات الأندية، ولم يكن هناك حساسية وتعصب مقيت كما نرى اليوم زاد عن حده وخلفه أشخاص دخلاء على الوسط الرياضي شوهوا صورة ذلك التنافس التقليدي الرائع بين النصر والهلال، وزرعوا بذور البغضاء والكراهية والتشكيك والإساءة للرموز واللاعبين. ثاني رؤساء النصر أحمد البربري -رحمه الله- رمز النصر الأول الأمير عبدالرحمن بن سعود -رحمه الله- مع أخيه الأمير نايف بن سعود صورة نادرة لفريق النصر بعد صعوده للدرجة الأولى وفوزه بأول بطولة في تاريخه عام 1383ه (ابن نزهان) مع أقدم قميص للنصر منذ السبعينات الهجرية يحمل توقيعه في لقطة تذكارية مع المحرر المتحف الرياضي لمنصور الدوس يكرم أول كابتن للنصر في منزله عبدالله بن نزهان مع محمد الوهيبي رئيس النصر الذي سجله رسمياً في عام 1380ه عبدالله بن نزهان يوقع على كرة قديمة للنصر في السبعينات الهجرية وبجانبه ابنه عبداللطيف بوابة مقر النصر في شارع السويلم الذي سدد إيجاره مؤسس الهلال قائد النصر أحمد الدنيني وكابتن الهلال سلطان مناحي -رحمهما الله- بملعب الصايغ 1386ه الشيخ عبدالرحمن بن سعيد -رحمه الله- سدد إيجار مقر النصر لثلاث سنوات